كورونا والخلل السكاني الخليجي
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
لماذا هذا التكدس السكاني، غير الصحي، في مناطق عديدة من عواصمنا، مع توافر آلاف المباني السكنية المهيأة للإيجار؟! ولماذا العشوائيات المشوهة في قلب عواصمنا، وأرض الله واسعة؟! إنها أحد التداعيات المترتبة على الإخلال بالتركيبة المجتمعية، ينبغي على حكوماتنا المسارعة لتصحيحها! الكويت بدأت حملة إجلاء للعمالة المخالفة والسائبة والمتسولة ومن لا عمل له، ومنحهم تذاكر مجانية خطوة تصحيحية للخلل، تستحق الإشادة والاقتداء من حكوماتنا، الخليج على أبواب شهور عجاف، انتهى زمن النفط المربح، أنت لست بحاجة لهذا الكم الكبير المثقل لكاهلك، تستطيع أن تنعم بحياة أفضل لو استغنيت عن نصفهم. أذكر، اليوم، بالتقدير التحذيرات المبكرة لرواد التنمية الأول لحكوماتنا، عبر منتديات "التنمية الخليجية السنوية" خلال 40 عاما، من التداعيات الخطرة للإخلال بالتركيبة السكانية، ها هو الفيروس الذي دوخ العالم وشل الحياة، يكشف صحة تحذيراتهم!لطالما حذر آباء "التنمية الخليجية" من ترك الحبل على الغارب، واستقدام عمالة رخيصة متدنية المهارة، بدون ضوابط، لأهداف لا تلبي الاحتياجات الضرورية للبنية التحتية والخدمات، لكن ضغوط الطبقة الرأسمالية الريعية، وتجار الإقامات الهادفة إلى تعظيم مكاسبها، بذرائع التوسع في مشاريع البناء والعمران، كانت هي الأقوى، وكانت لحكوماتنا مصالح مشتركة معها، إثر تزاوج السلطة برأس المال! اليوم نكتشف أننا حققنا توسعاً عمرانياً بلا اقتصاد حقيقي، بل يستنزف مواردنا! أي جدوى اقتصادية لهذا التوسع العمراني الباهظ الكلفة؟! وما المردود الاستثماري للدولة وراء التسابق لتشييد ناطحات السحاب، والمولات، غير التقليد والمباهاة المستنزفة للموارد العامة والخدمات؟! أؤيد تشييد الناطحات والمجمعات التجارية والسكنية على ألا تكون عالة على الدولة، فليس مقبولاً الاستمرار في تنفيع أصحابها على حساب الموازنة العامة، ونفطنا في تراجع! الملخص: هذه المجاميع السكنية العشوائية المنتشرة في عواصمنا يصعب السيطرة عليها، ومهما أوتيت حكوماتنا من قوة أمنية كفؤة فإنها تعجز عن رصد ومراقبة مسلكياتها غير المنضبطة! على حكوماتنا الاستعداد لعالم ما بعد كورونا بتنمية رشيدة، الحياة فقدت بهجتها وصارت مريرة، والعالم أقفر وملؤه البؤس، والناس احتجروا وتباعدوا، وهو الأمرّ، ولا ملجأ غير الله يرفع البلاء.*كاتب قطري