لفتة إنسانية كبيرة اتخذتها الكويت بالسماح للوافدين المخالفين لقانون الإقامة بالخروج من الدولة مع خدمتهم وإيوائهم عدة أيام وإعفائهم من مبالغ المخالفات القانونية وتحمل قيمة تذاكر سفرهم، فهذا عمل أخلاقي تفخر به الدولة على مستوى العالم، خصوصاً في خضم أزمة فيروس كورونا وتبعاتها الصحية والاقتصادية، لكن هذا العمل الإنساني يخفي وراءه خطيئة كبرى تتستر عليها أجهزة الدولة بما يسمى "تجارة الإقامات" ومافيا العمالة الأجنبية.العمالة الوافدة سواء المخالفة للقانون أو تلك التي تسمى عمالة سائبة، وعددهم مئات الآلاف في الكويت يغلب عليهم تدني مستوى التعليم والبحث عن العمل اليومي وفقدانهم شروط الإقامة الرسمية، والجانب الآخر المزري في بيئة هذه العمالة المغلوب على أمرهم، دفعهم الغالي والنفيس للكفيل المجرم سواء كان فرداً أم مؤسسة ليستخرج لهم الإقامة، ثم يلقي بهم في الشارع بلا وظيفة ولا أبسط حقوق المعيشة، وذلك على مرأى ومسمع كل أجهزة الدولة من ساعة ختم ورقة الإقامة حتى ساعة مغادرتهم للكويت ولو بعد حين.
سنوات ونحن نطالب بمواجهة هذه الظاهرة الفاسدة والقضاء على تجارة الإقامات، ولكن لا مجيب لا من الوزراء المعنيين كالداخلية والشؤون، ولا من مجلس الأمة الذي تفنن أعضاؤه دوماً في السكوت عن هذه الجريمة أو في الدفاع عن الوزراء المعنيين بها في الاستجوابات، ولا تسأل عن السبب في الحالتين.اليوم وفي عز وباء فيروس كورونا تتحمل الكويت والكويتيين آثار جريمة معقدة تفاقمت من بعد التحرير، وسكتت عنها الحكومات والمجالس المتعاقبة لتأتي وزارة الداخلية وتكافئ تجار الإقامات، بل تحمل المال العام تكاليف تسوية مخالفات الإقامة، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، فعلى الحكومة الموقرة تحميل تكاليف إعاشة وإيواء ومغادرة الوافدين التي تجري هذه الأيام على كفلائهم من أفراد أو شركات كما تفعل مع العمالة المنزلية، فلا يجوز تحميل الدولة والمال العام هذه الأعباء المالية ولا يجوز مكافأة تجار الإقامة.سوق الإقامات معروف، وتجار هذا السوق الفاسد معروفون، وآلية تنظيم ومحاربة هذه التجارة متوافرة، وكل ما تحتاجه الكويت فقط حكومة صادقة ذات قرار ورغبة حقيقية في نسف هذه الظاهرة المجرّمة، فهل تكسب حكومتنا الجديدة هذا الإنجاز الوطني والإنساني المنتظر؟ والله الموفق.
مقالات
لا تكافئوا تجار الإقامات
07-04-2020