ثبتت وكالة فيتش (Fitch Ratings) تصنيفها الائتماني السيادي لدولة الكويت لعام 2020 عند المرتبة "AA" مع نظرة مستقبلية مستقرة.وقالت الوكالة في تقرير أمس إن محركات التصنيف الرئيسية ترتبط بالأوضاع المالية والخارجية القوية بشكلٍ استثنائي لدولة الكويت تمثّل نقاط القوة للتصنيف الائتماني السيادي، ويقابلها بشكل متزايد العجز المؤسساتي والبطء في معالجة تحديات تمويل الموازنة العامة الناشئة عن الاعتماد الكبير على النفط.
وأضافت أن دولة الرفاهية السخية والدور الاقتصادي الكبير للقطاع العام يُشكلان تحديات متزايدة أمام المالية العامة، كما أن مؤشرات الحوكمة وبيئة الأعمال تقلان بشكلٍ كبير عن متوسط أقرانهما في التصنيف "AA".وتُقدّر الوكالة صافي الأصول السيادية الخارجية التي تُديرها الهيئة العامة للاستثمار بنحو 529 مليار دولار أو ما نسبته 472 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (الأعلى بين الدول المُصنّفة من الوكالة). وتتضمن تلك القيمة صافي أصول صندوق احتياطي الأجيال القادمة، والمُقدّر بنحو 489 مليار دولار، وتتزايد قيمة هذا الصندوق بشكلٍ مستمر نتيجة التحويلات السنوية المستمرة بنحو 10 في المئة من إجمالي الإيرادات العامة للدولة. وتوقعت الوكالة انخفاض قيمة صندوق الاحتياطي العام للسنة السادسة على التوالي بسبب لجوء الحكومة إلى الصندوق لتمويل عجز الموازنة العامة، وسداد الديون المحلية المستحقة.كما توقعت أن تُسجل الموازنة العامة عجزا ماليا بنحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (7.3 مليارات دينار) في السنة المالية 2020/2021، مما يعكس الافتراضات الأساسية للوكالة بأن يصل سعر خام برنت إلى نحو 35 و45 دولارا للبرميل في عامي 2020 و2021 على الترتيب. وأشارت إلى أنه من غير المتوقع أن تكون هناك استجابة كبيرة للسياسة المالية مقابل صدمة أسعار النفط واستمرار جائحة فيروس كورونا وانتخابات مجلس الأمة في أكتوبر 2020. ووفقا لمنهجية وزارة المالية (بحساب التحويلات إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، واستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية)، توقعت الوكالة أن تسجل الموازنة العامة عجزا ماليا يفوق ما نسبته 33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتُقدّر الوكالة أن تُسجل الموازنة العامة فائضا بنحو 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2019/2020.ولفتت إلى انتهاء صلاحية قانون الإذن للحكومة بعقد قرض عام، فالحكومة غير قادرة على الاقتراض، وإعادة تمويل الاستحقاقات الحالية، والتي يتعين الوفاء بها في الوقت الراهن من خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام. ونتيجة لذلك، انخفض رصيد الدين الحكومي إلى نحو 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية السنة المالية 2019/2020، مشيرة إلى أن السندات الخارجية التي أصدرتها الدولة تستحق في عامي 2022 و2027. ومن المتوقع استنفاد الأصول الأجنبية لصندوق الاحتياطي العام تقريبا في السنة المالية 2020/2021، وتفترض الوكالة أن تستأنف الحكومة الاقتراض والسحب من صندوق الأجيال القادمة لتمويل عجز الموازنة العامة بدءا من السنة المالية 2021/2022. وذكرت أن صندوق احتياطي الأجيال القادمة سيسمح للكويت بتمويل مستويات العجز الحالية في الموازنة عقودا قادمة، لكنه يتطلب موافقة مجلس الأمة، وقد يكون مثار جدل سياسي. وأوضحت أن الحكومة حاليا تدفع مجددا نحو تمرير قانون الدين العام الجديد ولا تفكر في تغيير الترتيبات التي تحكم صندوق الأجيال القادمة. وتتفهّم الوكالة أن الدستور الكويتي يمنح الأمير المرونة لإصدار مرسوم طارئ يسمح بإصدار الدين العام أو استخدام صندوق احتياطي الأجيال القادمة. وحسب رأي الوكالة، قد يكون من الممكن اتخاذ تدابير استثنائية أخرى لضمان خدمة الدين في الوقت المناسب.وقالت إن الحكومة أحرزت الحد الأدنى من التقدم في برنامجها الإصلاحي الذي يهدف إلى تعزيز وضعها المالي الأساسي، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل للشباب (80 في المئة من المواطنين الكويتيين يعملون في القطاع الحكومي خلال 2018). وبينت أن الحكومة تُركّز جهودها على التدابير التنظيمية والإدارية التي لا تتطلب موافقة الأمة، والتي بدورها تحاول تقليل التكاليف الفورية لمكونات الإصلاح.وتقدر الوكالة ألا يُحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الكويت نموا في عام 2019، مدفوعا ذلك بتخفيض دولة الكويت إنتاجها النفطي بما يتماشى مع اتفاق تخفيض الإنتاج "أوبك+"، والتأخير في تطوير المصافي النفطية في إطار تنفيذ مشروع الوقود البيئي. وتتوقع الوكالة أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموا موجبا لعام 2020 تزامنا مع ارتفاع إنتاج النفط والبدء في تشغيل منشآت التكرير التي تم تطويرها، وذلك بالرغم من أنها ترجح أن تشهد القطاعات غير النفطية حالة من الكساد نتيجة انتشار فيروس كورونا خلال هذا العام، لافتة إلى أن القطاع المصرفي لديه القدرة على استيعاب خسائر القروض المتعثرة، بفضل المعدلات الجيدة للرسملة والسيولة والربحية.وتتوقع أن تنتج الكويت نحو 2.8 مليون برميل يوميا في عام 2020 مقارنةً بأقل من نحو 2.7 مليون برميل يوميا في 2019، مشيرة الى أن الكويت لم تُعلن حتى الآن فيما إذا كانت ستزيد من مستويات الإنتاج النفطي، وأن الزيادة المتوقعة ستعكس عودة الإنتاج في المنطقة المقسومة بين الكويت والمملكة العربية السعودية.كما تتوقع أيضا أن يسجل الحساب الجاري لميزان المدفوعات عجزا بما نسبته 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو أول عجز يشهده الحساب الجاري منذ عقدين. وأوضحت أن القطاعات الخاصة المصرفية وغير المصرفية تُعتبر في وضع صافي دائن خارجي ومستثمر رئيسي في المنطقة، وهو ما يفسر آفاق النمو المحلي الفاتر نسبيا. وهذا يوفر دعما لرصيد الحساب الجاري وصافي وضع الاستثمار الدولي (IIP)، والذي تقدّره الوكالة بنحو 514 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، وهو ما يتجاوز صافي وضع الأصول الأجنبية السيادية بنحو 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.ولفتت الوكالة إلى أن المؤشرات المالية والخارجية للكويت شديدة الحساسية للتغيرات في أسعار ومستويات إنتاج النفط، مشيرة إلى أن تغير متوسط سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات للبرميل عن مستوى الافتراضات الأساسية من شأنه أن يُغير من رصيد الموازنة العامة بنحو 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن زيادة إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يوميا سيحقق فائضا في رصيد الموازنة العامة بنحو 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
حساسية التصنيف
- أهم العوامل التي يمكن أن تؤثّر إيجابا بشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي:• التحسّن في نقاط الضعف الهيكلية مثل خفض الاعتماد على النفط، وتعزيز مؤشرات الحوكمة، وبيئة الأعمال إلى مستويات مقاربة لمتوسط الدول المُصنفة عند درجة «AA».- أهم العوامل التي يمكن أن تؤثّر سلبا وبشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي:• تآكل متانة الأوضاع المالية والخارجية نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط أو عدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للمالية العامة.• استمرار استنزاف موارد صندوق الاحتياطي العام في ظل عدم إقرار قانون جديد للدين العام، أو تشريع يسمح بالنفاذ إلى أصول صندوق الأجيال القادمة، أو الثقة بقدرة الحكومة على تبني تدابير استثنائية لضمان خدمة الدين.