بينما التزمت مصر الصمت رسمياً أمام سلسلة من الهجمات الإثيوبية الرسمية منذ مطلع الأسبوع الجاري حول الخلاف بشأن سد النهضة، انبرى عدد من الخبراء المصريين في ملف مياه النيل، لتحليل أسباب اللهجة الحادة التي استخدمها المسؤولون الإثيوبيون ضد القاهرة أخيراً، وأكدوا لـ "الجريدة"، أن الموقف الإثيوبي المتشنج محاولة للتغطية على خسائر أديس أبابا الدبلوماسية أمام تحركات القاهرة في إفريقيا خلال الأسابيع القليلة الماضية.وقال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لبدء بناء السد الضخم الجمعة الماضي، إن بلاده ستبدأ ملء خزانه في موسم الأمطار المقبل، مايو المقبل. وبعدها بيوم واحد، نقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، هجوم أعضاء فريق التفاوض الإثيوبي، على القاهرة، واتهامها صراحة بالعمل على تغيير هدف المفاوضات حول السد بهدف إعادة إحياء الاتفاقية الاستعمارية لعام 1959، في إشارة إلى الاتفاقية الموقعة بين مصر والسودان، والتي تنص على حصة القاهرة من مياه نهر النيل المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب.
واستخدم أعضاء الفريق الإثيوبي لغة حادة تكشف عن حجم الرفض لكل المطالب المصرية، إذ قال أحد أعضاء الفريق، زريهون أبي، إن القاهرة تستخدم تكتيكات عقيمة لإحياء "رغبتها الاستعمارية على مر السنين"، وشدد على أن أديس أبابا "لن تتحمل الألم وحدها لتزدهر مصر".الموقف الإثيوبي المعلن والذي تميز بحدة الخطاب واستخدام لغة غير دبلوماسية، رأى فيه خبراء مياه مصريون محاولة بائسة من الجانب الإثيوبي للتغطية على حقيقة أن أديس أبابا باتت تقف لوحدها في الساحة، بعدما نجحت القاهرة في المعركة الدبلوماسية بشرح عدالة موقفها أمام الرأي العام العالمي عموما والرأي العام الإفريقي خصوصاً، فحاولت أديس أبابا تسويق خطاب للاستهلاك المحلي قبل الانتخابات.من جهته، قال مستشار وزير الري الأسبق وخــبــــيـر المــيــاه الــــــدولي، د. ضـيـــاء القــوصـــي، لـ "الجريدة"، إن "المصريين وضعوا الإثيوبيين تحت ضغط شديد على أكثر من مستوى، بداية من نجاح الجولة العربية ثم الأوروبية والإفريقية لوزير الخارجية سامح شكري، والذي تمكن فيها من شرح موقف القاهرة القائم بالأساس على عدالة توزيع المياه، مع عدم تحميل مصر وحدها فاتورة أضرار بناء السد، ما شكل انتكاسة للدبلوماسية الإثيوبية التي كانت تسعى للانفراد بالمشهد الإفريقي".ورأى أستاذ الموارد الطبيعية بكلية الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة، د. عباس شراقي، أن "ما تفعله إثيوبيا هو تهديد أجوف لأن إمكانيات سد النهضة الحالية لا تتحمل إلا ملئا محدودا لا يؤثر على مصر والسودان، لكن ما تريده هو توصيل رسالة بأنها المتحكمة الوحيدة في النيل الأزرق باعتباره نهرا داخليا لا يحق للقاهرة والخرطوم إبداء رأيهم بشأنه".
دوليات
التحرك المصري بإفريقيا يربك إثيوبيا بملف «النهضة»
10-04-2020