مر شهر على صخب آخر مباراة كرة قدم في الملاعب الأوروبية، وتجد اللعبة الشعبية نفسها حاليا، مع مزاوليها وعشاقها، أمام تحدي ترقبٍ غير واضح المعالم في ظل تفشي فيروس كورونا.وفرض "كوفيد-19"، الذي تسبب حتى الآن في أكثر من مئة ألف وفاة معلنة، ودفع الى تطبيق قيود واسعة على حركة التنقل والسفر، جمودا رياضيا عالميا. وباستثناء أحداث نادرة في دول لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، يهيمن التوقف على كرة القدم، وتم إلغاء مواعيد، وتأجيل أحداث كبرى كانت مقررة في صيف 2020 مثل كأس أوروبا وبطولة كوبا أميركا.
وأقيمت في 12 مارس آخر مباراة مهمة في القارة العجوز بحضور المشجعين، حيث استضاف ملعب "إيبروكس" نحو 50 ألف مشجع حضروا خسارة المضيف رينجرز الاسكتلندي أمام باير ليفركوزن الألماني (1-3) في ذهاب الدور ثمن النهائي لمسابقة الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ".وبعد انقضاء شهر على التوقف، يسود عدم اليقين، فالملاعب لا تزال تفتقد روادها، ودول كروية كبرى مثل إسبانيا وإيطاليا وإنكلترا تجد نفسها في عين العاصفة، لانها من الأكثر تضررا بالفيروس لجهة عدد الوفيات.ووجد الاتحاد القاري (يويفا) نفسه في موقف غير معتاد. أوقف مسابقتي الأندية (دوري الأبطال ويوروبا ليغ)، ومباريات المنتخبات، وصولا الى تأجيل موعد بطولته الكبرى "كأس أوروبا 2020" الى صيف 2021.
تفاؤل باستكمال الموسم
وسعى الاتحاد برئاسة السلوفيني ألكسندر تشيفيرين الى منح البطولات الوطنية الأولوية، وفتح من خلال تأجيل البطولة القارية المجال أمام استكمال المواسم المحلية، وإن خارج المواعيد المعتادة.وحاول تشيفيرين الإبقاء على تفاؤل بشأن استكمال الموسم، لكنه حذر من ضياعه بالكامل في حال لم تكن معاودة المباريات ممكنة بحلول نهاية يونيو.وتطرق السلوفيني أيضا الى ما يدور في أذهان العديد من المشجعين والمعنيين باللعبة، لجهة احتمال إلغاء موسم 2019-2020. وعلى سبيل المثال في إنكلترا، اعتبر تشيفيرين ان ليفربول هو البطل في كل الأحوال، بتأكيده في تصريحات صحافية انه "في حال تعذر لعب المباريات فسنحتاج إلى إيجاد طريقة ومفتاح يتم على أساسه إعلان النتائج وتحديد الفائزين، لا أرى أي سيناريو لا يكون فيه ليفربول (بطلا)".وقرع الفيروس جرس الانذار بشأن السلامة المالية للأندية، ودفع العديد منها الى خفض رواتب لاعبيها للتمكن من الاستمرار في فترة تجمدت بها مصادر دخل أبرزها إيرادات المباريات وعائدات البث التلفزيوني.وتبدو إيرادات البث حاليا الهاجس الأكبر للأندية، ففي إنكلترا على سبيل المثال تقدر قيمة المبالغ التي ستضطر أندية الدوري الممتاز لتعويضها لمالكي حقوق البث لقاء المباريات التي لم تتم إقامتها، بنحو 762 مليون جنيه (951 مليون دولار)، أما شركة "كاي بي أم جي" فقدرت خسائر أندية البطولات الكبرى (إنكلترا، إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، فرنسا) في حال إلغاء الموسم، بحدود 4 مليارات يورو.وتمضي الغالبية العظمى من المعنيين بكرة القدم حاليا الوقت في المنزل، مع الابقاء على التمارين البدنية للحفاظ على اللياقة قدر الامكان في انتظار موعد استئناف لم تتضح معالمه بعد، لكن بالنسبة الى آخرين هذا هو وقت التفكير فيما قد يحمله المستقبل، ومنهم المخضرم الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب إيفرتون الإنكليزي.ورأى المدير الفني، الذي يعد من الأكثر خبرة في القارة العجوز، أن "الاقتصاد سيكون مختلفا (بعد أزمة كورونا) وكذلك كرة القدم. ربما ستكون أفضل".