«كورونا» فضح فسادهم
الوطن أمام فرصة حقيقية قد لا تتكرر لتسوية وضع الانحراف العام في أداء مؤسسات البلد وغياب الخطط التنموية الجادة، ومحاربة كل أوجه الفساد التي خلفتها الحكومات السابقة، فإذا لم نستوعب هذا الأمر ونعدل مسار البلاد مجتمعين حكومة ومجلساً وشعباً، فمتى تصيبنا الصحوة ونعيد الكويت إلى مسارها المستحق إذاً؟
بينما يقاتل أبناء الوطن بكل بسالة في الصف الأول لمواجهة كورونا من العاملين في المجالات الصحية المختلفة والأعمال المساندة والأمنية والتطوعية، ظهرت في الصفوف الخلفية لإدارة الدولة فضائح مخزية كشفت النوم العميق الذي كانت تغط فيه جملة من مؤسسات البلد في السنوات الماضية. تجارة الإقامات التي تعب المخلصون وهم يحاربونها من بعد التحرير ظهرت اليوم في أفظع أشكالها وبأسوأ أوقاتها لتقول للكويتيين هذا ما جناه الفاسدون والجبناء على وطنكم، عشرات الآلاف من العمالة بلا عمل حقيقي ولا راتب مستديم، ولا سكن صالح، في بؤر سكنية متفجرة كل العالم يراها ما عدا قياديي وزارة الداخلية ووزارة الشؤون وبلدية الكويت، حيث تسترت هذه الجهات عمداً أو خوفاً من مواجهة حيتان هذه الجريمة أو ربما كان بعض قيادييها مستفيدين من التجارة نفسها كما ظهر مؤخراً مع أحد الضباط أو ما تم نشره من الاستثناءات في أذونات العمل الصادرة من الداخلية.
ماذا كنتم تفعلون في السنوات الماضية؟ يجب أن يوجه هذا السؤال لكل وزراء وقياديي الداخلية والشؤون بالدرجة الأولى ولمسؤولي البلدية من بعد التحرير إلى يومنا هذا، حيث تنامت هذه الظاهرة الخبيثة وتفشت في البلد فصار لها منظمون داخل الكويت وخارجها، ووكالات وأدوات للدفع وفتوات للحماية حتى باغتتنا أزمة كورونا لنجد أن المصيبة ليست أمامنا بالفيروس، إنما خلفنا في أقاليم جليب الشيوخ والمهبولة والحساوي والفروانية التي قامت على أنقاض الخيانة للأمانة والرشا وتجارة الإقامات.ليست الحكومات السابقة وحدها شريكة في هذا الضياع، إنما حتى مجالس الأمة المتعاقبة التي عجزت عن مواجهة هذا الأمر سواء بتشريع قوانين منظمة للتركيبة السكانية أو محاسبة الوزراء المعنيين بهذه الجريمة المفضوحة، أو حتى أضعف الإيمان بعقد جلسة خاصة لمناقشة الموضوع، لكنهم أفشلوها ولم يعقدوها كما حصل في المجلس الحالي عندما فشل في إكمال النصاب لعقد جلسة خاصة لمناقشة التركيبة السكانية، وغاب أكثر من ٢٠ عضواً في يوم ٢ فبراير ٢٠١٧، فماذا سيقول لهم الشعب اليوم؟إن الكويت اليوم أمام مفترق طرق بعد أزمة كورونا وأزمة انخفاض أسعار النفط وأن الوطن أمام فرصة حقيقية قد لا تتكرر لتسوية وضع الانحراف العام في أداء مؤسسات البلد وغياب الخطط التنموية الجادة، ومحاربة كل أوجه الفساد التي خلفتها الحكومات السابقة، فإذا لم نستوعب هذا الأمر ونعدل مسار البلاد مجتمعين حكومة ومجلساً وشعباً، فمتى تصيبنا الصحوة ونعيد الكويت إلى مسارها المستحق إذاً؟ والله الموفق.