يكفي أن الناس اليوم في حيص بيص، والكل محتار من الغد وماذا سيحدث لهم بعد أيام الكورونا – إن كان لها من نهاية قريبة - وكيف ستكون حياتهم ومستوى معيشتهم؟ وهل سنعود كما كنا قبل الكورونا، وقبل الركود الكبير الذي يبدو أن أغلبية المواطنين قد اكتووا بناره، أو ربما هم - حتى الآن - غير شاعرين بألمه؟ لكن المهم أن الحكومة صامتة، كأنها تخجل من مصارحة الناس بحقيقة الوضع المالي للدولة، وما هي رؤيتها وخططها للغد الذي لم يعد مجهولاً عند كل ذي بصيرة.الزميل أحمد باقر، في مقاله بالأمس بـ"الجريدة"، يستغرب هذا الصمت الحكومي: "... فمنذ أن تقدمت الحكومة بمشروع الدين العام والساحة مليئة بالأسئلة والردود والآراء المتناقضة، والغريب أن الحكومة، وهي التي قدمت المشروع، لم تجب عن أي من هذه الاستفسارات، رغم أنها تملك كل المعلومات والأرقام..."!
لماذا هذا السكوت الحكومي؟ هل تنتظر أحداً يجيب بالنيابة عنها، أم أنها خجلانة وتنتظر ردود الفعل من الكتاب الاقتصاديين ومن المهمومين بالشأن العام؟! تقريباً، ومنذ أن طرحت الحكومة مشروع الدين العام، وعشرات من الكتابات تقدم نفسها بين مؤيد أو معارض، أو مؤيد بتحفظ بشروط رقابية في مواضع إنفاق الدين، والحكومة التي تملك الإجابة بالمعلومات القاطعة، مع كل ذلك صامتة! لماذا هذا الصمت؟ وماذا تنتظر؟ إذا كانت هي قضية حياة وموت بالنسبة لشعب يحيا من ألفه إلى يائه على الإنفاق الحكومي. المعترضون على الاقتراض بصراحة لا يثقون بالحكومة، ويعتقدون أن القلة (من التجار) التي ستستفيد، وأن الحكومة هذه - ويقاس سلوكها بالمسطرة ذاتها التي قيست بها الحكومات السابقة - ستفتح باباً آخر للفساد، وهم يتصورون أن هناك أموالاً "كاش" كثيرة، مثل التي بمؤسسة البترول أو هيئة الاستثمارات، يمكن أن تسد العجز وتغطي الرواتب وتزيد، طبعاً هذا الكلام مرسل ومن دون أرقام دقيقة، ومردود عليه من المؤيدين للاقتراض العام، بأن كل المبالغ التي يتحدث عنها المعارضون لا تكفي، ولو بالقليل، لسد العجز، وأن أزمة الاقتصاد لم تأت من "كورونا"، بل هي قديمة ومنذ سنوات طويلة من الهدر واللامبالاة وغياب روح المسؤولية والمواجهة من قبل السلطة، وكل ما صنعه وباء كورونا أنه "بط الدمل" الاقتصادي - المالي، والاقتراض أصبح مسألة حتمية لا مفر منها، ولكن لابد من التغيير، أو بكلام أصح "الانقلاب الكامل" والمؤلم على النهج القديم في السياسة والاقتصاد، وهذا يعني حرق السفن من خلفنا، فلا عودة للماضي وميوعته وسلوك "الهون أبرك ما يكون"... هذا إذا أردنا أن نبقى كدولة تحيا وتقلق على أجيالها كبشر، وليس كمحافظ مالية مبذرة تلوذ بالصمت من نقد الفساد بكل صوره، فلا ننتهي بنهاية مسرحية الكويت سنة 2000. مضى عشرون عاماً على سنة 2000، والسلطة مازالت تفكر بعقلية سنوات التثمين وأيامنا الحلوة... لماذا هذا الصمت؟ وماذا تخشون؟!
أخر كلام
لماذا صمتكم؟
14-04-2020