تخفيف محدود للإغلاق في إيطاليا والهند... وترامب يتمسك بـ «السلطة الكاملة» في وجه «انتفاضة» الولايات

مع اقتراب عدد حالات الإصابة بفيروس "كورونا"، من نحو مليونين على مستوى العالم، وسط نقاش دولي بشأن طبيعة المرحلة الانتقالية اللازمة للعودة إلى الحياة الطبيعية، مدّدت الهند أمس، حتى 3 مايو المقبل، أكبر إجراءات عزل في العالم، والذي يستهدف 1.3 مليار نسمة.

وفي خطاب وجهه إلى الأمة، قال رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إنه سيكون هناك "تخفيف محدود" للاجراءات للسماح بالأنشطة الأساسية ابتداء من 20 الجاري في المناطق الأقل تضرراً، على أن تصدر توجيهات جديدة لقطاعات الصناعة والزراعة اليوم.

ويأتي قرار مودي بالتمديد، رغم شكاوى ملايين الفقراء من بينهم عمال اليومية، الذي باتوا بشكل تام تقريبا من دون أي دعم بعد خسارة أعمالهم وتوقف المداخيل.

وقال مودي: "من الناحية الاقتصادية، دفعنا ثمناً باهظاً، لكن أرواح الناس أغلى بكثير".

ومن المقرر أن تتخذ باكستان المجاورة أيضا قراراً بشأن إجراءات العزل العام المقرر أن تنتهي اليوم.

فرنسا

من ناحيتها، مدّدت فرنسا، إحدى الدول التي تضررت بشكل كبير، الحجر مدة شهر، لكن الرئيس إيمانويل ماكرون خطّط لافتتاح دور الحضانة والمدارس ورفع الحجر.

وأعلن ماكرون، أمس الأول، في كلمة متلفزة تمديد الحجر حتى 11 مايو، حتى لو أن "الوباء بدأ يتباطأ" في البلاد، حيث توفي نحو 15 ألف شخص.

وسيكون الخروج تدريجياً، ففي حين ستتم إعادة فتح المدارس شيئًا فشيئاً اعتباراً من 11 مايو، فإن الحانات والمطاعم ودور السينما ستبقى مغلقة حتى إشعار آخر، وكذلك الأمر بالنسبة للحدود مع الدول غير الأوروبية.

وذكر ماكرون، الذي أقر أن بلاده "لم تكن على استعداد كاف" لمواجهة أزمة الفيروس، أن ارتداء القناع الواقي "يمكن أن يصبح منهجياً في حالات معينة" كاستخدام وسائل النقل العام، مشيراً في الوقت نفسه الى "أننا سننتصر على كورونا في النهاية لكننا سنضطر إلى التعايش معه عدة أشهر".

إيطاليا

وبعد إسبانيا (أكثر من 18 ألف وفاة)، التي سمحت حكومتها لنحو 300 ألف عامل، تحت شروط صارمة، بالعودة إلى المصانع ومواقع البناء، بعد أسبوعين من "سبات" جميع الأنشطة الاقتصادية غير الأساسية، سمحت أمس، إيطاليا، التي مدّدت الإغلاق التام المفروض في البلاد حتى 3 مايو، لبعض الشركات مثل المكتبات، ومراكز غسل الملابس باستئناف نشاطها في بعض المناطق.

وفي النمسا، فتحت المتاجر الصغيرة أبوابها أمس، معتبرة أن منحنى الإصابات قد "استقر".

وعشية محادثات بين المستشارة أنجيلا ميركل اليوم مع رؤساء حكومات الولايات لبحث مصير إجراءات التقييد التي تنتهي صلاحيتها في 19 الجاري، رجّح عمدة العاصمة الألمانية برلين، ميخائيل مولر، تخفيف القيود المفروضة على الحياة العامة "قبل 27 الجاري، أو مطلع مايو المقبل".

بولندا

وفي وارسو، قال نائب رئيس الوزراء البولندي جاك ساسين، أمس، إن الحكومة ستقدم هذا الأسبوع خطة مفصلة لرفع القيود المفروضة على الحياة العامة تدريجيا.

وأضاف: "يمكننا القول إنه سيتم إلغاء جزء من القيود أو تخفيفها الأسبوع المقبل. نريد أن نبدأ تدريجياً في إعادة فتح بعض الأماكن خصوصاً الخدمات والمحال".

وقد جعلت الحكومة البولندية ارتداء الكمامات في الأماكن العامة أمرا إلزاميا.

الفلبين

وفي مانيلا، قال الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، إن الفلبين ربما تحتاج إلى تحمّل موجتين أو ثلاث للجائحة قبل أن ترفع الحكومة الإغلاق الذي يدخل أسبوعه الخامس.

وأوضح في خطاب متلفز في وقت متأخر من ليل الاثنين- الثلاثاء استمر حتى الساعات الأولى من صباح امس: "ليست هناك نهاية في الأفق. نحتاج إلى علاج المرضى، وإلى إطعام شعبنا".

بريطانيا

وفي لندن، ذكرت صحيفة "تايمز" أنه من المقرر أن يعلن وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب غداً، استمرار الإغلاق العام حتى 7 مايو على الأقل.

وكان راب قال أمس الأول، إنه لا يتوقع أن تجري الحكومة أي تغييرات على إجراءات الإغلاق العام السارية حاليا قبل أن تتأكد من سلامة القرار. ويتولى راب مهام الحكومة نيابة عن رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي يتعافى من المرض.

ومع تزايد أعداد الوفيات، أعلنت السلطات البريطانية إنشاء مقبرة لدفن ضحايا الوباء من المسلمين في مقبرة "كامينال بارك" في تشيزلهيرست، جنوب شرقي لندن.

وقال مشرفون على إجراءات الدفن، إنه يوجد نحو 50 ضحية من المسلمين، بانتظار الرقود في المثوى الأخير.

وتم إنشاء حفر على شكل خنادق مستطيلة على عجل، لدفن الضحايا بأقرب وقت وفقاً للشريعة.

ترامب

وفي الولايات المتحدة، وفي ما يشبه "الانتفاضة"، أعلنت ولايتا نيويورك ونيوجيرسي، الأكثر تضرراً، و4 ولايات مجاورة أخرى في الشرق، بجانب كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن في الغرب "التعاون من أجل الخروج بمنهج مشترك لإعادة فتح اقتصادنا. منهج يحدّد مؤشرات واضحة للمجتمعات لإعادة الحياة العامة والأعمال".

وقابل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تلك التطورات بسخرية، مشدداً على أنه يتمتع بالسلطة "الكاملة" باعتباره رئيس الولايات المتحدة.

وقال، أمس الاول، في مؤتمره الصحافي اليومي لخلية مكافحة كورونا في البيت الأبيض: "الولايات لا تستطيع فعل أي شيء من دون موافقة رئيس الولايات المتحدة الذي هو من يصدر القرار".

وأشار الى أنه سيتخذ قراره بشأن فتح الاقتصاد نهاية الأسبوع. وتابع "نبحث إعادة فتح الاقتصاد، وللرئيس الصلاحية والسلطة لاتخاذ القرارات النهائية، والولايات لا تستطيع فعل أي شيء من دون موافقتي. أفضل التوافق مع حكام الولايات بشأن فتح الاقتصاد لكن إذا اضطررت فسأفرض قراري".

وأضاف: "نحن قريبون جدًا من وضع اللمسات الأخيرة على خطة لفتح بلادنا".

ورد حاكم نيويورك، أندرو كومو، على تعليقات ترامب قائلا: "لدينا دستور، وليس لدينا ملك"، مشيراً في الوقت نفسه الى أن "الأسوأ قد مر" رغم أن ولايته سجلت 10 آلاف وفاة.

وتابع: "نحن في طور السيطرة على التفشي".

وليس من الواضح أي سلطة يتمتع بها ترامب ليأمر الولايات بإعادة فتح أعمالها غير الأساسية والسماح للأشخاص بإعادة التجمع في الأماكن العامة مجدداً.

ودافع ترامب مجدداً عن استجابته للوباء، وأوضح أن "توقيت إجراءاتنا كان صحيحاً. فرضنا قيودا على السفر قبل أي وفاة بكورونا. نسبة الوفيات لدينا منخفضة مقارنة بدول أخرى وبعدد السكان".

وهاجم الرئيس الأميركي وسائل الإعلام بعد أن ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه أخفق في الاستجابة لنصيحة الخبراء في وقت مبكر ردا على التفشي.

وقدم ترامب شريطا مصورا تضمن شرحاً كاملاً وإطاراً زمنياً لكيفية استجابته للجائحة، وضم لقطات من القنوات الإخبارية، الأمر الذي اعتبرته وسائل إعلام معارضة بينها "سي ان ان" مادة دعائية، منتقدة استغلال المؤتمر اليومي حول كورونا لأغراض سياسية.

ووصف ترامب تقرير "نيويورك تايمز" بأنه "كاذب تماما"، وعرض قيود السفر التي أقرها فيما يتعلق بالصين وأوروبا دليلا على الاستجابة السريعة لاحتواء الفيروس.

فوتشي

من ناحية أخرى، قال أنتوني فوتشي كبير خبراء مكافحة الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، إن الرئيس استمع إلى نصيحته عندما أوصى بضرورة اتخاذ تدابير للحد من انتشار الفيروس.

وأدلى فوتشي بهذه التصريحات بعد أن قال في مقابلة منفصلة، إنه كان بالإمكان إنقاذ أرواح. لو بدأت الولايات المتحدة إجراءات الإغلاق التام مبكرا خلال التفشي لكان بالإمكان إنقاذ أرواح.

وكرر ترامب تغريدة على "تويتر" يدعو فيها إلى إقالة فوتشي بعد تلك المقابلة، لكن البيت الأبيض قال إن ترامب لا ينوي ‬‬التخلي عنه.

وأعلنت جامعة "جونز هوبكنز" الأميركية في حصيلة جديدة امس، تسجيل 1529 وفاة جديدة في عموم الولايات المتحدة، ليرتفع اجمالي الوفيات الى 23608، بينما بلغ العدد الاجمالي للاصابات هناك 581918.

وتتصدر نيويورك كل الولايات المتحدة من حيث عدد الإصابات بـ195 ألف إصابة، وأكثر من 10 الاف وفاة، تليها ولاية نيوجرسي بـ 64584 اصابة ونحو 2500 وفاة.

موسكو

وفي العاصمة الروسية، حذرت سلطات موسكو من أن المدينة قد تعاني نقصا في عدد أسرة المستشفيات خلال أسبوعين أو ثلاثة.

وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس، إن الرئيس ترامب أبلغ نظيره الروسي بأن الولايات المتحدة على استعداد لإرسال معدات إلى روسيا لمحاربة الفيروس.

الصين

وبينما تكافح الصين لمنع موجة ثانية من "كوفيد- 19"، بدورها، تحوّلت بكين الى ما يشبه الحصن المنيع، بعدما فرضت حجرا صحيا صارما مدة 14 يوما على الواصلين من أجزاء أخرى من الصين، حتى لو كانت نتيجة اختبار الفيروس سلبية. فبكين بالطبع ليست كالمدن الصينية الأخرى.

وأغلقت بكين حدودها فعليا أمام الغرباء بإجراءات صارمة لحماية نفسها ضد تهديد وصول موجة ثانية من العدوى من مناطق أخرى.

وأرجأ الحزب الشيوعي الحاكم مؤتمره الذي يعقد مرة واحدة سنويا، والمعروف باسم "الدورتين"، في مارس.

وقال خبراء إنه من المرجح أن تتأكد السلطات سلفاً من أن آلاف المندوبين المشاركين ليسوا في خطر قبل تحديد موعد جديد.

وقال الأستاذ بكلية الإدارة العامة والسياسة بجامعة رينمين ما ليانغ، إن "تعزيز إدارة ملف العائدين إلى بكين أصبح أهم أولوية وإلا فإنه من المستحيل تهيئة الظروف المناسبة لبدء الدورتين".

وأوضح ألفريد وو، الأستاذ المساعد في كلية "لي كوان يو" للسياسة العامة بـ"جامعة سنغافورة الوطنية"، أن الإجراءات تهدف إلى حماية نخبة الحزب الشيوعي من الفيروس القاتل.

وأضاف: "في هذه اللحظة تتمتع الحكومة المركزية والقيادة الأساسية بحماية شديدة، لذا سيتعين على الناس العاديين دفع الثمن". ومنعت الإجراءات فعلا بعض السكان من العودة للعاصمة.

وفيما تسعى للسيطرة على الحالات الوافدة، خصوصاً من روسيا المجاورة، ذكرت صحيفة "غلوبال تايمز" الرسمية، أن روسيا أصبحت أكبر مصدرا لحالات الإصابة الوافدة إلى الصين، حيث جاءت 409 حالات مصابة منها، وحضّت المواطنين الصينيين هناك على البقاء وعدم العودة للوطن.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (ِشينخوا) امس، أن بكين ستبدأ في تجربة لقاحين على البشر.

الخليج

وفي المنامة، أعلنت وزارة الصحة، أمس، تسجيل سابع حالة وفاة بالفيروس، مشيرة إلى أنها تعود لمواطن بحريني (60 عاما) كان يعاني ظروفا صحية وأمراضا كامنة، مشيرة الى أن عدد الإصابات وصل إلى 751.

وقالت وزارة الصحة العُمانية، أمس، إنه تم تسجيل 86 إصابة جديدة، لترتفع الحصيلة الاجمالية إلى 813 و4 وفيات.

كما أعلنت وزارة الصحة القطرية، أمس، تسجيل 197 إصابة جديدة، ليرتفع الإجمالي إلى 3428 والوفيات 7.

«الصحة العالمية»

وفي جنيف، أعلنت الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، أمس، أن عدد الإصابات الجديدة يتراجع في بعض مناطق أوروبا، وبينها إيطاليا وإسبانيا، لكن الأعداد لاتزال في ازدياد في بريطانيا وتركيا.

وقالت: "90 في المئة من الحالات تأتي من أوروبا والولايات المتحدة، ومن ثم فإننا قطعا لم نشهد الذروة بعد".

وبعد تقديرات متفائلة بالتوصل إلى لقاح بحلول سبتمبر، قالت هاريس "لا ينبغي أن نتوقع لقاحا قبل 12 شهراً أو أكثر".