وثيقة لها تاريخ : نَشوان بن سعيد الحِمْيَري وكتابه «ملوك حِمْيَر وأقيال اليمن»

نشر في 17-04-2020
آخر تحديث 17-04-2020 | 00:05
باسم اللوغاني
باسم اللوغاني
تأثرت كثيراً بشخصية يمنية تاريخية وُلدت قبل أكثر من 840 عاماً، وتركت لنا إرثاً تاريخياً رائعاً أنصح كل مهتم بتاريخ العرب وحضارتهم بالاطلاع على هذا الإرث الجميل والمذهل.

هذه الشخصية هي نشوان بن سعيد الحميري، الذي ينتهي نسبه إلى "القيل" الحميري حسان ذي مراثد، والذي يوجد قبره على جبل في مديرية حيدان في صعدة.

الذي جذبني إلى هذه الشخصية النادرة هو كتاب "ملوك حمير وأقيال اليمن"، وهو عبارة عن قصيدة طويلة عُرفت باسم القصيدة "الحميرية"، وثَّق فيها تاريخ حضارة حمير وإمبراطوريتها الواسعة. ولأهمية هذه الشخصية التاريخية الفريدة من نوعها، وللقيمة الكبيرة لكتاب ملوك حمير، وجدت من المفيد أن أشارك القراء الكرام ببعض المعلومات المهمة والجميلة في هذا الكتاب، لكي تعمَّ الفائدة، ويستفيد الجميع. لكن قبل أن أبدأ في نقل هذه المعلومات، أود في مقال اليوم استعراض حياة نشوان الحميري، ثم في المقالات المقبلة أتناول أجزاء من كتابه الجميل.

يقول نشوان عن نسبه:

أو ذو مراثدَ جدُّنا القيلُ بن ذي

سَحَرٍ أبوالأذواء رَحْبُ السَّاحِ

وهو يقول في هذا البيت إنه سليل أحد أمراء حمير، وهو أبوالأذواء حسان بن ذي سحر ذي مراثد الحميري. وقد ثبت في مصادر تاريخية عديدة أن أمراء بني ذي مراثد ذكروا في نقوش عربية مسندية قديمة.

وُلد نشوان بن سعيد بن سعد بن أبي حمير الحميري في "عمران" باليمن في نهاية القرن الخامس أو بداية القرن السادس الهجري، ودرس على يد علمائها الدين واللغة والتاريخ والأنساب والفلك والنبات. ويقول عنه بعض الكُتاب إن فكره كان قريباً من المعتزلة، لكن ما يهمنا هو ما ترك خلفه من كُتب قضى حياته في كتابتها، وحُفظت ولله الحمد إلى يومنا هذا. من هذه الكُتب مجموعة تتعلق بالعقيدة والدين، ومجموعة أخرى تتعلق باللغة العربية، ومجموعة في الأدب والشعر، ومجموعة في التاريخ. وإليكم بعض عناوين هذه الكتب: الفرائد والقلائد، مسك العدل والميزان في موافقة القرآن،

التبيان في تفسير القرآن، ميزان الشعراء وتثبيت النظام، وغيرها الكثير، بعضها محفوظ في مكتبات عالمية بأوروبا وآسيا وإفريقيا. وقد أُلفت عدة كتب تتناول فكر نشوان وآراءه، خصوصاً ما تعلَّق منها بموضوع الإمامة، حيث يؤمن بأنه لا يجوز حصر الإمامة في قريش أو بني هاشم، وشرح رأيه بالتفصيل في كتابه "الحور العين"، حيث تبنى الموقف الذي يقول إن الإمامة والخلافة يجب ألا تنحصرا في قريش وبني هاشم، بل أكد مع ذكر مصادره أن ذلك يخالف جميع المذاهب الإسلامية الأربعة. وقد نظم قصيدة في ذلك قائلاً:

أيها السائل عني إنني

مظهرٌ من مذهبي ما أُبطنُ

مذهبي التوحيد والعدل الذي

هو في الأرض الطريق البيّنُ

إن أولى الناس بالأمر الذي

هو أتقى الناس والمؤتمنُ

كائناً من كان لا يجهل ما

ورَد الفرضُ به والسُّننُ

في المقال المقبل، وربما مقالات أخرى، سنتناول كتابه "ملوك حمير" وقصيدته النشوانية، وسنقف عند بعض محطاتها المهمة بإذن الله تعالى.

back to top