اعتبر عدد من أولياء الأمور ممن يملكون أحكاماً برؤية أبنائهم المحضونين لدى الطرف الآخر، قرار وزارة العدل بإغلاق مركز الرؤية، خطوة "غير مدروسة"، مؤكدين أن "الوزارة منعتنا من رؤية أبنائنا دون وجه حق، لاسيما ان البعض من الطرف الآخر استغل الظروف الحالية لتصفية الحسابات الشخصية، دون مراعاة لشعور الأطفال"."الجريدة" التقت عددا من الحالات المتضررة من قرار الوزارة، وجاءت الآراء كالتالي:
في البداية، قال أبو عبدالرحمن إن "المشكلة بدأت معي قبل إغلاق مركز الرؤية بنحو شهرين، إذ رفضت طليقتي أن أرى أطفالي بحجة الخوف من التسبب بإصابتهم بفيروس كورونا، ومع انتشار هذا الوباء وتوجيهات الجهات المعنية بالدولة بعدم الاختلاط والتباعد الاجتماعي تم إغلاق المركز بتاريخ 14 مارس الماضي"، مضيفا: "فوجئت بقرار الإغلاق وكثيرون غيري أيضا، خصوصا ان مسؤولي المركز ووزارة العدل لم يبلغونا بهذه الخطوة، ولو حتى عن طريق الاتصال، وهو من وجهة نظري خطأ ارتكبته الوزارة دون مبرر".وتابع أبو عبدالرحمن: "منذ منتصف مارس الماضي حتى يومنا هذا لم أتمكن من رؤية أولادي، ولا أعرف إلى من ألجأ، خصوصا أنني إذا ذهبت إلى منزل الحاضن (الأم)، أتخوف من تسجيل قضية تهجم أو تهديد ضدي، وغيرها من الشكاوى الكيدية".
حق مسلوب
وذكر أن "استمرار هذا الوضع يزيد معاناتنا، إذ لم نعد قادرين على رؤية أولادنا، على الرغم من وجود أحكام تمتعنا بهذا الحق الذي سلب منا بكل سهولة"، مشيرا إلى "وجود حلول كثيرة تحفظ حقوق جميع الأطراف، منها تقليل ساعات الرؤية بحيث تكون 3 أو 4 ساعات فقط، كما طرحنا على المعنيين فكرة الاستفادة من مسارح وقاعات وزارة العدل، وكذلك المسارح الموجودة في الكثير من المدارس، مع الأخذ في الحسبان ضرورة التقيد بالتعليمات والإرشادات الصحية الكفيلة بمنع إصابة أي شخص، بالتنسيق مع الجهات المسؤولة في الدولة، إلا ان هذه المحاولات تم رفضها أيضا". وأردف: "شخصيا لا أريد ولا أتمنى أن تكون عملية تسلّم وتسليم الطفل عن طريق مخفر الشرطة، فهذا الأمر له تبعات وآثار نفسية مباشرة ومستقبلية على الطفل، لكن ما الحل الذي يعيد لنا حقوقنا التي سلبت بحجج واهية واستغلال الظروف التي نعيشها؟"، مثمناً الدور الذي قامت به جمعية المحامين في هذا الأمر، "إذ بادرت بالوقوف إلى جانب المتضررين من إغلاق مركز الرؤية منذ بداية المشكلة حتى الآن، وكلنا أمل أن يكون هناك تدخل مباشر من الحكومة لحل هذه القضية التي باتت تؤرق الكثير من الآباء والأمهات، الذين حرموا من أطفالهم بسبب مزاجية بعض الأطراف التي اتخذت من أزمة كورونا ذريعة لتصفية الحسابات الشخصية دون أدنى مسؤولية تجاه الأبناء الذين يقعون ضحية أخطاء أحد الوالدين".تدخل حكومي
من جانبها، قالت أم عبدالله إن "مشكلة إغلاق مركز الرؤية لا يمكن أن تُحل دون تدخل حكومي مباشر وواضح، يلزم الحاضن بتمكين الطرف الآخر من رؤية الأولاد"، مشيرة إلى أنني "أعيش هذه المشكلة منذ قرابة الشهر، ولم أتمكن من رؤية ابنتي الوحيدة، بسبب قرار مجحف هضم حقي وحق غيري دون مراعاة للجوانب الإنسانية والنفسية التي نعيشها، خصوصا ونحن في ظرف استثنائي يتطلب متابعة أحوال الأبناء في كل لحظة".وأضافت أم عبدالله: "كمتضررين لم نترك بابا إلا طرقناه، لإيصال صوتنا لأصحاب القرار حتى نتمكن من رؤية أبنائنا".وبينت: "قدمنا عدة اقتراحات في هذا الشأن، إلا أنها لم تلق الاهتمام المطلوب، فأنا مثلا لا مانع لدي إن كان التواصل مع ابنتي عن طريق الاتصال الهاتفي، أو مكالمة الفيديو، ومع ذلك حتى هذه الرغبة حرمت منها"، لافتة إلى أنه "إذا كان الهدف حماية الطفل من الأطراف غير الحاضنة، فمن يضمن عدم إصابة الأطفال في منزل الحاضن، خصوصا إذا كان يعمل في السلك العسكري ويدخل ويخرج باستمرار، وربما يخالط كثيرين في العمل".تحايل للحرمان
بدوره، قال أبو ضاري إن "منع الرؤية عمن يملك حقها، ما هو إلا وسيلة تحايل استغلها الحاضن للحرمان، وليس كما يدعي البعض لحماية الأطفال من فيروس كورونا"، مبينا أنني "حرمت من رؤية أطفالي نتيجة أخطاء وقرارات غير مدروسة من وزارة العدل، استفاد منها الطرف الآخر لعمل شرخ في العلاقة بيني وبين أبنائي الصغار".وأكد أبو ضاري أهمية معالجة المشكلة وفق الأطر الإنسانية والنفسية التي تحفظ حقوق جميع الأطراف، فمن غير المقبول أن يستمر هذا الوضع فترات أطول، خصوصاً أن أزمة كورونا غير محددة بتاريخ أو وقت معين".وأردف: "أسكن لوحدي، ولم أخالط أحداً منذ بداية الأزمة حتى الآن، ومع ذلك لا أستطيع رؤية ابنتي بسبب تعنت والدتها واستغلال أزمة كورونا، وفي حال استمرار الوضع كما هو حاليا، نتمنى من أصحاب القرار التدخل وإنصافنا وفق القانون لا سواه، ونأمل ان تتم الرؤية ليوم واحد وفق جدول زمني يمنع التواجد في نفس التوقيت، في مدارس أو مسارح تحددها الوزارة كمقر مؤقت حتى انتهاء الأزمة".مخالف للقوانين
من جهتها، تساءلت أم محمد: "ماذا يمكن أن نفعل بعد ان أغلقت كافة الأبواب بوجوهنا؟! فكل الجهود التي بذلناها للتوصل إلى حل يمكننا من رؤية فلذات أكبادنا، باءت بالفشل للأسف".وقالت أم محمد: "لا أستطيع رؤية ولدي بحجة تطبيق التباعد الاجتماعي تفاديا للإصابة بفيروس كورونا، فمن يضمن عدم الإصابة في منزل الحاضن.اقتراحات لإنصاف الطرفين
أكدت رئيسة المجلس الأعلى لحقوق المجتمع في جمعية المحامين، المحامية منى الأربش، أن «إغلاق مركز الرؤية يأتي ضمن صلاحيات وزير العدل، وفقاً لقرارات مجلس الوزراء المتعلقة بتعطيل مختلف الجهات الحكومية بسبب انتشار فيروس كورونا، لذا تم اتخاذ قرار إغلاق المركز ومنع التجمعات، بهدف حماية الأطفال وأولياء أمورهم، والموظفين العاملين في هذه المراكز».وأوضحت الأربش أنه «نتيجة لهذه الخطوة، دخلنا في إشكالية تتمثل في منع من صدر له حكم الرؤية من تنفيذ حكمه لعدم إمكانية التنفيذ بسبب إغلاق المركز، وبالتالي دخلنا في مشكلة إنسانية مجتمعية في التوفيق بين مصلحة المحضون وصحته وأمنه، وبين تمكين الأهالي ومن صدر لهم حكم بالرؤية من تنفيذ هذا الحكم، في ظل الظروف الصحية الراهنة».وقالت إنه يجب في ظل هذه الظروف اتخاذ التدابير اللازمة للتوفيق بين حفظ حقوق الطرفين وحماية المجتمع والالتزام بتعليمات الدولة».«العدل»: تواصل مع «الصحة» لتنفيذ الأحكام
التقى وكيل وزارة العدل عمر الشرقاوي، في مكتبه صباح أمس الأول، مع مجموعة من الآباء والأمهات ممن صدرت لمصلحتهم أحكام بالرؤية، وتعذر تنفيذها بسبب الظروف الحالية وانتشار فيروس كورونا، والذي استوجب فرض حظر التجول الجزئي في عموم البلاد، والعزل التام لبعض المناطق.وفي هذا الصدد، أكد مدير الإعلام والعلاقات العامة، المتحدث الرسمي في "العدل"، عيسى البشر، في تصريح صحافي، أن "الشرقاوي استمع إلى الملاحظات والاقتراحات التي طرحها الأهالي في ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بالرؤية في ظل الحظر الجزئي والعزل المناطقي". وأشار إلى أن "الشرقاوي أكد للأهالي حرص الوزارة على تحقيق هذه الرغبة، إذ تبذل الوزارة جهودها على كل الصعد بالتنسيق مع الإدارات المعنية، وأهمها وزارة الصحة، لوضع نظام يمكن من خلاله تنفيذ أحكام الرؤية بما يتوافق مع أوقات الحظر، ويوفر الحماية الصحية للطفل وذويه وموظفي الوزارة.