العالم يغرق وأنتم لاهون
ليت هناك أخباراً مفرحة تؤنسكم يمكن أن نكتبها لمن يقرأ، لكن للأسف، لا يوجد، في العالم اليوم كرب اقتصادي يصيب الكبير والصغير، كساد كبير يصيب دول الفيلة الضخمة، مثل الولايات المتحدة والصين ودول أوروبية، فماذا عن دول النمل، مثل حالة دولنا النفطية الخليجية التي ظلت تردد لعشرات السنين عن التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل، لكنها بقيت - عند معظمها - على حالها، تؤجل وتؤجل الإصلاح حتى أضحى النفط في باطن الأرض ليس ثروة مطلوبة بالأسواق، بل مادة سوداء تفيض بها المخزونات النفطية، وتحيدها جانباً مصادر الطاقة الأخرى النظيفة.ماذا نفعل؟ الأزمة ليست وليدة اليوم ووباء كورونا، بل هي ممتدة من 2008، ولكن قوة الاقتصاد الصيني وطلبه ألهتنا (نحن بني نفط) وغيبت عنا رؤية الظلام القادم حتى عام 2014... وجاءت كورونا اليوم لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير.
الآن، بينما الأخبار العالمية تتناقل عن الكساد الكبير الثاني (الأول بداية ثلاثينيات القرن الماضي) أخبارنا هنا عند البعض لا تخرج عن صب اللعنات على مئات آلاف العمال البؤساء المكتظين بـ "غيتوات" التعاسة التي أبدعها مؤسسو النهضة العمرانية الكويتية عن أكبر مول وأطول عمارة وأتفه عقول ثقافية، وشركاؤهم من تجار التجزئة الذين نسميهم "مقاولي الإقامات"!كيف نرى الغد وقد أصبح هو اليوم؟ الرواتب ماشية والمعاشات أيضاً ماشية، مع خطوات بسيطة "قد تكون لذر الرماد في العين"، في مطاردة بعض تجار الإقامات، مع أن الديرة كلها قائمة على استيراد وتجارة اليد العاملة الرخيصة، ماذا فكرنا وخططنا للغد؟ السلطة هي السلطة، لها ألف كلمة شكر عن العمل الذي يقوم به عدد من الوزراء اليوم في الصحة أو الداخلية أو التجارة، لكن مع ذلك تبقى السلطة هي السلطة، تنتظر الكارثة حتى تحدث ثم تتحرك عندها، لم نختر أشخاصها، ولا نشارك فيها، رغم كل الثرثرة التافهة عن الديمقراطية والمشاركة السياسية. وماذا سيفعل رئيس الوزراء الجديد ومعه كل هذه التركة الثقيلة من تاريخ طويل من اللامبالاة وجماعات فاسدة انتهازية مازالت تحيط بمصدر القرار وهي فوق النخل بكل الظروف، لا يتغيرون ولا أحد يجرؤ عليهم؟ الحكومة ستقترض، لأنه لا يوجد أمامها خيار آخر، حتى تسدد الرواتب، ويبقى الشعب يتسوق في الجمعيات يشتري "ماجلة رمضان" وتموين الجمعية، ماذا بعد القرض الذي سيخدر الأمور بعض الوقت؟ ماذا بعد؟ تكييش محافظ الاستثمارات والنفط... أين الدولة...؟ طريق فنزويلا ونيجيريا واضح جداً... وهذا خبر جيد، فهو خير من طريق اليمن السعيد... تحركوا وغيروا من نهجكم الآن في الإصلاح... من هو المسؤول عن الملف الاقتصادي؟ هل هو وزير المالية، أم وزير التجارة، أم وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية أم لا أحد؟... ليس هذا وقتاً يلقي كل واحد منكم بالمسؤولية على الآخر... العالم يغرق، وأنتم تتوهمون أن هناك جبلاً يعصمكم من الطوفان... اصحوا!