تطبيقات وتقنيات فنية لمشاهدة المتاحف الافتراضية

لتحقيق ما يسمى «العولمة المتحفية» رغم الجائحة

نشر في 20-04-2020
آخر تحديث 20-04-2020 | 00:03
في خطوة تكرِّس مفهوم المتاحف الافتراضية، وتحقيق ما يسمى «العولمة المتحفية»، رغم جائحة فيروس كورونا على الدول، والتي تسببت في الحد من زيارة المتاحف، بادر متحف محمد ناجي، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، بتقديم خدمة الرسائل الثقافية «أون لاين»، ضمن مبادرة وزارة الثقافة المصرية «الثقافة بين إيديك»، للتواصل مع الزائرين والسائحين عن طريق موقع التواصل الاجتماعي.
باتت المتاحف مفتوحة للزوار، لكن عبر «المتاحف الافتراضية»، حيث فتحت مبادرة متحف محمد ناجي المجال واسعا لعودة التطبيقات التكنولوجية، وخاصة تقنية نظارات الواقع الافتراضي، وتطبيقها على الهاتف الجوال، وهو المشروع الذي أطلقته أكاديمية البحث العلمي المصرية قبل حوالي عامين، وتتيح هذه التقنية رؤية مقتنيات المتاحف والآثار بأبعاد ثلاثية على الهاتف.

ويعتمد المشروع على تصوير المقتنيات والآثار من خلال كاميرا بتقنية 360 درجة، تلتقط صورة بانورامية تشمل جميع الاتجاهات، ثم تعالج من خلال برامج متخصصة على الكمبيوتر، لإتاحتها بتقنية الواقع الافتراضي.

عصر التقنية

وإذا كان الأصل في زيارة المتاحف الانتقال إليها، ففي عصر التقنية الرقمية والإنترنت تغيَّر هذا المفهوم، وأصبح المتحف يأتي إليك على الشاشة عبر الفضاء الإلكتروني، وبات هناك ما يُعرف بالمتاحف الافتراضية، حيث سبق أن رصد الفنان التشكيلي يسري القويضي في كتابه «العولمة المتحفية والمتاحف الافتراضية»، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في عام 2007، تاريخ تحول المتاحف من أماكنها الثابتة إلى الدول الأخرى وافتتاح فروع لها في الخارج.

وقال القويضي إن لجوء كثير من المتاحف العالمية إلى إنشاء مواقع لها على شبكة الإنترنت تتضمن الكثير من المعلومات التفصيلية عن المتحف وتاريخه ومواعيد زيارته، أتاح لأي فرد في العالم أن يكون على اتصال مباشر بالمتاحف الكبرى والعروض المختلفة بصفة مستمرة، وتغلبت الزيارة الافتراضية على عقبة الزمن، ولم تعد هناك حاجة للالتزام بمواعيد للزيارة، كما تغلبت أيضاً على عقبة المكان، فلم يعد المتحف متاحاً فقط لسكان منطقة معينة، بل أمكن لسكان أي مكان في العالم زيارة المتحف وقت ما يشاؤون.

وحول التخوف من أن الزيارات في شكلها الإلكتروني ستقلل من عدد رواد المتاحف، وتهدد وجودها، وتحولها إلى مخزن للتحف، قال القويضي إن موجة التحديث قوية وكاسحة، وفرضت وجودها، وأصبحت واقعاً لا يمكن تجاهله.

كلمة متحف

وقدَّم متحف محمد ناجي على موقع الوزارة رسالتين: الأولى حملت تعريفا لكلمة متحف، وجاء بها: «المتحف هو مكان يجمع التراث الإنساني والطبيعي، ليحافظ عليه ويصونه ويعرضه بغرض التعليم والثقافة، ويساعد على تطوير المعرفة الإنسانية عن طريق قراءة وفهم التراث الحضاري». أما الرسالة الثانية، فهي عن حكاية متحف محمد ناجي، الذي كان مرسما للفنان.

المتاحف العادية

من جهة أخرى، أصبحت المتاحف الافتراضية تزاحم المتاحف العادية، حيت يقوم نشطاء المواقع الافتراضية بتجميع صور لمقتنيات شتى، أو لآثار معروفة، وإعداد متحف دون أن يكون له أساس في الواقع.

والمتاحف الافتراضية هي متاحف تعتمد على التكنولوجيا السمعية والمرئية (ديجتال ميديا)، يتم إنشاؤها على الإنترنت من أجل التعريف بمتحف ما، وقد لا يكون لهذا المتحف وجود حقيقي، بهدف المحافظة على القطع الأثرية (لوحات، أوانٍ فخارية، صور، منحوتات وغيرها)، والبحث في تاريخها، ومن ثم نشر هذه المعلومات.

ويتم تصميم هذه المتاحف الافتراضية وفق خلق فضاء تفاعلي يتم فيه إيصال المعلومات بطريقة سهلة، من خلال جولة افتراضية في أرجاء فضاء ثلاثي الأبعاد مشابه للمتحف، مع إمكانية الحصول على المعلومات، عبر قاعدة بيانات، ويعتمد التصميم اعتمادا كبيرا على البرمجة.

إنشاء متحف

ويتداول كثيرون من رواد مواقع التواصل ثلاث مراحل أساسية لإنجاز متحف افتراضي، هي: جمع المعلومات (الأرشفة)، والتصوير، وأخيرا تحويلها إلى معلومات رقمية، فجمع المعلومات يكون من أجل بناء قاعدة بيانات تكون شاملة، من تعريف بالمعروضات والعادات والتقاليد وثقافة المجتمع. أما التصوير، فهو البداية لإعطاء صفة الافتراضية للمعروضات، لتأتي بعدها مرحلة تحويل الصور بعدة تقنيات رقمية إلى معلومات تشكل قاعدة بيانات يتم استعمالها في المتحف الافتراضي. ومن أهم المتاحف الافتراضية المتداولة حاليا بعنوان «اكتشف الفن الإسلامي»، ويُعد أكبر متحف افتراضي في العالم.

متحف ناجي

تعود النواة الأولى للمتحف إلى عام 1952، حينما شيَّد الفنان محمد ناجي مرسمه بمنطقة حدائق الأهرام، والتي أقيم عليها بعد سنوات عدة المتحف ذاته، وكان الغرض من اختياره هذا المكان استكمال لوحته الأهم (مدرسة الإسكندرية)، التي بدأ رسمها عام 1939 عندما كان مديراً لمتحف الفن الحديث.

ويضم المتحف مجموعة من أعمال الفنان الرائد محمد ناجي، حيث اقتنت وزارة الثقافة مرسمه عام 1962، تمهيداً لتحويله إلى متحف للفنان، وقامت شقيقته الفنانة عفت ناجي بإهداء الدولة أربعين لوحة زيتية من أعماله ومجموعة كبيرة من رسومه التحضيرية، إضافة إلى متعلقاته الشخصية.

وفي 13 يوليو 1968، افتتح د. ثروت عكاشة، وزير الثقافة آنذاك، متحف ناجي للجمهور بنفس عدد الأعمال الفنية التي تم إهداؤها. وفي عام 1987 اقتنت وزارة الثقافة مجموعة أخرى من اللوحات الزيتية لناجي عددها 28 لوحة، كما أهدت الفنانة عفت ناجي للمتحف مجموعة أخرى من رسومه. وفي عام 1991 تم افتتاح المتحف، بعد تطويره وتحديثه.

فن التصوير

وُلد محمد ناجي بالإسكندرية، وهو من كبار رواد فن التصوير المصري، ومن مؤسسي الحركة الحديثة فيه، وتعلم الموسيقى والرسم، وسافر إلى فرنسا للدراسة الأكاديمية للرسم، بعدها عاد إلى مصر، وسافر إلى الأقصر، وهناك أسس مرسمه، وسافر مرة أخرى عام 1918 إلى جنوب فرنسا، وهناك التقى الفنان كلود مونيه، الذي أمده بالكثير.

بعدها اقترب ناجي من فان غوخ وجوجان في أعماله، وعاد إلى مصر عام 1919، ثم عُين ملحقا بسفارة مصر بالبرازيل عام 1924، وحصل على قلادة الشرف الفرنسية عام 1927، وأسس اتيليه القاهرة عام 1951، والإسكندرية عام 1934، وأقام معرضه بلندن (مصر والحبشة) عام 1934. وكان أول مدير مصري مدرسة الفنون الجميلة عام 1934، كما كان أول مدير لمتحف الفن الحديث عام 1939، وأول مدير لأكاديمية الفنون بروما عام 1947.

back to top