«صخة يميام على التاوة»
هذا حالنا مع نكوص النُّخَب والمختصين عن التفاعل مع ضبابية معالجة الحكومة لموضوع وباء كورونا وغياب خطتها الواضحة، بمثل ما تفاعلت النُّخَب والشخصيات المختصة مع موضوع الدَّين العام.إنه صمت غريب، فحتى اللقافة خامدة هذه الأيام، أما النقد فاعتُبر كأنه تشويه أو قصم لظهر الجهد الرائع الذي يُبذل على الصعيدين الرسمي والشعبي في مواجهة ومكافحة الوباء... وهكذا رزحنا تحت رهاب نقد النقد!!إن النقد المطلوب الآن هو الذي ينجلي عن التوصل إلى أفضل الشروط والإجراءات ومنظوماتٍ للحل مترابطة المقدمات والنتائج، هذه المنظومات قد تكون في منطقة التجاهل أو المستحيل أو تلك التي تقع في دائرة اللامُفكَّر فيه في العقلية الحكومية، وفي إدراك المخططين لها، ربما كانت أطراف من الحكومة قد استحسنت هذا الموقف السلبي، ولكن هذا يوم أن كان الوباء بطيئاً، أمَا وقد أخذ يتسارع كسرعة النار في الهشيم، فإن ترك معالجة الجائحة للحكومة وحدها ولاجتهادات وزرائها ومخططيها دون تعاون منظمات المجتمع المدني وذوي الخبرة والرأي في إبداء المشورة واقتراح الحلول، يعد انتحاراً وخيانة للوطن والمجتمع.
حيث بدأ مرض كورونا يزحف بوتائر متسارعة إلى مناطق الكويتيين والوافدين غير المصابين، نتيجة الاختلاط مع العمالة الوافدة المصابة، وبدأنا نرى ونسمع أن مطاعم ومحلات وعدة جمعيات تعاونية يكتشف فيها مصابون من العمالة الأجنبية، كما وجدنا الإصابات تظهر بكثافة في مناطق جديدة مثل المرقاب وشرق والنقرة، مما أصبح الوضع معه يبعث على الهلع، وربما لا قدر الله تفلت الأمور، خصوصاً في ظل السماح للعمالة الأجنبية بحرية الحركة في كل مناطق الكويت أثناء ساعات السماح، وذلك لتوصيل الطلبات المختلفة وللعمل في الجمعيات والقيام بالأعمال الإنشائية المختلفة وإصلاح التكييف والكهرباء و«الصحي» والمركبات والأجهزة، فضلاً عن استخدام سياراتهم الخاصة للتوصيل بأجرة بعد وقف سيارات التاكسي. الوضع يفرض التحرك بسرعة تُحسَب بالساعات لا بالأيام، وضَعْ تحت «ساعات» مئة خط، ورفع حاجز يحصن المناطق والفئات غير المصابة، وكنت قد اجتهدت واقترحت في مقالي المنشور بتاريخ 2020/4/10 في «الجريدة» منظومة ذات مقدمات ونتائج، ومحكومة بمعيار زمني من مرحلتين، الأولى يتم فيها تقسيم الكويت إلى دوائر تُعزَل تماماً حسب الشروط والإجراءات المذكورة في المقال، لا يدخلها أحد، ولا يخرج منها إلا مركبات وعمالة الطوارئ والبلدية والتموين للجمعيات والصحة وهيئة الزراعة والمطافئ، وهذه غير مخالطة للسكان. أما عمالتها الضرورية فتكون بأقل عدد، وتسكن في مآوي «المدارس» ولا تخرج مثل الممرضين، والأطباء، وفنيي التصليح، وعمال الجمعيات... إلخ، بعد التأكد من خلوها من المرض.علماً بأنني أرى بعد المستجدات الأخيرة وخطورة العمالة الأجنبية عقب تفشي الإصابات فيها، أن المناطق في المرحلة الأولى تقوم بتشغيل أبناء المنطقة بالأعمال في الأماكن التي بها اختلاط كأسواق الجمعيات، بحيث تشمل تنظيم وتعبئة مخازن الجمعيات، بالإضافة إلى رفوف الجمعيات والمحاسبة والتنظيف، وهم على استعداد لذلك، بحيث نقلل قدر المستطاع من تواجد العمالة الأجنبية المحتمل أن تكون مصابة، ناهيكم عن تقليل كلفة الإيواء... وبعد أسبوعين أو ثلاثة يرفع الحظر تماماً عن المناطق الخالية من الإصابات.وفي المرحلة الثانية، يستمر العزل للمناطق التي بها إصابات، وهذه المناطق يتم عزل القطع والمباني فيها لتحديد الحالات المصابة التي تنقل للعلاج، فيقضى بعدها تماماً على الوباء، هذه المرحلة الثانية لن تستغرق أكثر من شهر أو شهرين. طبعا في المرحلة الأولى التي تستغرق أسبوعين أو ثلاثة بعدها يرفع الحجر عن كل المناطق غير الموبوءة، وتعود الحياة طبيعية بكل صورها ضمن المناطق، وسوف يخف الضغط على الأجهزة الصحية والقوى الأمنية، وتنصرف بجهدها لمحاصرة أماكن وفئة محدودة.في المرحلة الثانية، يتم افتتاح كل الشركات والمصانع والمعارض والورش والمطاعم، شريطة ألا تسكن عمالتها المناطق والأماكن المصابة، ويجب إلزام الشركات بإسكان عمالتها ضمن شروط صحية بعيداً عن التكدس في الغرف والبيوت، على أن تكون العودة للنشاط وفق جدول أولويات تضعه لجنة مختصة.