2.24 مليار دولار خسائر متوقعة لقطاع الطاقة المتجددة مع انتشار فيروس كورونا
لتوقف المصانع الصينية عن إنتاج المواد الأولية اللازمة للصناعة
أثر وباء «كورونا»، بشكل كبير، على تقنيات الطاقة الخضراء الواعدة سريعة النمو، وقطاعات الطاقة المتجددة، بسبب تعطل النشاط الصناعي الصيني، وتصنيع المكونات الأساسية لمنظومات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح وصناعات بطاريات التخزين.
بينما يقوم المحللون ومنظمات الطاقة الدولية بتقييم الآثار المترتبة على تفشي فيروس "كورونا" في الطلب العالمي على النفط، يبدو أن الأضرار التي لحقت بصناعة الطاقة العالمية تتجاوز خسائر قطاع النفط والغاز، إذ إن تقنيات الطاقة الخضراء الواعدة سريعة النمو وقطاعات الطاقة المتجددة تعاني أيضاً من تداعيات تفشي المرض، بسبب تعطل النشاط الصناعي الصيني، وتصنيع المكونات الأساسية لمنظومات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح وصناعات بطاريات التخزين. وكما أثر تراجع الطلب الصيني في النفط بالسوق العالمي، فإن التباطؤ الصيني في تصنيع مكونات الطاقة المتجددة له تأثير كبير في سلسلة التوريد العالمية لصناعات الطاقة المتجددة الرئيسة.
أهمية الصين
ويرى بعض الخبراء أن الوضع الحالي قد أبرز أهمية الصين المتزايدة في أسواق الطاقة العالمية على مدار العقدين الماضيين منذ اندلاع "سارس"، وذلك من قطاع النفط إلى قطاع تخزين البطاريات، وجميع قطاعات الطاقة العالمية تعاني عندما تتأثر الصناعات التحويلية، والطلب على النفط في الصين.ففي قطاع الطاقة الشمسية، أدى إغلاق المصانع وتعطل الإنتاج في جميع أنحاء الصين إلى تأخير صادرات الألواح الشمسية والمكونات الأخرى، مما عطل سلسلة الإمدادات في صناعات الطاقة الشمسية، وأثر في مشاريع الطاقة الشمسية في آسيا وأستراليا. وفي هذا الجانب، قالت إحدى شركات S&P Global، إن تعطل سلسلة إمدادات الطاقة الشمسية قد يكلف الصناعة نحو 2.24 مليار دولار من مشاريع الطاقة الشمسية، وذلك لتوقف المصانع الصينية عن انتاج المواد الاولية اللازمة للصناعة. وأشارت الشركة إلى أن ما مجموعه ثلاث غيغاواط من مشاريع الطاقة الشمسية في جميع أنحاء الهند قد تتعرض للتأخير وتجاوز التكاليف، بما في ذلك فرض غرامات تأخيره.نقص الإمدادات
من جهته، قال أحد كبار محللي أبحاث نقل الطاقة في "وود ماكنزي"، إنه إذا استمرت انقطاعات الإنتاج الرئيسة في الصين فترة أطول فستبدأ مصانع وحدات الطاقة الشمسية في جنوب شرق آسيا والولايات المتحدة في معاناة نقص الإمدادات، الأمر الذي من شأنه أن يقلل إنتاجها. ويضيف المحلل أن صناعة طاقة الرياح لم تسلم أيضا من تداعيات انتشار "كورونا"؛ إذ ستؤدي اضطرابات الإنتاج المرتبطة بتفشي المرض إلى خفض بناء منشآت طاقة الرياح في الصين بنسبة تتراوح بين 10 و50 في المئة خلال العام الحالي، وهذا يتوقف على مدى احتواء انتشار المرض وعودة الإنتاج إلى طبيعته، مشيرا إلى أن توقعات ما قبل الفيروس قدرت طاقة منشآت طاقة الرياح الجديدة بنحو 28 غيغاواط.خارج الصين، في الأسواق التي ستكون أكثر عرضة للتأثر، وبالتالي تتعرض لأكبر المخاطر، وهذه الأسواق هي الولايات المتحدة، وفقا للمصدر نفسه؛ حيث تستورد صناعة الرياح الأميركية مكونات من الصين، وهي في عجلة من أمرها لتركيب مشاريع طاقة الرياح بحلول نهاية عام 2020 للحفاظ على الإعانات الفدرالية. وفي هذا الصدد، تم تحديد منشآت بطاقة 6 غيغاواط التي تستهدف بدء التشغيل التجاري لها في عام 2020، إلا أنها معرضة للخطر الآن بعد اندلاع المرض.ضريبة الإنتاج
وتتطلب هذه المشاريع إعفاءات من إيرادات الخدمات الداخلية للحفاظ على الوصول إلى قيمة 100 في المئة من ائتمان ضريبة الإنتاج. وفضلا على ذلك فإن تفشي "كورونا" سيؤدي إلى كبح جماح تصنيع خلايا البطاريات في الصين، إذ يؤثر الاضطراب بالفعل في الإنتاج، وفي سلسلة التوريد. وفي هذا الجانب، تتوقع بعض المؤسسات المالية المتخصصة، أن يتقلص إنتاج خلايا البطاريات في الصين بنسبة 10 في المئة، أي بنحو 26 غيغاواط/ الساعة، هذا العام، ويمكن حدوث المزيد من التأخير وتعطل الإنتاج إذا استمر تباطؤ المصانع وقيود السفر مطبقة فترة أطول. ووفقاً لبعض المصادر فإن الـ 26 غيغاواط/ الساعة المتوقعة من الإنتاج المفقود تمثل 7 في المئة من الطاقة الإنتاجية العالمية، وهذا يعني أن انخفاض إنتاج البطاريات الصينية لن يؤثر فقط في أسواق السيارات الكهربائية العالمية وأسواق تخزين الطاقة، ولكنه قد يتحدى أيضا التوجه العام بأن السيارات الكهربائية ومشاريع تخزين الشبكة ستستفيد من انخفاض أسعار البطارية بشكل مستمر.عامل الوقت
واستناداً إلى الوقت الذي قد تتمكن فيه الصين من احتواء تفشي المرض، وعودة صناعة تقنيات الطاقة المتجددة إلى نشاطها الطبيعي لما قبل فيروس "كورونا"، يمكن أن تتأثر صناعات طاقة الرياح، والطاقة الشمسية وتخزين البطاريات العالمية، فترة تتراوح بين بضعة أسابيع وبضعة أشهر حتى منتصف هذا العام.ولكن بغض النظر عن مدى تأثير "كورونا"، فقد ارتفع الطلب على الصناعات التحويلية، والطلب على الطاقة في الصين بشكل كبير، على مدار العقد الماضي أو العقدين الماضيين، بحيث إن أي اضطراب كبير في قطاع الطاقة أو الصناعة الصيني قد يتسبب في صدمة بأسواق الطاقة العالمية.الوكالة الدولية
وكشفت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أحدث بيانات جديدة لها عن إضافة قطاع الطاقة المتجددة 176 غيغاواط إلى القدرة الإنتاجية العالمية للطاقة خلال عام 2019، وذلك بتراجع طفيف عن الإضافات المسجلة في عام 2018 التي بلغت 179 غيغاواط (بعد المراجعة). ومن ناحية أخرى، ساهمت الإضافات الجديدة بنسبة 72 في المئة من مجمل الزيادة الإنتاجية للطاقة خلال العام الماضي. ويشير تقرير "إحصائيات القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة 2020" الصادر عن الوكالة إلى نمو قطاع الطاقة المتجددة بنسبة 7.6 في المئة خلال العام الماضي، مع تصدر آسيا طليعة المساهمين في هذا النمو، واستئثارها بنسبة 54 في المئة من مجمل الإضافات الجديدة المسجلة في القطاع. ورغم تباطؤ وتيرة نمو قطاع الطاقة المتجددة قليلاً خلال العام الماضي، فإن نموه الإجمالي بقي متفوقاً على نمو قطاع الوقود الأحفوري بعامل قدره 2.6، وبذلك تبقى الطاقة المتجددة صاحبة الحصة الأكبر في التوسع العالمي لقطاع الطاقة منذ عام 2012. وساهمت طاقتا الشمس والرياح بنسبة 90 في المئة من إجمالي القدرة الإنتاجية للقطاع خلال عام 2019. ومن ناحية أخرى، اتخذ نمو القدرة الإنتاجية العالمية للمصادر غير المتجددة توجهات طويلة الأمد خلال عام 2019، مع صافي النمو في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، وصافي التراجع في أوروبا وأميركا الشمالية.98 غيغاواط العام الماضي
وساهمت الطاقة الشمسية بإضافة 98 غيغاواط في عام 2019، تركز 60 في المئة منها في آسيا، بينما ارتفعت القدرة الإنتاجية لطاقة الرياح بنحو 60 غيغاواط بفضل النمو الذي حققته الصين (26 غيغاواط) والولايات المتحدة (9 غيغاواط). وتساهم طاقتا الشمس والرياح اليوم في توليد 623 غيغاواط و586 غيغاواط على التوالي، أي ما يعادل تقريباً نصف القدرة الإنتاجية لقطاع الطاقة المتجددة العالمي. وعموما فإن إعادة الأمل في تلك الصناعة التي تطالب بها كل الجهات العالمية المهتمة بالمحافظة على البيئة وتغير المناخ تعتمد على الانتهاء من الأزمة الحالية لوباء "كورونا"، لضمان عودة نشاط المصانع المتخصصة في تلك الصناعة، والبدء في تطويرها للعمل بها في أغلبية دول العالم.
أضرار «الطاقة المتجددة» تفوق خسائر قطاع النفط والغاز