في وقت تشهد المنطقة تحركات ميدانية أميركية لإعادة الانتشار ورسم خطوط جديدة للاحتكاك مع إيران والميليشيات الموالية لها، ووسط حديث عن فتور في العلاقات بين موسكو ودمشق، التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الرئيس السوري بشار الأسد، في أول لقاء بينهما منذ عام.

وأرجع مراقبون زيارة ظريف إلى رغبة إيرانية في لعب دور أكبر بمستقبل دمشق، واستغلال ما يصفونه بـ"مؤشرات على تغيير روسيا استراتيجيتها مع تذبذب سيطرة حكومة الأسد على بعض المناطق التي استعادتها بدعم من موسكو، مثل درعا".

Ad

وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، بحث ظريف، الذي وصل دمشق أمس، مع الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم، العلاقات الثنائية والمستجدات الإقليمية والتطورات السياسية والميدانية في البلد العربي الذي تحول إلى ساحة للمواجهة بين القوى الإقليمية والدولية.

وتناول اللقاء، بحسب بيان صادر عن الخارجية السورية، "العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وسبل الارتقاء بها وتعزيزها، وأهمية البناء على المستوى الاستراتيجي المتميز الذي وصلت له في مختلف المجالات، وخصوصا في ظل التحديات المشتركة التي تواجه الشعبين، إضافة إلى سبل مكافحة فيروس كورونا".

وأكد الجانبان "خطورة استمرار الإرهاب الاقتصادي المفروض على شعبي البلدين، والمتمثل في الإجراءات الاقتصادية القسرية التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها".

وتجدر الإشارة إلى أن إيران من أقوى داعمي الرئيس السوري، وتعرضت مواقع القوات الإيرانية والمدعومة منها لعشرات الغارات في ريف دمشق ومطار التيفور بريف حمص الشرقي ومدينتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الشرقي قرب الحدود السورية العراقية، من جانب طائرات أميركية وصواريخ وطائرات إسرائيلية.

ظريف وترامب

وخلال وجوده بدمشق انتقد ظریف التصریحات الأخیرة التی أدلی بها الرئیس الأميركی دونالد ترامب حول إخفاء إيران حقيقة وباء كورونا، وعرضه تقديم مساعدة طبية، تتضمن أجهزة انعاش الحياة، لمساعدتها على تجاوز أزمة تفشي الفيروس، إذا طلبت طهران ذلك.

وقال ظریف مخاطبا ترامب: "ما ینبغی علیك فعله هو التوقف عن التدخل في شؤون البلدان الأخری لاسیما بلدي، وعلیك أن تصدق أننا لم نتشاور مع أي سیاسي أميركي"، في إشارة إلى اتهام الرئيس الأميركي وزير الخارجية الأسبق جون كيري بإجراء مباحثات مع طهران بالمخالفة لقانون "لوغان" الأميركي. وکتب ظریف، ردا علی تصريح ترامب، ان إیران ستصبح بلداً مصدراً لجهاز التنفس الاصطناعي قریباً.

تحذير بحري

وبعد 6 أيام من احتكاك بحري هو الأول من نوعه منذ إطلاق الولايات المتحدة مهمة "سنتينال" لحماية الملاحة بالمنطقة، دعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي القوات الأميركية إلى الالتزام بقواعد الملاحة البحرية، متهما إياها بمحاولة منع دوريات "الحرس الثوري" من تنفيذ جولات تفقدية بمياه الخليج، ومؤكدة في الوقت ذاته استعدادها للحوار مع دول الجوار.

وقال موسوي، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية أمس، "ينبغي للقوات الإيرانية في مياه الخليج أن تتمكن من تنفيذ جولاتها التفقدية بإحكام وهدوء"، مضيفا: "ندعو القوات الأميركية إلى الالتزام بقواعد الملاحة البحرية في الخليج، وألا تجبر قواتنا على توجيه التحذيرات لها. نعتبر تواجد القوات الأجنبية، وبخاصة الأميركية، في المنطقة غير شرعي وعاملاً لزعزعة الأمن".

وجاء ذلك غداة تحذير "الحرس الثوري" القوات الأميركية من أنه سيرد بـ"شكل حاسم" على أي خطأ حسابي للأسطول الأميركي في الخليج، واصفاً ادعاءات الجانب الأميركي حول حادث 15 أبريل الجاري بأنها وهمية وعلى غرار "أفلام هوليوود".

في موازاة ذلك، رأى رئيس الأركان الإيرانية اللواء محمد باقري أن "الردع أمام مصاصي الدماء كأميركا والكيان الصهيوني ليس أمرا هينا، وأن الدول التي تقوم بإثارة الحروب بدلا من متابعة أمور شعوبها لم ولن تتجرأ على العدوان على بلادنا، ولم يقدروا على الهجوم على بلادنا إزاء استهدافنا لقاعدة عين الأسد بالعراق، بما يثبت قوة القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية".

وأشار إلى أن الحكومة العراقية تسعى من أجل تنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية بعد قتل واشنطن قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، وتعهد باستمرار متابعة "محور المقاومة" لإخراج القوات الأميركية من العراق.

تقليص عراقي

في سياق آخر، أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد العبادي بأن بغداد خفضت استيراد الطاقة الكهربائية والغاز المشغل للمحطات الكهربائية من إيران بنسبة 75 في المئة، بعد تحقيق اكتفاء ذاتي واسع من إنتاج الطاقة الكهربائية.

ويأتي الإعلان العراقي عن التقليص الكبير لاستيراد الطاقة من الجمهورية الإسلامية بعد منح واشنطن استثناء مشروطا لبغداد من العقوبات، التي ترفضها على قطاع المحروقات الإيراني، بهدف وقف وارداتها بشكل كامل.

كابول وطهران

إلى ذلك، التقی المبعوث الخاص لوزارة الخارجیة الإيراني محمد ابراهیم طاهریان فرد کبار المسؤولین في أفغانستان، حیث أجری معهم مباحثات حول التطورات السیاسیة الجاریة في البلد المتاخم لإيران.

وبحث المبعوث الإيراني مع الرئیس الأفغاني محمد أشرف غني، والمشرف علی وزارة الخارجیة محمد حنیف اتمر، ومستشار الأمن القومي حمد الله محب، مسار محادثات السلام الأفغانية والقضايا ذات الاهتمام المشترك في كابول أمس الأول، وتزامن اللقاء مع هجوم أسفر عن مقتل 19 من أفراد القوات الحكومية في إقليم تخار بشمال أفغانستان، في هجوم حملت كابول حركة طالبان المسؤولية عنه.