قالت مصادر نيابية عراقية رفيعة، لـ«الجريدة»، إن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، رئيس جهاز الاستخبارات، معرض لتأخير إضافي بسبب انهيار أسعار النفط وشبح أزمة اقتصادية عميقة قد تطيح مرتبات القطاع العام، مشيرة إلى أن الخلافات لا تقتصر على توزيع الحقائب الوزارية بين الطوائف والأحزاب، بل تتأثر بملف انسحاب القوات الأميركية إلى حد كبير، والتزامات الوزارة الجديدة بما يفرضه الضغط الإيراني.

وبحسب المصادر، يتواصل فريق الكاظمي مع طبقة من الخبراء والشخصيات الوطنية الحازمة المعروفة بتأييدها لمطالب حركة الاحتجاجات الأخيرة، لكنه يواجه معارضة شديدة من الأحزاب، قد تقلص فرصة تقديم أسماء مستقلة، رغم أن أطرافاً مثل الزعيم الكردي مسعود البارزاني والسياسي رجل الدين الشيعي عمار الحكيم ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، تبذل جهداً لحماية خيارات الكاظمي ليكون مسؤولاً عن تشكيلته في مرحلة تتسم بصعوبة استثنائية.

Ad

وأضافت المصادر أن الكاظمي والأحزاب وافقا على حل وسط تكون بموجبه الحقائب الأمنية خارج المحاصصة، مرجحة أن يحتفظ هو بإدارة المخابرات لحساسية فائقة في طبيعة عمل الجهاز.

وتتناقل أوساط سياسية في هذا الإطار معلومات غريبة، منها أن الميليشيات الموالية لطهران تعرض الصلح على الكاظمي، بعد أن اتهمته بموالاة واشنطن، وتقترح عليه منحها جهاز المخابرات لتتولى حفظ أمن النظام، مقابل الكف عن عرقلته.

وتداولت وسائل إعلام محلية أنباء مفادها أن الكاظمي سيتمكن من تقديم الحكومة إلى البرلمان نهاية الأسبوع الجاري، غير أن هذا يطرح أسئلة معقدة وصعبة، إذ لم يسبق أن شُكلت في العراق حكومة بهذه السرعة.

واستبعدت المصادر إمكانية تسريع الإعلان الوزاري، إذ إن الكاظمي حسب هؤلاء، ورغم اكتمال تشكيلته ومنهاجه الوزاري بنحو أولي، يحبذ تأخير تلك الخطوة إلى منتصف شهر رمضان كي «يتخلص من عبء قرارات اقتصادية صعبة»، قد ينتج عنها احتجاج شعبي.

وأوضحت أن الكاظمي ينتظر أن يتورط سلفه الذي يصرف الأعمال عادل عبدالمهدي، في قرارات اقتصادية مؤلمة نتيجة الانهيار المالي، يختم بها حياته السياسية، في حين يقول الأخير إن التشكيلة المقبلة هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات التي قد تؤدي إلى خفض رواتب الموظفين إلى النصف، ابتداء من مرتبات أبريل الجاري، نتيجة انهيار أسعار النفط وخفض حاد في الإنتاج وفق قرارات منظمة أوبك.

وإضافة إلى شلل البلاد ذات الأربعين مليون نسمة من جراء حظر التجوال وسط وباء كورونا، فإن التعقيدات التي تواجه الكاظمي لا تقتصر على تقاسم الحقائب الوزارية وأزمة الاقتصاد، بل تتركز المشاورات أيضاً وبضغط إيراني واضح، على نوع التزامات الكاظمي حيال الحوار الاستراتيجي المعلن عنه أخيراً بين واشنطن وبغداد والمتوقع انطلاقه الصيف المقبل، إذ سيدرس الطرفان شكل الوجود العسكري الأميركي في العراق، ومستويات التعاون، بعد فشل طهران وحلفائها في إجبار واشنطن على سحب سريع للقوات منذ مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني مطلع العام الحالي بغارة أميركية على أسوار مطار بغداد.