مع انتقال البرامج والنجوم إلى منصات التواصل الاجتماعي، أطلقت أكاديمية الفنون الأدائية «لابا» برنامج «الصدى»، من تقديم رئيسة مجلس إدارة «لوياك» فارعة السقاف، التي تحاور بخبرتها وعفويتها العديد من الشخصيات، في بث تفاعلي مباشر على «إنستغرام».

واستضاف البرنامج، في حلقته الأولى، الإعلامية اللبنانية القديرة جيزيل خوري، في حوار تفاعلي شارك فيه المشاهدون أنفسهم بالأسئلة.

Ad

وفي أجواء الحظر هذه كان من الطبيعي السؤال: كيف تقضي الإعلامية المرموقة يومها؟ فأجابت خوري بأنها تقضي اليوم في القراءة، وحالياً تقرأ رواية اليف شافاق «عشر دقائق وثمانية وثلاثون ثانية»، والتي تتطرق إلى الدقائق الأخيرة في حياة المتوفى، حيث يُقال إنه يظل خلال تلك الدقائق والثواني يعي ما يدور حوله. مشيرة إلى أنها عاشت في صباها تجربة مشابهة عندما صدمتها سيارة، وشعرت أنها عادت إلى الحياة مرة أخرى. وإلى جانب القراءة قالت إنها تحضر لحلقات جديدة من برنامجها «المشهد»، إحداها عن نشأة حزب الله، وأخرى عن حرب تموز (يوليو)... وأوضحت أنه ليس لديها مانع من التصوير في ظل هذه الظروف، متى ما وافق الضيوف أنفسهم.

مساعدة الناس

كما أشارت جيزيل إلى أن أهوال الحرب الأهلية في لبنان كانت سبب التحاقها بالمجال الإعلامي، لرغبتها في مساعدة الناس، رغم تحفظ أسرتها التي أرادت لها التخصص في الهندسة المعمارية.

ولأنها اشتهرت بمحاورة كبار الشخصيات من الزعماء والرؤساء والمثقفين كان من الطبيعي أن يأتي السؤال حول تلك التجربة، حيث ذكرت أنها التقت من الرؤساء كلا من علي عبدالله صالح، وبوتفليقة، وحسنى مبارك، والسيسي، وياسر عرفات، وأبومازن محمود عباس، وغازي الياور الذي كان رئيساً مؤقتا للعراق، وجلال طالباني، وكذلك الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، الذي كان الأقرب إلى قلبها.

ولفتت إلى أن الرئيس الجزائري السابق بوتفليقة كان يتفاءل بها، نظراً لأن إعلان فوزه بالرئاسة جاء أثناء حضورها للتسجيل معه. كما ذكرت أن الرئيس المصري الراحل مبارك كان لطيفاً وعفوياً وخفيف الظل، على عكس صورته وسط المقربين منه. ولفتت إلى أن القذافي طلبها للتسجيل معه مرتين، لكنها رفضت، بالإضافة إلى أن القناة نفسها تحفظت نظراً للأوضاع السياسية هناك. وأكدت حرصها دائماً على أن تكون هناك مسافة مع ضيوفها، خصوصاً من السياسيين، وعدم الخلط بين الصداقة والعمل.

كتاب ومبدعون

ومن المبدعين الذين تعتز جيزيل بمحاورتهم الشاعران الكبيران محمود درويش، وأدونيس، إضافة إلى المفكر الراحل إدوارد سعيد، الذي وصفته بأنه من أجمل الرجال شكلاً وموضوعاً، حيث التقته في باريس رغم محنة مرضه آنذاك. وأشارت إلى اختلاف وعيه وتميزه وشهرته لكسر المألوف، فعندما سألته عن القدس قال ببساطة إنها «مدينة حزينة».

كما ذكرت أنها استفادت الكثير من محاورة الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، وقالت إنها تعلمت منه الكثير، وأهم درس أن «العمل معبد».

واعتبرت أن من أفضل اللقاءات في مسيرتها حلقة زياد رحباني، لأنها حققت شهرة وانتشاراً ومتابعة بنسب غير مسبوقة في تاريخ التلفزيون، مشيرة إلى أن زياد ارتبط أكثر بجيلها وخلق له لغة خاصة، وقالت: عذبني كتير، لكنه فنان عظيم وعبقري، ويمكن الدخول إليه من زوايا عدة.

«سكايز»

وحول جهود مؤسسة «سمير قصير»، التي تحمل اسم زوجها الكاتب الصحافي سمير قصير، الذي اغتيل في بيروت قبل خمسة عشر عاماً، قالت جيزيل: أول خطوة رسمية للمؤسسة كانت في سبتمبر 2005، عقب اغتيال سمير، وأضافت: سمير لم يكن صحافيا فقط، فهو مؤرخ بيروتي تحديداً، والتقينا حول الثقافة قبل الزواج والارتباط.

وأوضحت أن المؤسسة أسست مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية عام 2007، وهو معروف اختصاراً باسم «سكايز» المأخوذ من اسم سمير.

وقالت إن المركز يختص بالدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية في المشرق العربي فقط، باستثناء الخليج ومصر اللذين يحتاجان إلى ميزانية ومؤسسة أكبر، والآن هناك مطالبة بدخول هذه البلدان. وأتمنى أن يخصص العرب الأموال للمؤسسات غير الربحية من دون الضغط عليها... وأن نتعلم فضيلة التسامح مع الأفكار التي لا تشبهنا.

ولفتت إلى مساعدة المركز للمؤسسات الأخرى الفاعلة في المجالات ذاتها، ومن ثم أصبح يحظى بسمعة عالمية، موضحة أنه لا يتلقى تمويلًا من جهات عربية حتى لا تفرض شروطاً عليه أو ضغوطاً... ولا من أى جهه دولية، ولكن هناك بعض الدعم من المؤسسات الدولية، خاصة من الاتحاد الأوروبي والدول الاسكندنافية، مثل السويد والنرويج، المعروفة بالحيادية والتي ليس لها أي أجندات سياسية ولا تفرض أية شروط على مشاريع المركز، لكنها تدقق بصرامة في كل ما يتعلق بأوجه الإنفاق.

وقالت جيزيل إن من القضايا التي تدخل فيها المركز قضية شاعر أردني سجن بسبب قصيدة اعتبرها مفتي عمان مسيئة للدين، فتم التواصل مع السلطات هناك حتى تم إسقاط التهمة عنه وصدور عفو. كما تواصل مع الرئيس الفلسطيني «أبو مازن» في قضية مماثلة.

وبالنسبة إلى الصحافيين أوضحت: نحن نتبنى كل قضاياهم، ورافقنا الكثير من الصحافيين في لبنان إلى المحاكم، كما خصصنا لبعضهم رواتب بسيطة، خصوصا ممن فقدوا عملهم... إضافة إلى المشاركة في قضايا حقوق الإنسان والعمل الإنساني بصفة عامة، لافتة إلى أن المؤسسة تُدار بشفافية ولها مدير مسؤول دون تدخل منها، إلا إذا اقتضى الأمر استثمار علاقاتها الواسعة لحل بعض المشاكل.

وعما إذا كانت تخطط لكتابة سيرتها، قالت إنها بالفعل تنوي نشر مذكراتها وقصة حبها مع سمير قصير، الذي تزوجته قبل عامين من اغتياله، وإنها لن تسامح الأيادي الملطخة بدمائه، متوعدة بأنها ستظل تلاحقهم لحين تقديمهم إلى العدالة، لافتة إلى أن هناك أسراراً سوف تحكيها لأول مرة في مذكراتها لا يعرفها حتى أولادها.

«الجوهر»

وخلال اللقاء، أعلنت فارعة السقاف عن اطلاق برنامج «الجوهر»، بالتعاون مع جيزيل خوري، وهو عبارة عن تدريبات للإعلاميين الشباب في إعداد وتحضير البرامج الحوارية.

وحول برنامج «الصدى»، أوضحت السقاف أنه برنامج حوارى غير تقليدى تم إطلاقه لعدة أسباب؛ أولا لأن الضيوف شخصيات مميزة، وثانيا كلمة الصدى شاملة فهي تخص الصدى الإنساني، والثقافي، مشيرة إلى أن جيزيل خوري ليست إعلامية مرموقة فحسب بل هي أيضاً ناشطة بارزة في المجالات الإنسانية والثقافية.

«ذاكرة الصدى»

وإلى جانب استضافة شخصيات عربية مؤثرة وملهمة، يتضمن البرنامج فقرة أسبوعية ثابتة للكاتب الصحافي حمزة عليان، بعنوان «ذاكرة الصدى»، تركز على أشياء في ذاكرة الوطن الكويتي أو العربي، خصوصاً أن عليان معروف بثقافته الموسوعية بشأن تاريخ الكويت، وهو مؤسس أرشيف جريدة القبس.

وتناول عليان في فقرته يهود الكويت، وهو سبق أن نشر عنهم كتابه «اليهود في الكويت... وقائع وأحداث»، ومزج فيه بين الجهد البحثي والميداني.

وأشار عليان إلى أن اليهود الذين جاؤوا إلى الكويت أتوا من إيران والعراق، منطقة البصرة تحديداً، ومن الهند، وتركز وجودهم في الكويت بمنطقة شرق في «فريج اليهود»، وقدر عددهم عام 1890 بخمسين فرداً، ويرجح أنها فترة كانت في آخر عهد المغفور له الشيخ عبدالله الصباح، موضحاً أن أبرز التجار اليهود هم صالح ساسون محلب، وعزرا علفي، وغيرهما، وأن أبرز العائلات اليهودية، التي كانت مقيمة في الكويت، هي: الروبين، وخواجة، ومحلب، وساسون، وشامون، وكوهيل، وحزقيل، وغيرهم.

وبين عليان أن الفنانين صالح وداود الكويتي أصولهما من العراق، مضيفاً أن خالد البكر أول فنان كويتي تعلم العود والمقامات الموسيقية على يد صالح الكويتي.

وسألت السقاف عليان عن الشخصيات النسائية التي اشتهرت في ذلك الوقت، ليجيب عليان: «هناك حكايات شعبية تناقلت أن إحدى اليهوديات كانت ممرضة، ولكن لم يعطينا أحد معلومات إضافية عنها»، مبيناً أنه عند الهجرة لم يخرج اليهود دفعة واحدة، وأيضا لم يدخلوا دفعة واحدة، وخرجوا من الكويت على مرحلتين أساسيتين.