لماذا طاح الحطب؟
حدثت مفاجأة سارة لشركات المقاولات في الثامن من هذا الشهر، الجهاز المركزي للمناقصات بشر الشركات، التي تمت معاقبتها على فضيحة أسفلت الطرق قبل عام، وقال لها: "خلاص طاح الحطب. واللي فات مات"، وبالتالي ألغى عنها العقوبات...! لماذا؟ وبأي عذر يقرر هذا الجهاز إلغاء العقوبات ويسامح تلك الشركات، وكأن حكم القانون حكاية من "بيت أبوه"؟العادة التي نعرفها أن التهاون في تطبيق القانون والتسامح مع قضايا الفساد ليس أمراً جديداً في نهج سلوك السلطة بصفة عامة، لكن هذه المرة ماذا كانت المناسبة: هل كارثة وباء كورونا والظروف الاستثنائية للإدارة تبرر مثل هذا التصرف؟ العكس صحيح فمثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الدولة يفترض أن تكون المناسبة لإحكام الرقابة على مسائل الإهمال والأخطاء الكبيرة، وبتر "الرخاوة" التاريخية التي انتهجتها السلطة في إدارتها لشؤون البلد.
هناك أسئلة يجب أن يسأل عنها "الجهاز المركزي" الذي علاقته، كما يبدو، سمن على عسل مع عدد من شركات المقاولات من طبيعة إن حبتك عيني، مثلاً تطبيق المادتين 24 و26 من قانونه، اللتين تحددان تصنيف شركات المقاولات و"إعادة تصنيفها دورياً" بعد غربلتها، فمنذ عام 2016 (إقرار القانون) كانت الخيبة كبيرة عند عدد من الشركات التي تأملت بالدخول لسوق المناقصات، فهذا الجهاز "... يرفض إعادة وتصنيف بيانات الشركات القديمة واقتصار تطبيق القانون على الشركات الجديدة فقط بناء على رغبة أصحاب التصنيفات المرتفعة لمنع أي منافسة جديدة"، وتم تصنيف شركة واحدة فقط منذ عام 2017... لماذا هذا الاحتكار الفاسد لجماعات النفوذ؟ وهل هناك أي ذرة من العدالة والإنصاف في توزيع ريع الدولة أو ما تبقى منه؟الظروف الاستثنائية الصعبة، التي قد تستمر لآخر "دينار" في دخل الدولة الناضب، تفرض التشدد والحزم في تطبيق القانون، فالناس مع تناقص دخولهم وشد أحزمة المعاناة سينظرون لكل صغيرة وكبيرة تنتهجها الإدارة اليوم، وما كان يتم التساهل في أمره بالسابق بحكم تغييب الوعي الرقابي، عبر سياسة شراء الرضا والولاءات، لم يعد له مكان الآن، هذا المفروض أو ما يفترض أن تكون عليه الأمور.