أكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإيرانية، لـ «الجريدة»، أن مهمة الوزير محمد جواد ظريف في دمشق، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد، الاثنين، وسلّم إليه رسالة من نظيره الإيراني حسن روحاني، كانت على درجة عالية من الأهمية، لدرجة تجاوزه قيود «كورونا» التي ألغت جميع الرحلات الأخرى للدبلوماسي الإيراني النشيط.

ووفق المصدر، فإن أحد أسباب رحلة ظريف هو أن خليفة الجنرال قاسم سليماني في قيادة «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري»، الجنرال إسماعيل قآني فشل في لقاء الرئيس السوري خلال زيارته الأخيرة لدمشق، التي جاءت في إطار جولة إقليمية له على «حلفاء» طهران في العراق ولبنان وسورية.

Ad

وأضاف أن دمشق تذرّعت بعدم وجود تنسيق سابق بين الجانبين بشأن اللقاء، في حين أن سليماني، الذي كانت تجمعه علاقة شخصية وخاصة بالأسد كان يلتقي الرئيس السوري دون موعد سابق.

وأثار هذا الأمر تخوفاً في طهران من أن يكون دورها في سورية قد تضاءل، وأن الأسد ربما خضع لضغوط الاتفاقيات الروسية - التركية، التي تحاول حذف التأثير الإيراني من المعادلة.

لكنّ الجانب الأبرز في مهمة ظريف، دائماً، حسب المصدر، كان رغبة طهران في الاستفسار بشأن العلاقات السورية - الخليجية، خصوصاً بعد التقارير التي أشارت إلى تقارب سوري - إماراتي، غذاها الاتصال الذي أجراه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بالأسد في إطار مكافحة الوباء.

ووفق المصدر، فقد طلب ظريف من دمشق أن تنسّق مع طهران في كل ما يخص «المسار الخليجي»، خصوصاً أن الإيرانيين يرغبون في حوار مماثل مع هذه الدول، وقد عبّروا عن ذلك في كل المناسبات.

وأضاف أن ظريف شدد على أن أي حوار سوري - خليجي، أو حتى سوري - عربي، يجب أن يقوم على مبدأ «وحدة جبهة المقاومة»، وأنه يجب على السوريين إفهام الخليجيين أن أزمات المنطقة «سلّة واحدة»، ويجب حلها جميعها بالتزامن، وأنه لا إمكانية لحلّ الخلاف الخليجي - السوري بمعزل عن إيران.

ومع تفشي وباء كورونا، تزايدت المطالبات العربية بضرورة إعادة العلاقات مع دمشق لأسباب مختلفة؛ منها أسباب إنسانية وأخرى لزيادة الاستفادة من بعض السلع السورية في الأسواق العربية، مع تضرّر سلاسل التوريد العالمية من قيود الحركة.

في المقابل، أكد المصدر أن الرئيس السوري كانت لديه أيضاً «لائحة شكاوى» قدّمها للوزير الإيراني، تصدّرها مطلب المساعدات المالية والاقتصادية، وحتى موضوع العتاد العسكري والبضائع.

وذكر المصدر أن الأسد اشتكى تراجع دعم طهران له إلى الحد الأدنى، في حين أن سورية تمرّ بظروف حساسة، وتحتاج إلى بعض السلع والبضائع الضرورية، إضافة إلى المساعدات المالية.

وأفاد بأن الأسد اشتكى كذلك من أن الوجود العسكري الإيراني في سورية يستجلب تصادماً مستمراً مع إسرائيل، وأن الصواريخ الدفاعية التي تُطلقها القوات السورية في محاولة للتصدي للغارات الإسرائيلية التي تستهدف القوات الإيرانية وحلفاءها مكلفة، خصوصاً أن موسكو لا تساعد في هذا الأمر، وتعتبر نفسها غير معنيّة بذلك الصراع، وعليه، فإنه يجب التوصل إلى حل بخصوص هذا الأمر.

وشدد الرئيس السوري لضيفه على أن الأولوية الحالية بالنسبة إلى بلاده هي حل الأزمة الداخلية لا الصراع مع إسرائيل، وأن الشعارات التي يطلقها بعض المسؤولين الإيرانيين وحلفاء طهران حول قتال إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية يُحرج الحكومة السورية أمام شعبها، كما يعرّضها لمخاطر تجد نفسها في غنى عنها، وأنه على الإيرانيين التوقف عن إطلاق هذه الشعارات وتهديد إسرائيل أو الدول الأخرى انطلاقاً من الأراضي السورية.

وأضاف أن الأسد ذكّر ظريف بأنه وفق الاتفاقيات، فإن حلفاء إيران في سورية يجب أن يكونوا تحت إمرة القوات السورية، في حين أنهم بدأوا، في الآونة الأخيرة، التصرف على هواهم، بل ويعتبرون أنفسهم قادة على الضباط والجنود السوريين، وقد أدى ذلك إلى صدامات عسكرية، أغضبته شخصياً، مشيراً إلى أن ظريف نقل موقف الأسد «المختلف نوعياً» إلى القيادة الإيرانية.