لما كانت الليلة الثالثة بعد الخمسمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أنه كان في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان، حكيم من حكماء اليونان، وكان ذلك الحكيم يسمى دانيال، وكان له تلامذة وجنود، وكان حكماء اليونان يذعنون لأمره ويعولون على علومه، ومع هذا لم يرزق ولداً ذكراً، فبينما هو ذات ليلة من الليالي يتفكر في نفسه وعدم إنجابه ولداً يرثه في علومه من بعده، إذ خطر بباله أن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة من إليه أناب، وأنه ليس على باب فضله أبواب، ويرزق من يشاء بغير حساب ولا يرد سائلاً إذا سأله بل يجزل الخير والإحسان له، فسأل الله تعالى الكريم أن يرزقه ولداً يخلفه من بعده ويجزل له الإحسان من عنده، ثم رجع إلى بيته فأخبرته زوجته بأنها حامل. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

Ad

5 ورقات

وفي الليلة الرابعة بعد الخمسمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الحكيم اليوناني سافر إلى مكان في مركب فانكسرت به المركب وراحت كتبه في البحر وطلع هو على لوح من تلك السفينة وكان معه خمس ورقات بقيت من الكتب التي وقعت منه في البحر فلما رجع إلى بيته، وضع تلك الأوراق في صندوق وقفل عليها، وكانت زوجته قد ظهر حملها، فقال لها: اعلمي أني قد دنت وفاتي وقرب انتقالي من دار الفناء إلى دار البقاء وأنت حامل، فربما تلدين بعد موتي صبياً ذكراً، فإذا وضعتِه فسميه حاسبا كريم الدين وربيه أحسن التربية، فإذا كبر وقال لك: ما خلف لي أبي من الميراث فأعطيه هذه الورقات الخمس، فإذا قرأها وعرف معناها يصير أعلم أهل زمانه، ثم إنه ودعها وشهق شهقة ففارق الدنيا وما فيها، رحمة الله تعالى عليه، فبكى عليه أهله وأصحابه ثم غسلوه وأخرجوه خرجة عظيمة ودفنوه ورجعوا.

ثم إن زوجته بعد أيام قلائل وضعت ولداً مليحاً فسمته حاسبا كريم الدين كما أوصاها به، ولما ولدته أحضرت له المنجمين فحسسوا طالعه وناظره من الكواكب ثم قالوا لها: اعلمي أيتها المرأة أن هذا المولود يعيش أياماً كثيرة ولكن بعد شدة تحصل له في مبتدأ عمره، فإذا نجا منها فإنه يعطى بعد ذلك علم الحكمة ثم مضى المنجمون إلى حال سبيلهم، فأرضعته اللبن سنتين وفطمته.

فلما بلغ خمس سنين حطته في المكتب ليتعلم شيئاً من العلم فلم يتعلم، فأخرجته من المكتب وحطته في الصنعة فلم يتعلم شيئاً من الصنعة ولم يطلع من يده شيء من الشغل فبكت أمه من أجل ذلك، فقال لها الناس: زوجيه لعله يحمل هم زوجته ويتخذ له صنعة، فقامت وخطبت له بنتاً وزوجته بها، ومكث على ذلك الحال مدة من الزمان وهو لم يتخذ له صنعة أبداً، ثم إنهم كان لهم جيران حطابون فأتوا أمه وقالوا لها: اشتري لابنك حماراً وحبلاً وفأساً ويروح معنا إلى الجبل فنحتطب نحن وإياه ويكون ثمن الحطب له ولنا وينفق عليكم مما يخصه.

فلما سمعت أمه ذلك من الحطابين فرحت فرحاً شديداً واشترت لابنها حماراً وحبلاً وفأساً وأخذته وتوجهت به إلى الحطابين وسلمته إليهم وأوصتهم به، فقالوا لها: لا تحملي هم هذا الولد ربنا يرزقه وهذا ابن شيخنا ثم أخذوه معهم وتوجهوا إلى الجبل فقطعوا الحطب وأنفقوا على عيالهم، ثم إنهم شدوا حميرهم ورجعوا إلى الاحتطاب في ثاني يوم وثالث يوم ولم يزالوا على هذه الحالة مدة من الزمان فاتفق أنهم ذهبوا إلى الاحتطاب في بعض الأيام فنزل عليهم مطر عظيم فهربوا إلى مغارة عظيمة ليداروا أنفسهم فيها من ذلك المطر فقام من عندهم حاسب كريم الدين، وجلس وحده في مكان من تلك المغارة، وصار يضرب الأرض بالفأس فسمع حس الأرض خالية من تحت الفأس، فلما عرف أنها خالية مكث يحفر ساعة فرأى بلاطة مدورة وفيها حلقة فلما رأى ذلك فرح ونادى جماعته الحطابين، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

جب العسل

وفي الليلة الخامسة بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن حاسبا كريم الدين لما رأى البلاطة التي فيها الحلقة فرح ونادى جماعته فحضروا إليه فرأوا تلك البلاطة فتسارعوا إليها وقلعوها فوجدوا تحتها باباً ففتحوا الباب الذي تحت البلاطة، فإذا هو جب ملآن عسل نحل، فقال الحطابون لبعضهم: هذا جب ملآن عسلاً وما لنا إلا أن نروح المدينة ونأتي بظروف ونعبئ هذا العسل فيها ونبيعه ونقتسم حقه وواحد منا يقعد ليحفظه من غيرنا.

فقال حاسب: أنا أقعد وأحرسه حتى تروحوا وتأتوا بالظروف، فتركوا حاسبا كريم الدين يحرس لهم الجب وذهبوا إلى المدينة وأتوا بظروف وعبأوها من ذلك العسل وحملوا حميرهم ورجعوا إلى المدينة وباعوا ذلك العسل ثم عادوا إلى الجب ثاني مرة، وما زالوا على هذه الحالة مدة من الزمان وهم يبيعون في المدينة ويرجعون إلى الجب يعبئون من ذلك العسل، وحاسب كريم الدين قاعد يحرس لهم الجب.

الغدر

وفي يوم من الأيام قالوا لبعضهم إن الذي لقي جب العسل حاسب كريم الدين، وفي غد ينزل إلى المدينة ويدعي علينا ويأخذ ثمن العسل ويقول: أنا الذي لقيته، ومالنا خلاص من ذلك إلا أن ننزله في الجب ليعبئ العسل الذي بقي فيه ونتركه هناك فيموت كمداً ولا يدري به أحد، فاتفق الجميع على هذا الأمر، ثم ساروا وما زالوا سائرين حتى أتوا إلى الجب، فقالوا له: يا حاسب انزل الجب وعبئ لنا العسل الذي بقي فيه فنزل حاسب في الجب وعبأ لهم العسل الذي بقي فيه، وقال لهم اسحبوني فما بقي فيه شيء، فلم يرد عليه أحد منهم جواباً، ودفعوا حميرهم وساروا إلى المدينة وتركوه في الجب وحده وصار يستغيث ويبكي ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قد مت كمداً، هذا ما كان من أمر حاسب كريم الدين.

وأما ما كان من أمر الحطابين، فإنهم لما وصلوا إلى المدينة باعوا العسل وراحوا إلى أم حاسب وهم يبكون وقالوا لها: يعيش رأسك في ابنك حاسب، فقالت لهم: ما سبب موته? قالوا لها: كنا جالسين فوق الجبل، فأمطرت علينا السماء مطراً عظيماً فآوينا إلى مغارة لنتدارى فيها من ذلك المطر فلم نشعر إلا وحمار ابنك هرب في الوادي، فذهب خلفه ليرده من الوادي وكان فيه ذئب عظيم فافترس ابنك وأكل الحمار. فلما سمعت أمه كلام الحطابين لطمت وجهها وحثت التراب على رأسها وأقامت عزاءه وصار الحطابون يجيئون لها بالأكل والشرب في كل يوم، هذا ما كان من أمر أمه.

وأما ما كان من أمر الحطابين، فإنهم فتحوا لهم دكاكين وصاروا تجاراً ولم يزالوا في أكل وشرب وضحك ولعب.

طاقة نور

وأما ما كان من أمر حاسب كريم الدين فإنه صار يبكي وينتحب، فبينما هو قاعد في الجب على هذه الحالة، وإذا بعقرب كبيرة وقعت إليه فقام وقتلها، ثم تفكر في نفسه، وقال: إن الجب كان ملآناً عسلاً فمن أين أتى هذا العقرب? فقام ينظر المكان الذي وقع منه العقرب، وصار يتلفت يميناً وشمالاً في الجب، فرأى المكان الذي وقع منه العقرب يلوح منه النور، فأخرج سكيناً كانت معه ووسع ذلك المكان، حتى صار قدر الطاقة وخرج منه وتمشى ساعة في داخله فرأى دهليزاً عظيماً فمشى فيه فرأى باباً عظيماً من الحديد الأسود، وعليه قفل من الفضة، وعلى ذلك القفل مفتاح من الذهب، فتقدم إلى الباب ونظر من خلاله فرأى نوراً عظيماً يلوح من داخله فأخذ المفتاح وفتح الباب وعبر إلى داخله وتمشى ساعة حتى وصل إلى بحيرة عظيمة فرأى في تلك البحيرة شيئاً يلمع مثل الماء فلم يزل يمشي حتى وصل إليه فرأى تلاً عالياً من الزبرجد الأخضر وعليه تخت منصوب من الذهب مرصع بأنواع الجواهر، وإذا به أمام ملكة الحيات، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

ملكة الحيات

ولما كانت الليلة السادسة بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن حاسباً كريم الدين بكى بكاء شديداً ثم قال لملكة الحيات إني أريد الذهاب إلى بلادي، فاشترطت ملكة الحيات عليه ألا يدخل الحمام أبداً فحلف لها وقالت له: إني أخاف يا حاسب إذا وصلت بلادك أن تنقض العهد وتحنث في اليمين الذي حلفته وتدخل الحمام، فحلف يميناً آخر وثيقة أنه لا يدخل الحمام طول عمره، فأمرت حية وقالت لها أخرجي حاسب كريم الدين إلى وجه الأرض، فأخذته الحية وسارت به إلى مكان حتى أخرجته على وجه الأرض من سطح جب مهجور.

ثم مشى حتى وصل إلى المدينة وتوجه إلى منزله، وكان ذلك في آخر النهار، وقت اصفرار الشمس، ثم طرق الباب فخرجت أمه وفتحت الباب، فرأت ابنها واقفاً فلما رأته صاحت من شدة الفرح وألقت نفسها عليه وبكت فلما سمعت زوجته بكاءها، خرجت إليها فرأت زوجها فسلمت عليه وقبلت يديه وفرح بعضهم ببعض فرحاً عظيماً، ودخل البيت وبعد ما استقر بهم الجلوس وقعد بين أهله سأل عن الحطابين الذين كانوا معه وراحوا وخلوه في الجب فقالت له أمه إنهم أتوني وقالوا لي أن ابنك أكله الذئب في الوادي، وقد صاروا تجاراً وأصحاب أملاك ودكاكين واتسعت عليهم الدنيا، وهم في كل يوم يجيئوننا بالأكل والشرب، وهذا دأبهم إلى الآن، فقال لأمه في غد روحي إليهم وقولي لهم قد جاء حاسب كريم من سفره، فتعالوا وقابلوه وسلموا عليه.

فلما أصبح الصباح راحت أمه إلى بيوت الحطابين، وقالت لهم ما وصاها به ابنها، فلما سمع الحطابون ذلك الكلام تغيرت ألوانهم وقالوا: سمعاً وطاعة، وقد أعطاها كل واحد منهم بدلة من الحرير مطرزة بالذهب، وقالوا لها أعطي ولدك هذه ليلبسها، وقولي له إنهم في غد يأتونك عندك، فقالت لهم سمعاً وطاعة، ثم رجعت من عندهم إلى ابنها وأعلمته بذلك وبما أعطوها إياه، هذا ما كان من أمر حاسب كريم الدين وأمه.

وأما ما كان من أمر الحطابين فإنهم جمعوا جماعة من التجار وأعلموهم بما حصل منهم في حق حاسب كريم الدين وقالوا لهم كيف نصنع معه الآن? فقال لهم التجار ينبغي لكل منكم أن يعطيه نصف ماله، وذهبوا إليه جميعاً وسلموا عليه وقبلوا يديه، وأعطوه ذلك، وقالوا له هذا من بعض إحسانك وقد صرنا بين يديك، فقبله منهم، وقال لهم قد راح الذي راح، وهذا مقدر من الله تعالى، والمقدر يغلب المحذور، فقالوا له قم بنا نتفرج في المدينة وندخل الحمام، فقال لهم أنا قد صدر مني يمين أنني لا أدخل الحمام طول عمري، فقالوا قم بنا لبيوتنا حتى نضيفك فقال لهم سمعاً وطاعة.

الحنث باليمين ولقاء السلطان

قام حاسب وراح معهم إلى بيوتهم، وصار كل واحد منهم يضيفه ليلة، ولم يزالوا على هذه الحالة مدة سبع ليال، وقد صار صاحب أموال وأملاك ودكاكين واجتمع به تجار المدينة فأخبرهم بجميع ما جرى له وما رآه، وصار من أعيان التجار ومكث على هذا الحال مدة من الزمان، فاتفق أنه خرج يوماً من الأيام يتمشى في المدينة فرآه صاحب حمام وهو جالس على باب الحمام، ووقعت العين على العين فسلم عليه وعانقه، وقال له تفضل علي بدخول الحمام وتكيس حتى أعمل لك ضيافة، فقال له صدر مني يمين أنني لا أدخل الحمام مدة عمري، فحلف الحمامي، وقال له نسائي الثلاث طالقات ثلاثاً إن لم تدخل معي الحمام وتغتسل فيه، فتحير حاسب كريم الدين في نفسه، وقال: أتريد يا أخي أنك تيتم أولادي وتخرب بيتي وتجعل الخطيئة في رقبتي، فارتمى الحمامي على رجل حاسب كريم الدين وقبلها وقال له: أنا في جيرتك أن تدخل معي الحمام وتكون الخطيئة في رقبتي أنا، واجتمع عمال الحمام وكل من فيه على حاسب كريم الدين، وتداخلوا عليه ونزعوا عنه ثيابه وأدخلوه الحمام.

فبمجرد ما دخل الحمام وقعد بجانب الحائط وسكب على رأسه من الماء أقبل عليه عشرون رجلاً وقالوا له: قم يا أيها الرجل من عندنا، فإنك غريم السلطان وأرسلوا واحداً منهم إلى وزير السلطان، فراح الرجل وأعلم الوزير فركب الوزير وركب معه ستون مملوكاً وساروا حتى أتوا إلى الحمام واجتمعوا بحاسب كريم الدين، وسلم عليه الوزير ورحب به وأعطى الحمامي مائة دينار، وأمر أن يقدموا لحاسب حصاناً ليركبه، ثم ركب الوزير وحاسب وكذلك جماعة الوزير وأخذوه معهم، وساروا به حتى وصلوا إلى قصر السلطان، فنزل الوزير ومن معه ونزل حاسب كريم الدين وجلسوا في القصر وأتوا بالسماط فأكلوا وشربوا ثم غسلوا أيديهم، وخلع عليه الوزير خلعتين كل واحدة تساوي خمسة آلاف دينار، وقال له: اعلم أن الله قد من علينا بك ورحمنا بمجيئك فإن السلطان كان أشرف على الموت من الجذام الذي به وقد دلت عندنا الكتب على أن حياته على يديك فتعجب حاسب من أمرهم، ثم تمشى الوزير وحاسب وخواص الدولة من أبواب القصر السبعة، إلى أن دخلوا على الملك، وكان يقال له الملك كرزدان ملك العجم، وقد ملك الأقاليم السبعة، وكان في خدمته مائة سلطان يجلسون على كراسي من الذهب الأحمر وعشرة آلاف بهلوان، وكل بهلوان تحت يده مائة نائب ومائة جلاد، بأيديهم السيوف والأطيار، فوجدوا ذلك الملك نائماً ووجهه ملفوف في منديل وهو يئن من شدة الأمراض.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

شفاء الملك

وفي الليلة السابعة بعد الخمسمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير شمهور أقبل على حاسب وأجلسه على كرسي عن يمين الملك كرزدان وأحضروا السماط فأكلوا وشربوا وغسلوا أيديهم ثم بعد ذلك قام الوزير شمهور وقام لأجله كل من في المجلس هيبة له وتمشى إلى نحو حاسب كريم الدين وقال له: نحن في خدمتك وكل ما طلبت نعطيك ولو طلبت نصف الملك أعطيناك إياه لأن شفاء الملك على يديك، ثم أخذه من يده وذهب به إلى الملك، فكشف حاسب عن وجه الملك ونظر إليه فرآه في غاية المرض فتعجب من ذلك، ثم إن الوزير نزل على يد حاسب، وقبلها، وقال له: نريد منك أن تداوي هذا الملك والذي تطلبه نعطيك إياه وهذه حاجتنا عندك.

فقال حاسب: نعم إني ابن دانيال نبي الله، لكنني ما أعرف شيئاً من العلم فإنهم وضعوني في صنعة الطب ثلاثين يوماً، فلم أتعلم شيئاً من تلك الصنعة، وكنت أود لو عرفت شيئاً من العلم وأداوي هذاالملك فقال الوزير: لا تطل علينا الكلام فلو جمعنا حكماء المشرق والمغرب ما يداوي الملك إلا أنت، فقال له حاسب: كيف أداويه وأنا لا أعرف داءه ولا دواءه، قال له الوزير: إن دواء الملك عندك، فقال له حاسب: لو كنت أعرف دواءه لداويته، فقال له الوزير: أنت تعرف دواءه معرفة تامة فإن دواءه ملكة الحيات، وأنت تعرف مكانها وكنت عندها.

سر ملكة الحيات

عرف حاسب أن سبب ذلك دخول الحمام وصار يتندم حيث لا ينفعه الندم، وقال لهم: كيف يكون دواؤه ملكة الحيات وأنا لا أعرفها ولا سمعت طول عمري بهذا الاسم، فقال الوزير: لا تنكر معرفتها فإن عندي دليلاً على أنك تعرفها وأقمت عندها سنتين. فقال حاسب: أنا لا أعرفها ولارأيتها ولا سمعت بهذا الخبر إلا في هذا الوقت منكم، فأحضر الوزير كتاباً وفتحه وصار يحسب، ثم قال: إن ملكة الحيات تجتمع برجل ويمكث عندها سنتين ويرجع من عندها ويطلع على وجه الأرض فإذا دخل الحمام تسود بطنه، ثم قال حاسب: انظر إلى بطنك فنظر إليه فرآه أسود، فقال لهم حاسب: إن بطني أسود من يوم ولدتني أمي، فقال له: أنا كنت وكلت على كل حمام ثلاثة مماليك لأجل أن يتعهدوا كل من يدخل الحمام، وينظروا إلى بطنه ويعلموني به، فلما دخلت أنت الحمام نظروا إلى بطنك فوجدوه أسود فأرسلوا إلي خبراً بذلك، وما صدقنا أننا نجتمع بك في هذا اليوم، وما لنا عندك حاجة إلا أن ترينا الموضع الذي طلعت منه، وتروح إلى حال سبيلك، ونحن نقدر على إمساك ملكة الحيات وعندنا من يأتينا بها.

فلما سمع حاسب هذا الكلام ندم على دخول الحمام ندماً عظيماً حيث لا ينفعه الندم، وصار الأمراء والوزراء يتداخلون على حاسب ليخبرهم بملكة الحيات حتى عجزوا، وهو يقول: لا رأيت هذا الأمر ولا سمعت به. فعند ذلك طلب الوزير الجلاد فأتوه به فأمره أن ينزع ثياب حاسب عنه ويضربه ضرباً شديداً ففعل ذلك حتى عاين الموت من شدة الضرب، وبعد ذلك قال الوزير: إن عندنا دليلاً على أنك تعرف مكان ملكة الحيات فلأي شيء أنت تنكره أرنا الموضع الذي خرجت منه وابعد عنا، وعندنا الذي يمسكها ولا ضرر عليك ثم لاطفه وأقامه وأمر له بخلعة مزركشة بالذهب والمعادن فامتثل حاسب لأمر الوزير، وقال له: أنا أريكم الموضع الذي خرجت منه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وإلى حلقة الغد.

وإلى اللقاء في حلقة الغد