آمال: الجحر الجحر!
بكلّ ما في أصابعه من "عَصَب" وقوة، يتشبّث أحدهم بأمل غريب: "الحكومة ستقوم، بعد انجلاء أزمة كورونا، بتعديل التركيبة السكانية، لأنّها أدركت خطورة اختلال هذه التركيبة السكانية ومدى الدمار الذي كان من الممكن أن تجلبه إلى البلد".فيزايد عليه متشبّث آخر بأمل آخر أكثر غرابة: "أثبتت الحكومة جدارتها في هذه الأزمة العالمية (يقصد أزمة كورونا)، وأنا متأكد أنها بعد الانفراجة ستنتبه إلى المرافق الطبية، وتعالج اختلالاتها جذرياً"! وخذ من هذا المنوال ما يملأ قِربتك.
هي آمال مضحكة تذكّرنا بآمال صحافة ما بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، الممتلئة بخيالات أفلاطونية ملونة؛ فالديمقراطية ستقفز من درجة الناشئين إلى مستوى أبطال دوري أوروبا، وسرّاق المال العام سيُقادون من ياقات قمصانهم البيضاء إلى الزنازين بعد سحب ثرواتهم الحرام، والمعلومة، التي هي من حقّ الشعب، ستضع يديها على مناطقها الحساسة حياءً من المارّة، بعد أن خلعت كل هدومها، لفرط الشفافية، والرجل المناسب في الـ"مش عارف إيه" المناسب... و"هزّي يا نواعم شالك الحرير، خلّي الشعر الناعم مع الهوا يطير".وانجلى الغبار، وتحررت الكويت، وإذا بديمقراطية الكويت خارج كل الدوريات، حتى دوري الأشبال الذي كنّا ننافس فيه على البطولات والمنصات يطردنا، وإذا سرّاق المال العام، بدلاً من الاختباء، كما كان يفعل أساتذتهم قبل الغزو، إذا هم يلعبون على المكشوف وفوق الطاولة وتحت ضوء الشمس. والمعلومة ماتت لشدة الحرّ والرطوبة، بعد أن ألبسوها فروة في عزّ النهار الحارّ. أما الرجل المناسب في المكان المناسب، فقد توفّي، رحمه الله.وكما تضاءلت أمانينا، بعد تحرير الكويت، إلى أن بتنا نتمنى العودة إلى حالنا قبل الغزو، كذلك ستتضاءل أمانينا بعد زوال هذه الجائحة، فنتمنى العودة إلى وضعنا ما قبلها. هذه حكومتنا التي نعرفها، ولن نُلدغ من الجُحر مرتين. فالحذر الحذر من الجُحر.