مثلت جائحة كورونا خطرا صحيا على كل الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى أنها أدت إلى أزمة اقتصادية، بسبب فقدان عشرات الآلاف عملهم، وارتفاع نسبة البطالة بصورة غير مسبوقة، بالإضافة إلى تعطل عمل عشرات الآلاف من أصحاب المهن والمشاريع والورشات الصغيرة، وكذلك بحكم استجابة عشرات آلاف العمال للنداءات بالتوقف عن العمل في المشاريع والمصانع والمستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية.هذا عدا عن أن آلافا من العمال في مصانع وشركات كبيرة، حصلوا فقط على نصف راتبهم خلال فترة الجائحة، ودون التقليل من أهمية المبادرات المجتمعية، وروح التكافل الاجتماعي لإسناد العائلات المحتاجة، لا بد من التأكيد على أن معالجة أزمة كبرى كهذه، أو أي أزمات كبرى في المستقبل، وما قد يتعرض له كل إنسان من ظروف طارئة صعبة، تحتاج إلى أكثر بكثير من العمل الخيري وجمع التبرعات الطارئة.
إن أساس أي نظام اجتماعي أو اقتصادي حضاري عادل، هو أن الإنسان يدفع ضرائب للدولة عندما يعمل، ويساهم في مخصصات التأمين الاجتماعي أو الصحي طالما كان قادرا على ذلك، وبالمقابل فإنه يحصل على تقاعد كريم عندما يصل إلى سن التقاعد، لا يُحرم منه لأي سبب من الأسباب، أو على معاش شهري في حالة إصابته بإعاقة أو مرض يعجزه عن القيام بعمله.ولا يمثل مخصص التقاعد، أو الراتب في حالة العجز منه من أحد، بل هو حق للإنسان مقابل ما قدمه من جهد لوطنه، ومن عمل في حياته، ومن ضرائب دفعها خلال سنوات عمره.والقاعدة نفسها تنطبق على الأسرى وعائلات الشهداء وعلى الحالات الاجتماعية، من الفقراء والمسنين والأيتام ومن تقطعت بهم السبل، والذين لهم الحق في الحماية الاجتماعية، فلو كان لدينا نظام ضمان اجتماعي عادل يشمل كل الفلسطينيين دون استثناء، ولا يحصر التقاعد فقط بالقطاع الحكومي، لكانت مواجهتنا لوباء كورونا، وغيره من المخاطر المحتملة أفضل بكثير، ولو كان لدينا صناديق حماية اجتماعية ضمن إطار الضمان الاجتماعي لما احتاج إنسان أن يمد يده طلبا للمساعدة، ولما احتاج أحد للطرود الغذائية، ولما تعرض بعض الناس للمس بكرامتهم بسبب حاجتهم المادية.نحن بحاجة لنظام حماية اجتماعية، ولقانون ضمان اجتماعي عادل، وهذا حق للناس، وركن أساسي في تعزيز صمودهم في وجه الاحتلال، والاضطهاد العنصري، والأزمات الاقتصادية والصحية. * د. مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
مقالات
«كورونا» أكد الحاجة لنظام حماية اجتماعية في فلسطين
26-04-2020