رياح وأوتاد: التفاؤل مطلوب ولكن يحتاج قرارات تم إجهاضها
التفاؤل الذي يملأ كثيراً من أجوائنا الإعلامية والسياسية هذه الأيام، وهو أننا سنستفيد من جائحة كورونا، وسنقوم بعد زوالها بفضل الله بإصلاح التركيبة السكانية والاقتصاد، وسنقضي على تجار الإقامات ويتم إصلاح آلية سوق العمل، كل هذا ذكرني بذلك التفاؤل الذي عشناه أيام الغزو العراقي البغيض، وأول أيام هزيمة المحتل بأننا سنقوم بإصلاحات وتعديلات كثيرة في بلادنا العزيزة بعد التحرير، فكتب الكتّاب وخطب السياسيون وقدم أعضاء مجلس الأمة تشريعات جيدة وتمت مطاردة سراق المال العام وجلب كثير من الأموال المسروقة، ولكن سرعان ما عاد الاتكال والترهل وتفاقم الخلل في الاقتصاد والتركيبة السكانية، وانحسر الإحلال واختلت آلية سوق العمل من جديد، وارتفعت مؤشرات الفساد وتبخرت أحلام الإصلاح وتم إجهاضها.وسبب ذلك أن التفاؤل إذا لم يكن مقروناً بالعمل الجاد فهو والعدم سواء كما حدث من قبل، لذلك فإن السؤال المطروح وبقوة الآن هو: هل نعتقد جازمين أن السلطتين التشريعية والتنفيذية قادرتان على القيام بهذه الإصلاحات مهما كانت في نظر الكثيرين غير شعبية وضد مصالح الكثيرين؟• فمثلاً هل ستقوم السلطات بالتوفيق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل حتى لو أدى ذلك إلى إلغاء بعض الكليات ودمج كليات أخرى؟
• وهل سيُشجع الشباب على ارتياد الكليات التي تحتاج البلاد إلى تخصصاتها مثل التمريض والأشعة والأجهزة الدقيقة وتدريس العلوم والكيمياء والفيزياء والرياضيات والأعمال الفنية؟• وهل سيُقبل الكويتي على العمل في القطاع الخاص أكثر مما يُقبل على العمل في الحكومة وإغرائها ونعيمها؟• وهل سيكون الأئمة والمؤذنون في جميع مساجدنا من أهل الكويت؟• وهل سيعمل الكويتي في البسطة المسجلة باسمه في سوق السمك واللحم والخضار، والمحلات في الشويخ والري ويمارس البيع في أرقى المحلات في المجمعات التجارية بنفسه؟ • وهل سيتم التخلص من شركات الحراسة والأمن وسيزاول الكويتيون هذه الأعمال بأنفسهم؟• وهل سيتم تقنين العمالة الوافدة في أعمال النظافة والزراعة والصيد والفراشين والصيانة مع الرقابة على أعدادها وأعمالها؟• وهل ستتم إزالة كل مخالفات البناء في المهبولة وجليب الشيوخ وخيطان، ويتم إيقاف كل شهادات الأوصاف المزورة وغير الحقيقية؟• وهل سيتم دعم الوزير الذي سيتصدى للفساد ويقوم بهذه الإصلاحات؟ أم سيتم الهجوم عليه بالشكاوى والاستجوابات ويتهم بالشدة والعسر والنحاسة؟• وهل سيتم تنويع مصادر الدخل للبلاد وعدم الاعتماد على النفط؟ وهل ستُحرر أراضي الدولة للحرفيين الشباب والصناع والمستثمرين والمشاريع الصغيرة؟• وهل سيقوم المجلس بسن تشريع لمشاركة الأثرياء في موارد الدولة من أرباحهم، وإلزام الشركات بتعيين الكويتيين؟لنكن صريحين فالتفاؤل بتنفيذ جميع هذه الإصلاحات يحتاج إلى قرارات غير شعبوية، ولكنها مهمة وحاسمة لضمان مستقبل أفضل للكويت وأبنائها، وهي تحتاج إلى رجال لا يخافون على زوال مناصبهم لومة لائم.