قال ابن فاضل للخليفة: إن أخويّ قالا: صرنا نخبط على وجه الماء يوماً وليلة، فأرسل الله لنا مركباً آخر فأنقذ الركاب وأنقذنا وسافرنا من بلاد إلى بلاد ونحن نسأل ونتقوت مما نحصله بالسؤال وقاسينا الكرب العظيم وصرنا نبيع من حوائجنا ونتقوت حتى قربنا من البصرة وشربنا ألف حسرة، ولو كنا سلمنا بما كان معنا لكنا أتينا بأموال تضاهي أموال الملك، ولكن هذا مقدر من الله علينا.فقلت: يا أخويَّ لا تحزنا فإن المال فداء الأبدان، والسلامة غنيمة، وحيث كتبكم الله من السالمين فهذه غاية المنى، وما الفقر والغنى إلا كطيف خيال.
ثم قلت: يا أخويَّ نحن نقدر أن أبانا قد مات في هذا اليوم، وأورثنا هذا المال الذي عندي، وقد طابت نفسي على أن نقسمه بيننا بالسوية، ثم أحضرت قساماً من طرف القاضي وأحضرت له جميع مالي فقسمه بيننا، وأخذ كل منا ثلث المال، فقلت لهما يا أخوي بارك الله للإنسان في رزقه إذا كان في بلده، فكل واحد منكما يفتح له دكاناً ويقعد فيه لتعاطي الأسباب، والذي له شيء في الغيب لا بد أن يحصله.ثم سعيت لكل واحد منهما في فتح دكان وملأته له بالبضائع وقلت لهما بيعا واشتريا واحفظا أموالكما ولا تصرفا منها شيئاً وجميع ما يلزم لكما من أكل وشرب وغيرهما يكون من عندي، ثم قمت بإكرامهما وصارا يبيعان ويشتريان في النهار وعند المساء يبيتان في بيتي ولم أدعهما يصرفان شيئاً من أموالهما، وكلما جلست معهما للحديث مدحا الغربة وذكرا محاسنها ووصفا ما حصل لهما فيها من المكاسب وأغرياني بأن أوافقهما على التغرب في بلاد الناس، ثم قال للكلبين: هل جرى ذلك يا أخويَّ، فنكسا رأسيهما وأغمضا أعينهما تصديقاً له.
مديح الغربة
ثم قال: يا خليفة الله فما زالا يرغبانني ويذكران لي كثرة الربح والمكاسب في الغربة ويأمرانني بالسفر معهما حتى قلت لهما: لا بد أن أسافر معكما من أجل خاطركما، ثم إني عقدت الشراكة بيني وبينهما وحملنا قماشاً من سائر الأصناف النفيسة واكترينا مركباً وشحناه بالبضائع من أنواع المتاجر وأنزلنا في ذلك المركب جميع ما نحتاج إليه ثم سافرنا من مدينة البصرة في البحر العجاج المتلاطم بالأمواج الذي يعد الداخل فيه مفقوداً والخارج منه مولودا، وما زلنا مسافرين حتى طلعنا إلى مدينة من المدائن، فبعنا واشترينا وظهر لنا كثرة المكسب، ثم رحنا منها إلى غيرها، ولم نزل نرحل من بلد إلى بلد ومن مدينة إلى مدينة ونحن نبيع ونشتري ونربح حتى صار عندنا مال جسيم وربح عظيم.الحية والثعبان
ثم إننا وصلنا إلى جبل فألقى الريس المرساة وقال لنا: يا ركاب اطلعوا إلى البر تنجوا من هذا اليوم وفتشوا فيه لعلكم تجدون ماءً، فخرج كل من في المراكب وذهبت أنا بجملتهم وصرنا نفتش عن الماء وتوجه كل منا في جهة وصعدت أنا إلى أعلى الجبل، فبينما أنا سائر إذا رأيت حيةً بيضاء تسعى هاربةً ووراءها ثعبان أسود يسعى وراءها وهو مشوه الخلقة هائل المنظر، ثم إن الثعبان لحقها وضايقها وأمسكها من رأسها ولف ذيله على ذيلها، فصاحت، فعرفت أنه مفتر عليها، فأخذتني الشفقة عليها وتناولت حجراً من الصوان قدر خمسة أرطال وضربت به الثعبان فجاء على رأسه فدقه، فلم أشعر إلا والحية انقلبت وصارت بنتاً شابةً ذات حسن وجمال وكمال وقدٍّ واعتدال كأنها البدر المنير.فأقبلت علي وقبلت يدي، ثم قالت لي: استرني سترك الله ستراً من العار في الدنيا ومن النار في الآخرة يوم الموقف العظيم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم قالت: يا إنسي أنت سترت عرضي وصار لك الجميل ووجب الجزاء لك.ثم أشارت بيدها إلى الأرض فانشقت ونزلت فيها ثم انطبقت عليها الأرض فعرفت أنها من الجن، وأما الثعبان فإن النار أتت عليه وأحرقته وصار رماداً فتعجبت من ذلك، ثم أني رجعت إلى أخويّ وأخبرتهما بما رأيت وبتنا تلك الليلة، وعند الصباح قلع الريس الخطاف، ونشر القلوع وطوى الأطراف ثم سافر حتى غاب البر عنا.ولم نزل مسافرين مدة عشرين يوماً ولم نر براً ولا طيراً وفرغ ماؤنا فقال الريس: يا ناس إن الماء الحلو قد فرغ منا، فقلنا نطلع البر لعلنا نجد ماء، فقال: إني تهت عن الطريق ولا أعرف طريقاً يؤدينا إلى جهة البر، فحصل لنا غم شديد وبكينا ودعونا الله تعالى أن يهدينا إلى الطريق، ثم بتنا تلك الليلة في أسوأ حال.فلما أصبح الصباح وأشرق بنوره ولاح رأينا جبلاً عالياً، فلما رأينا ذلك الجبل فرحنا واستبشرنا به، ثم إننا وصلنا إلى ذلك الجبل، فقال الريس: يا ناس اطلعوا البر حتى نفتش عن ماء فطلعنا كلنا نفتش عن ماء، فلم نر فيه ماءً، فحصل لنا مشقة بسبب قلة وجود الماء، ثم إني صعدت إلى أعلى الجبل، فرأيت وراءه دائرةً واسعةً مسافة سير ساعة وأكثر، فناديت أصحابي فأقبلوا علي فلما أتوا، قلت لهم: انظروا إلى هذه الدائرة التي وراء هذا الجبل فإني أرى فيها مدينةً عالية البنيان مشيدة الأركان ذات أسوار وبروج وروابي ومروج، وهي من غير شك لا تخلو من الماء والخيرات، فسيروا بنا نمض إلى هذه المدينة ونجيء منها بالماء والخيرات، ونشتر ما يلزم من الزاد واللحم والفاكهة ونرجع.فقالوا: نخاف أن يكون أهل المدينة كفاراً مشركين أعداء الدين فيقبضوا علينا ونكون أسرى بين أيديهم أو يقتلونا ونكون قد تسببنا في قتل أنفسنا في التهلكة، والمغرور غير مشكور، لأنه على خطر من الأهواء، فنحن لا نضحي بأنفسنا.فقلت لهم: يا ناس لا حكم لي عليكم، ولكن آخذ أخوي وأتوجه إلى هذه المدينة، فقالا لي أخواي: نحن نخاف من هذا الأمر، ولا نروح معك، فقلت: أما أنا فقد عزمت على الذهاب إلى هذه المدينة وتوكلت على الله ورضيت بما قدره الله، فانتظراني حتى أذهب إليها وأرجع إليكما.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.المدينة العحيبة
وفي الليلة الخامسة عشرة بعد الخمسمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن عبد الله قال: فانتظراني حتى اذهب إليها وأرجع إليكما، ثم تركتهما ومشيت حتى وصلت إلى باب المدينة فرأيتها مدينةً عجيبة البناء غريبة الهندسة أسوارها عالية وأبراجها محصنة وقصورها شاهقة وأبوابها من الحديد الصيني وهي مزخرفة منقوشة تدهش العقول، فلما دخلت الباب رأيت دكةً من الحجر ورأيت رجلاً قاعداً بها وفي ذراعه سلسلة من النحاس الأصفر وفي تلك السلسلة أربعة عشر مفتاحا، فعرفت أن ذلك الرجل هو بواب المدينة والمدينة لها أربعة عشر باباً.ثم إني دنوت منه وقلت له: السلام عليكم، فلم يرد علي السلام، فسلمت عليه ثانياً وثالثاً فلم يرد علي الجواب، فوضعت يدي على كتفه وقلت له: يا هذا لأي شيء لا ترد علي السلام؟ هل أنت نائم أو أصم أو غير مسلم حتى تمنع رد السلام؟ فلم يجبني ولم يتحرك، فتأملت فيه فرأيته حجراً. فقلت إن هذا شيء عجيب، هذا الحجر مصور بصورة ابن آدم ولم ينقص عنه غير النطق. ثم تركته ودخلت المدينة فرأيت رجلاً واقفاً في الطريق فدنوت منه وتأملته فرأيته حجر، قابلت امرأةً عجوزاً على رأسها عقدة ثياب مهيأة للغسيل فدنوت منها وتأملتها فرأيتها من الحجر والعقدة الثياب التي على رأسها من الحجر: ثم أني دخلت السوق فرأيت زياتاً ميزانه منصوب وقدامه أصناف البضائع من الجبن وغيره كل ذلك من الحجر، ثم أني رأيت سائر المتسببين جالسين في الدكاكين وبعض الناس واقف وبعضهم جالس، ورأيت نساءً وصبياناً وكل ذلك من الحجر. ثم وصلت سوق التجار فرأيت كل تاجر جالساً في دكانه والدكان مملوءاً بأنواع البضائع، وكل ذلك من الحجر، ولكن الأقمشة كنسيج العنكبوت، فصرت أتفرج عليها وصرت كلما مسكت ثوباً من القماش يصير بين يدي هباءً منثوراً، ورأيت صناديق ففتحت واحداً منها، فوجدت فيه ذهباً في أكياس، فأمسكت الأكياس فذابت في يدي والذهب لا يزال على حاله فحملت منه ما لا أطيقه وصرت أقول في نفسي: لو حضر أخواي معي لأخذا من الذهب كفايتهما وتمتعا بهذه الجواهر التي لا أصحاب لها. وبعد ذلك أتيت دكاناً ثانياً فرأيت فيه أكثر من ذلك ولكن ما بقيت أقدر أن أحمل أكثر مما حملت.كتل حجرية
ثم إني ذهبت إلى سوق ثالث ثم منه إلى رابع وهكذا، وما زلت أشاهد مخلوقات مختلفة وكلها من الحجارة حتى إن الكلاب والقطط كانت من الحجارة، ثم وصلت إلى سوق الصاغة فرأيت فيه رجالاً جالسين في الدكاكين والبضائع عندهم، بعضها في أيديهم وبعضها في أقفاص، فلما رأيت ذلك يا أمير المؤمنين رميت ما كان معي من الذهب وحملت من المصاغ ما أطيق حمله، وانتقلت من سوق الصاغة إلى سوق الجواهر فرأيت الجوهرية جالسين في دكاكينهم وقدام كل واحد منهم قفص ملآن بأنواع المعادن كالياقوت والألماس والبلخش وغير ذلك من سائر الأصناف وأصحاب الدكاكين أحجار فرميت ما كان معي من المصاغ وحملت من الجواهر ما لا أطيق حمله، وبقيت أتندم حيث لم يكن أخواي معي حتى يحملا من تلك الجواهر ما أرادا. ثم إني خرجت من سوق الجواهر فمررت على باب كبير مزخرف مزين بأحسن زينة ومن داخل الباب دكك وجالس على تلك الدكك خدم وجند وأعوان وعساكر وحكام وهم لابسون أفخر الملابس وكلهم أحجار، فلمست واحداً منهم فتناثرت ملابسه على بدنه مثل نسيج العنكبوت، ثم إني مشيت في ذلك الباب فرأيت سراية ليس لها نظير في بنائها وإحكام صنعتها، ورأيت في تلك السراية ديواناً مشحوناً من الذهب وبالأكابر والوزراء والأعيان والأمراء وهم جالسون على كراسي وكلهم أحجار، ثم أني رأيت كرسياً أحمر مرصعا بالدر والجواهر، وقد جلس فوقها آدمي عليه أفخر الملابس، وعلى رأسه تاج كسروي مكلل بنفس الجواهر التي لها شعاع مثل شعاع النهار، فلما وصلت إليه رأيته من الحجر.ديوان النساء
ثم أني توجهت من ذلك الديوان إلى باب الحريم، ودخلت فيه فرأيت فيه ديواناً من النساء ورأيت في ذلك الديوان كرسياً من الذهب الأحمر مرصعة بالدر والجواهر، وقد جلست فوقها امرأة وعلى رأسها تاج مكلل بنفيس الجواهر وحولها نساء مثل الأقمار جالسات على كراسي ولابسات أفخر الملابس الملونة بسائر الألوان، وواقف هناك طواشية أيديهم على صدورهم كأنهم واقفون من أجل الخدمة، وذلك الديوان يدهش عقول الناظرين مما فيه من الزخرفة وغريب النقش وعظيم الفرش، ومعلق فيه أبهج التعاليق من البلور الصافي، وفي كل قدرة من البلور جوهرة يتيمة لا يفي بثمنها مال، فرميت ما معي يا أمير المؤمنين وصرت آخذ من هذه الجواهر وحملت منها على قدر ما أطيق وبقيت متحيراً فيما أحمله وفيما أتركه، لأني رأيت ذلك المكان كأنه كنز من كنوز المدن، ثم إني رأيت باباً صغيراً مفتوحاً وفي داخله سلالم فدخلت حتى وصلت إلى باب القصر فرأيت ستارة من الحرير مطرزة بشرائط من الذهب ومصفوفا فيها اللؤلؤ والمرجان والياقوت وقطع الزمرد والجواهر فيه تضيء كضوء النجوم والصوت خارج من تلك الستارة فدنوت من الستارة ورفعتها فظهر لي باب قصر مزخرف يحير الأفكار فدخلت من ذلك الباب فرأيت قصراً كأنه كنز على وجه الدنيا ومن داخله بنت كأنها الشمس الضاحية في وسط السماء الصافية وهي لابسة أفخر الملابس ومتحلية بأنفس ما يكون من الجواهر كما أنها بديعة الحسن والجمال بقد واعتدال وكمال وخصر نحيل ومبسم جميل يشفي العليل وأجفان ذات اعتدال كأنها المرادة.السيدة المصون
ثم إنه قال يا أمير المؤمنين: لما رأيت تلك البنت شغفت بها حباً وتقدمت إليها فرأيتها جالسةً على مرتبة عالية وهي تتلو كتاب الله عز وجل حفظاً عن ظهر قلب وصوتها كأنه صرير أبواب الجنان إذا فتحها رضوان والكلام خارج من بين شفتيها يتناثر كالجواهر ووجهها ببديع المحاسن زاه وزاهر.فلما سمعت نغماتها في تلاوة القرآن العظيم وقد قرأ قلبي من فاتك لحاظها «سلام قولاً من رب رحيم»، تلجلجت في الكلام، ولم أحسن السلام واندهش مني العقل والنظر.ثم تجلدت على هول الغرام وقلت لها: السلام عليك أيتها السيدة المصون والجوهرة المكنونة أدام الله قوائم سعدك ورفع دعائم مجدك، فقالت: وعليك السلام والتحية والإكرام يا عبد الله يا بن فاضل أهلاً وسهلاً ومرحباً بك يا حبيبي وقرة عيني. فقلت لها: يا سيدتي من أين علمت اسمي ومن تكونين أنت وما شأن أهل هذه المدينة حتى صاروا أحجار، فمرادي أن تخبريني بحقيقة الأمر، فإني تعجبت من هذه المدينة ومن أهلها ومن كونها لم يوجد فيها أحد إلا أنت، فبالله عليك أن تخبريني بحقيقة ذلك على وجه الصدق، فقالت لي: اجلس يا عبد الله وأنا إن شاء الله تعالى أحدثك وأخبرك بحقيقة أمري، وبحقيقة أمر هذه المدينة وأهلها على التفصيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.فجلست إلى جانبها فقالت لي: أعلم يا عبد الله يرحمك الله أنني بنت ملك هذه المدينة ووالدي هو الذي رأيته جالساً في الديوان على الكرسي العالي والذي حوله أكابر دولته وأعيان مملكته. وكان أبي ذا بطش شديد ويحكم على ألف ألف ومئة ألف وعشرين ألف جندي، وعدة أمراء دولته أربعة وعشرون ألفا كلهم حكام وأصحاب مناصب وتحت طاعته من المدن ألف مدينة غير المدن والضياع والحصون والقلاع والقرى وأمراء العربان الذين تحت كل منهم ألف أمير، كل أمير يحكم على عشرين ألف فارس وعنده من الأموال والذخائر والمعادن والجواهر ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.العروسة الحجرية
في الليلة السادسة عشرة بعد الخمسمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن بنت ملك مدينة الأحجار قالت: يا عبد الله إن أبي كان عنده من الأموال والذخائر ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وكان يقهر الملوك ويبيد الأبطال والشجعان في الحرب وحومة الميدان وتخشاه الجبابرة وتخضع له الأكاسرة، ومع ذلك كان كافراً مشركاً بالله، يعبد الصنم دون مولاه وجميع عساكره كفار يعبدون الأصنام دون الملك العلام.فاتفق أنه كان يوماً من الأيام جالساً على كرسي مملكته وحوله أكابر دولته فلم يشعر إلا وقد دخل عليه شخص فأضاء الديوان من نور وجهه فنظر إليه أبي فرآه لابساً حلة خضراء وهو طويل القامة وأياديه نازلة إلى تحت ركبتيه وعليه هيبة ووقار والنور يلوح من وجهه فقال لأبي: يا باغٍ يا مفتر، إلى متى وأنت مغرور بعبادة الأصنام وتترك عبادة الملك العلام؟ قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأسلم أنت وقومك ودع عنك عبادة الأصنام، فإنها لا تنفع ولا تشفع ولا يعبد بحق إلا الله رافع السماوات بغير عماد وباسط الأرضين رحمة للعباد، فقال: من أنت أيها الرجل الجاحد لعبادة الأصنام حتى تتكلم بهذا الكلام? أما تخشى أن تغضب عليك الأصنام? فقال له إن الأصنام حجارة لا يضرني غضبها ولا ينفعني رضاها، فأحضر لي صنمك الذي أنت تعبده ومُر كل واحد من قومك يحضر صنمه، فإذا حضرت جميع أصنامكم فادعوهم ليغضبوا علي وأنا أدعو ربي أن يغضب عليكم لتنظروا غضب الخالق من غضب المخلوق، فإن أصنامكم قد صنعتموها أنتم وتلبست بها الشياطين، وهم الذين يكلمونكم من داخل بطون الأصنام، فأصنامكم مصنوعة وإلهي صانع، ولا يعجزه شيء، فإن ظهر لكم الحق فاتبعوه وإن ظهر لكم الباطل فاتركوه فقالوا له: ائتنا ببرهان ربك حتى نراه، فقال ائتوني ببراهين أربابكم، فأمر الملك كل من كان يعبد ربا من الأصنام أن يأتي به فأحضر جميع العساكر أصنامهم في الديوان، هذا ما كان من أمرهم. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وإلى اللقاء في حلقة الغد