خاص

د. أنس الحجي لـ الجريدة•: عمليات التحوط ستحد استمرار إنتاج شركات النفط الصخري الأميركي

«ركود الاقتصاد بعد كورونا أفضل من وقوعه الدائم في قبضة الفيروس»

نشر في 28-04-2020
آخر تحديث 28-04-2020 | 00:06
الخبير النفطي د. أنس الحجي
الخبير النفطي د. أنس الحجي
ذكر الحجي أن أزمة الأسعار السالبة انتهت فعليا بإغلاق عقد مايو، وأن تخفيض الإنتاج الذي تبنته دول «أوبك+» وغيرها وملء الاحتياطي الاستراتيجي في بعض الدول، لن تظهر آثارهما إلا في يونيو ويوليو.
قال الخبير النفطي د. أنس الحجي إن الفارق الكبير بين أسعار مايو ويونيو يعود إلى أسباب عدة، أولها الانخفاض الهائل في الطلب على المشتقات النفطية في أبريل، وثانيها انخفاض نسبة تشغيل المصافي، التي تعني انخفاض طلبها على الخام، وثالثها الارتفاع الكبير في مخزونات النفط الخام والمنتجات النفطية، ورابعها أن تخفيض «أوبك+» للإنتاج سيبدأ في مايو، ولن ترى آثاره إلا في يونيو وما بعده، وخامسها محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتح الاقتصاد تدريجيا، بما من شأنه زيادة الطلب على المنتجات النفطية مستقبلا.

وأضاف الحجي لـ «الجريدة»: «أما من ناحية الآثار، فإن زيادة الفروق السعرية زمنيا تشجع بيوت التجارة العالمية والمضاربين على تخزين النفط، وقد يكون هذا الموضوع جزءا من المشكلة التي حصلت أخيرا في النفط الأميركي، حيث إن جزءا من التخزين، أو حجز الخزانات، يعود إلى قيام الشركات والمضاربين بتخزين النفط، للاستفادة من الفارق الزمني في الأسعار».

وحول الفروق الكبيرة بين خام غرب تكساس وبرنت، افاد الحجي بانه في الماضي كان خام غرب تكساس مؤشرا عالميا تقاس به النفوط الأخرى، ولكن مع تنامي إنتاج النفط في الولايات المتحدة، بسبب ثورة «الصخري»، أصبح خام غرب تكساس مؤشرا إقليميا، بينما توسع مؤشر برنت عالميا، وكنا قد عرفنا أن سعر خام غرب تكساس يتحدد في كوشينغ، والمخزون في كوشينغ مرتفع، وقد يمتلئ خلال أسبوعين أو ثلاثة، الأمر الذي سينعكس سلبا على سعر خام غرب تكساس، ولكنه لن يؤثر في خام برنت.

وأشار الى أن تخفيض إنتاج دول أوبك وأوبك+ سيؤثر في برنت إيجابا، ولن يؤثر في غرب تكساس، الأمر الذي يدعم استمرار الفروقات السعرية، كما أن قيام الصين والهند ودول وكالة الطاقة الدولية بملء الاحتياطي النفطي الإستراتيجي سيؤثر إيجابا في برنت أيضا.

ونفى أن يصبح استيراد الصين والهند النفط من الولايات المتحدة،مستقبلا عاملا في دعم خام غرب تكساس؛، معللا بأن «هاتين الدولتين تستوردان أنواعا من النفط الصخري والمكثفات، وهذه تسعر في هيوستن بأسعار مرتبطة بخام لويزيانا الخفيف، وهو أكثر ارتباطا ببرنت، وهي منفصلة عن خام غرب تكساس، وطبعا تختلف عنه من الناحية النوعية».

الركود المؤقت أفضل

وأعرب الحجي عن صعوبة التنبؤ باتجاهات السوق خلال الفترة الحالية، مضيفاً أن أهم متغيرين هما مدى انحسار كورونا، ومدى انخفاض الإنتاج من خارج دول أوبك، لافتا الى ان انحسار الفيروس يعني انتعاشا اقتصاديا، حتى لو انتهينا بمرحلة ركود، حيث إن مرحلة ركود اقتصادي تعد أفضل كثيرا من وقوع الاقتصاد الدائم في قبضة «كورونا».

وأشار إلى ان أي انتعاش اقتصادي عالمي ستصاحبه زيادة في الطلب على المشتقات النفطية، ومن ثم زيادة نسبة تشغيل المصافي، التي تؤدي بدورها إلى زيادة الطلب على النفط الخام، ثم انخفاض المخزون،مما يترتب عليه ارتفاع أسعار النفط.

أما فيما يتعلق بإنتاج دول خارج أوبك، فقال الحجي: «رأينا انحسارا في إنتاج بعض الدول، لاسيما في أميركا الشمالية والبرازيل والهند والصين»، متوقعا تراجع إنتاج الولايات المتحدة وكندا بشكل كبير، مع استمرار أسعار النفط المنخفضة.

التحوط

وأضاف أن الشيء الجديد أن عمليات التحوط لن تؤدي إلى استمرار شركات النفط الصخري بالإنتاج، كما حصل في عام 2015، عندما انخفضت الأسعار، بسبب امتلاء المخزون والأنابيب حاليا، ومن ثم، فإنها ستجبر على إغلاق الآبار «لهذا فإن انحسار كورونا، مع انخفاض كبير في إنتاج النفط في دول خارج أوبك، سيرفع أسعار النفط، خصوصا في الربع الرابع من العام الحالي، موضحا أن المشكلة هي أن استمرار كورونا سيضغط على الأسعار، حتى لو انخفض إنتاج دول خارج أوبك.

وقال الحجي إن أسعار النفط السالبة غير شائعة في هذه الصناعة، لكنها معروفة في أسعار الجملة في قطاعي الغاز الطبيعي والكهرباء، مشيراً إلى ضرورة توخي الحذر عند ذكر الأسعار السالبة، لأن وجودها لا يعني بالضرورة وجود مشترين من الاساس.

وأشار الى أن أزمة الأسعار السالبة انتهت فعليا بإغلاق عقد مايو، موضحا أن تخفيض الإنتاج الذي تبنته دول أوبك+ وغيرها وملء الاحتياطي الاستراتيجي في بعض الدول لن تظهر آثارهما إلا في شهري يونيو ويوليو المقبلين، «وذلك سيأتي مع توقعات متفائلة بانحسار كورونا نسبيا، وانفتاح الاقتصاد جزئيا فيما بعد، وكل هذه الأمور ستجعل الأسعار مستقبلا أعلى من الحالية».

تأجيج أزمة المخزون

وأكد الحجي أن المشكلة أن هذا الفرق السعري الكبير أسهم في تأجيج أزمة المخزون، حيث قامت بيوت التجارة العالمية وغيرها بتخزين النفط مبكرا للاستفادة من الفروقات السعرية؛ الامر الذي يعني أيضا أن أي ارتفاع في الأسعار في يونيو أو يوليو سيصاحبه التخلص من هذا المخزون، مما سيضع سقفا لأسعار النفط.

من ناحية أخرى، قال الحجي انه بالنسبة إلى الفروقات السعرية الكبيرة بين خام غرب تكساس وبرنت، فإن السبب هو أن الأول محلي ويعكس السوق الأميركي، بينما برنت يعكس اتجاه أغلبية السوق العالمية.

وأضاف أن انخفاض الطلب في الولايات المتحدة يعني ارتفاع مستويات المخزون، خصوصا في منطقة كوشينغ في أوكلاهوما، التي تعتبر مركز تفرع الأنابيب إلى الأسواق المختلفة، وفيها خزانات بطاقة استيعابية كبيرة، «ويتوقع امتلاء هذه الخزانات خلال أسبوعين، وخام غرب تكساس يسعر في كوشينغ، لهذا فإن امتلاء الخزانات فيها ينعكس مباشرة على سعر خام غرب تكساس»، متوقعا تكرار ما حدث من انهيار في خام تكساس مرة اخرى في المستقبل القريب.

«كورونا» سيستمر في الضغط على الأسعار حتى بعد خفض إنتاج «أوبك بلس»
back to top