لم يعرض على الكويتيين الساكنين في المهبولة أو الجليب فيلات في الضاحية أو الشويخ السكنية حتى يستقروا هناك في الساحات النظيفة الهادئة، تهب عليها نسائم الصمت والسكون، كذلك لم توفر الفرص للعمال البنغاليين والهنود والمصريين حرية اختيار العمل كمديرين تنفيذيين في "سليكون فالي" بكاليفورنيا، أو العمل والإقامة بالكويت بعد أن يدفعوا المقسوم من شقاء عمرهم لصاحب الفرصة الذهبية الذي يحمل الجنسية الكويتية كي "يكفلهم" عند مؤسسة الدولة، التي تشترط امتياز الجنسية الكويتية لشرط كفالة العمل والارتزاق منها للطرفين، الكافل والمكفول، سواء كان هذا الأول ابن الوطن فرداً يغرد كل يوم بسيل من الشتائم وصب اللعنات على الوافدين الذين يبتلعون خير البلد - حسب ثقافة المواطن وعمق حسها الإنساني – أو كان صاحب الكفالة شركة مقاولات لها امتيازات الخير الوفير من الجنسية المقدسة، في بلد ترتفع به المدنية الحضارية عالياً فوق الأسمنت والزفت الملتهبين.الطرفان الكويتي البسيط من سكان المهبولة (وهم القلة) والمتعس غير الكويتي (الأكثرية) كان وجودهم في المكان هنا أو هناك في وطن آخر هو نتيجة صدفة القدر، مثلما حكمت الصدفة ذاتها أن تكون ابناً أو ابنة لبيل غيتس أو بيزوس، أو ربما من سلالة ملك شهرياري في دولة نفطية "تخزي العين" كانت أو لن تكون.
من غير تدبيج آيات المدح والشكر العميق لوزارتي الصحة والداخلية، بالتأكيد نعرف حجم التضحيات التي يقوم بها الجهاز الطبي – التمريضي والمتطوعون معهم، وأيضاً جهاز الشرطة والحرس الوطني، شكراً لكل هؤلاء، لكن أوضاع هؤلاء المقيمين في ضاحية المهبولة (أو منطقة الجليب)، التي كانت يوماً واحة هادئة، وأضحت بفضل فساد جهاز البعارين ورخص البناء والارتزاق مزبلة وحوش أسمنتية يحيا من خير ريعها ملاك العقارات وملوك الكفالات، أصبحت مزرية بفضل الحصار المفروض عليها، وليست مشاهد هرولة العمالة الرثة والهامشية - كما نثرثر نحن أصحاب الامتياز المكاني الزماني - إلى شاحنات توزيع الأكل والتزاحم القاتل عندها من المشاهد المبهجة في بلد الإنسانية... يكفي هؤلاء التعساء من العمال المساكين دعوات ولعنات أمراء "تويتر" من حزب "أنا كويتي وعزومي قوية"... يكفي عليهم بؤسهم... دون حاجة أن يعيروا بأن أوضاعهم هنا أفضل من بلدانهم التي تناستهم... هم بشر مثلما أنتم بشر... الفرق صدفة المكان - الزمان... خفوا عليهم... خففوا عنهم ذلك الشقاء والحصار.
أخر كلام
خفوا وخففوا عليهم
28-04-2020