لبنان: قتيل باحتجاجات طرابلس والجيش يتهم مندسين

"توجت" عودة التحركات الشعبية الاحتجاجية إلى لبنان بانفجار احتجاجي عنيف هز طرابلس "عاصمة الشمال"، وأسفرت عن مقتل شاب، خلال مواجهات بين محتجين وعناصر الجيش اللبناني المتمركز في المدينة.

واستخدم المتظاهرون الحجارة، وزجاجات "المولوتوف"، وأحرقوا آلية للجيش قبل أن يقدموا على تحطيم واجهات بعض المصارف الموجودة في المنطقة. ولم يكتف الجيش بالرد بالرصاص المطاطي، إذ استخدم الرصاص الحي أيضاً، ما أدى إلى سقوط قتيل من المتظاهرين، إضافة إلى عدد من الجرحى من الطرفين.

وكان لافتاً أمس تحميل قيادة الجيش مسؤولية ما جرى لـ"مندسين"، حيث قالت في بيانها، إنه "أثناء تحرك احتجاجي في ساحة عبدالحميد كرامي في مدينة طرابلس أقدم عدد من المندسين على القيام بأعمال شغب، والتعرض للممتلكات العامة والخاصة، وإحراق عدد من الفروع المصرفية، والتعرض لوحدات الجيش المنتشرة، حيث استهدفت آلية عسكرية بزجاجة حارقة (مولوتوف)، كما استهدفت دورية أخرى برمانة يدوية تسببت في إصابة عسكريين بجروح طفيفة".

وأشارت إلى "إصابة 40 عسكريّاً من بينهم 6 ضباط، وتوقيف 9 أشخاص لإقدامهم على رمي المفرقعات والحجارة على منزل النائب فيصل كرامي".

كما تعرض عناصر الجيش اللبناني، مساء امس الأول، للرشق بالحجارة والزجاج خلال فتح الطرقات في مناطق مختلفة، مثل البيرة بعكار، والعين وجديتا في البقاع، وكذلك في عدة نقاط على أوتوستراد خلدة- صيدا الساحلي.

«حزب الله»

وفي وقت ترددت معلومات خلال الأيام الماضية عن عدم رضا "حزب الله" عن أداء الحكومة، وجه الحزب أمس رسالة إلى الحلفاء والخصوم في آن. وأكد نائب الأمين العام للحزب الشيخ قاسم أن "الحكومة قوية وثابتة ومتماسكة"، مشيراً إلى أن "هناك أطرافا تريد إسقاط الحكومة، لكنَّ إمكاناتها والظروف الموضوعية لا تسمح لها بالوصول إلى هذا الأمر".

وعلى قاعدة "لم يكسرها ولم يجبرها"، قال قاسم إن "حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه"، إلا أنه عاد وأشار إلى أن "المسؤولية لا يتحملها وحده"، في تنصل واضح من الاتهامات الأخيرة له بأنه كان وراء الهجوم على سلامة.

وفي انتقاد مبطن للرئيس حسان دياب، لفت قاسم إلى أن "موقف حزب الله واضح، وهو ضرورة مناقشة مسألة المصرف المركزي داخل الحكومة وليس في الإعلام، في إشارة الى المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة الجمعة الماضي، والذي حمل خلاله سلامة مسؤوليه ما آلت اليه الأمور.

ورسم الحزب مجدداً لمجلس الوزراء خريطة الطريق الذي يجب أن يسلكه في الفترة المقبلة، وتقوم على التركيز على إنضاج الخطة الاقتصادية، معتبرا أنها "إذا ما أقرت مرفقة بخطط إضافية متكاملة فسنتلمس حينئذ بداية حلول للأزمات الراهنة".

اجتماع «مالي»

وأتت الاشتباكات في طرابلس قبل ساعات من انعقاد جلسة مجلس الوزراء امس، التي بحثت إجراء تحقيقات لتحديد الحسابات التي اجريت منها تحويلات مالية، واتخاذ إجراءات بحق صاحبها، إضافة إلى مشروع قانون معجل يتعلق باسترداد تحاويل الى الخارج التي جرت بعد تاريخ 17 أكتوبر 2019. وكان شهد جدول أعمال الجلسة مساء امس بلبلة، حيث تسارعت الاتصالات خلال الساعات الأخيرة على أكثر من خط، وساهم رئيس مجلس النواب نبيه بري في وضع بعض الملاحظات على البنود المطروحة، لاسيما في ما يتعلق بالآلية المقترحة لاسترداد الأموال المنهوبة ومكافحة التهرب الضريبي، لكي لا يصار إلى استخدامها كأداة تنفيذية في عملية تصفية الحسابات السياسية.

وفي موقف يتناغم جزئياً مع رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي"، النائب السابق وليد جنبلاط، أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "الوضع في لبنان معقّد وخطير"، مشيرا إلى أنه "يجب تشكيل جبهة معارضة لحزب الله".

واعتبر جعجع، في مقابلة مع قناة "العربية"، مساء أمس الأول، أن "حكومة دياب لم تحقق أي شيء للبنان، ولن نشارك بأي حكومة يسيطر عليها حزب الله"، لافتا الى أنه يتواصل "مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي لبناء تفاهم مشترك".

وأكد أنه "غير نادم على وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية"، موضحا أن "حزب الله يشكّل مشكلة أكبر من الرئيس". وكان جنبلاط قد وجّه سهامه الى "حزب الله" قبل يومين، منتقدا إياه بشدة، وواصفا إياه بـ "الانقلابي".

التزمت أغلبية محال الصرافة في كل المناطق اللبنانية، أمس، بقرار الإقفال الصادر عن نقابة الصرافين اعتراضاً على توقيفات قامت بها الأجهزة الأمنية بحق صرّافين، لعدم التزامهم بتعميم مصرف لبنان الذي يحدد سعر مبيع الدولار بـ 3200 ليرة كحد أقصى.

وفي حين وقّع عدد من الصرافين تعهّدات بالالتزام بتعميم المصرف المركزي، أحجم الصرّافون عن بيع وشراء الدولار في محالهم، لكن في المقابل عمل عدد كبير منهم على بيع وشراء الدولار من خلال الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي، إذ وصل سعر مبيع الدولار في السوق السوداء الى 4300 ليرة للدولار الواحد.

مع عودة المتظاهرين اللبنانيين الى الشوارع، وإقدامهم على قطع طرقات تعبيراً عن الغضب الشعبي من الفقر والضيقة الاقتصادية، وهو أمر كان يثير حساسية لدى حزب الله، انتشرت "عراضات إلكترونية" عبارة عن صور في وسائل التواصل الاجتماعي لأشخاص موالين لحزب الله يستعرضون أسلحتهم تحت هاشتاغ "بأتم_الجهوزية"، و"بأمرك-يا-سيّد"، في إشارة الى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

واعتبرت مجموعات موالية للمتظاهرين أن التهديدات موجهة لهم، مستذكرين المواجهات مع موالين لحزب الله وحركة أمل على "جسر الرينغ" وسط بيروت.

لكن آخرين ربطوا بينها وبين تصاعد الخطاب السياسي المعارض لحزب الله، خصوصا لدى وليد جنبلاط وسمير جعجع، وكان لافتا أن متداولي هذه الصور كتبوا جملة موحدة تطعن بـ "السلم الأهلي والعيش المشترك"، وهي عبارة تستخدم ذريعة لضبط الساحة عندما تتصاعد الصراعات ذات الطابع الطائفي.