يتنوّع محتوى المكتبات الخاصة، وفقًا لشغف جامعها بالمعرفة، فعلى سبيل المثال، يحرص الباحثون على أن يجمعوا في مكتباتهم أثمن الكتب والمخطوطات النادرة التي طالتها أيديهم خلال أبحاثهم وسفراتهم، وبعض المزادات التي حضروها، فترتقي مكتباتهم في كثير من الأحيان إلى مستوى يجعلها مكانا للباحثين، وتصبح حلقة وصل تجمع المثقفين والأدباء ببعضهم، ومن المكتبات الخاصة التي تتميز بطابع استثنائي مكتبة الباحث في التراث، فهد غازي العبدالجليل، والتي أطلق عليها "الكويتية"، ذلك لأنّها تحتوي على أندر الكتب والمقتنيات والوثائق المهمة والنادرة في مراحل مختلفة من تاريخ الكويت، وبجميع الجوانب.
المكتبات المعروفة
وأكد العبدالجليل أن جمع تلك المقتنيات يربطنا بحياة الأجداد في الماضي ويشرح كفاحهم في بناء الوطن والنهوض به، لافتا أنه لا يعرض في مكتبته إلّا القطع النادرة، ومصادر الشراء كانت عن طريق مزادات محلية وعالمية، والمكتبات المعروفة التي تبيع كتبا نادرة بمختلف أنحاء العالم.ويضيف أن مكتبته استفاد منها الباحثون والمهتمون والطلبة في دراساتهم الخاصة بتاريخ الكويت، وتعاون العبدالحليل مع كثير من المراكز التاريخية، مثل مركز البحوث والدراسات الكويتية.الكتب النادرة
أما من ناحية محتويات المكتبة، فقال العبدالجليل إنه بدأ بجمع الكتب النادرة منذ أكثر من 30 عاما، إلى أن وصلت إلى هذه الصورة، وكانت بدايته في جمع الطوابع وكتب الأنساب وتاريخ الكويت، مشيرا الى أنه بعد الغزو العراقي الغاشم بدأ في جمع الطبعات القديمة الأولى للكتب المتعلقة بتاريخ الكويت، ومنها مجموعة مختارة كبيرة من كتب رحلات الرحالة الأجانب إلى الكويت وشبه الجزيرة العربية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، الى النصف الأول من القرن العشرين.وبعد ذلك اتجه إلى جمع الوثائق النادرة التي تتعلّق بتاريخ الكويت، ومنها وثائق أسرة العبدالجليل التي تقدّر بأكثر من 6000 وثيقة أصلية، وتلك الوثائق كان يملكها جد والده أحمد العبدالجليل، يرحمه الله، ومن ثم آلت هذه الوثائق إليه، بعد أن رأت العائلة اهتمامه بجمع الوثائق السياسية والاقتصادية التي تتضمن بعض الأخبار، فعلى سبيل المثال علاقة الموانئ المهمة بالكويت، مثل موانئ الهند الغربية وشرق إفريقيا وموانئ اليمن والخليج، إضافة إلى وثائق سياسية حملت بين طياتها أخبارا مهمة عن حرب الصريف في عام 1901، مضيفا أن رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية د. عبدالله الغنيم أصدر بشأنها كتابا بعنوان "حديث الوثائق".وتابع العبدالجليل قائلا إن المكتبة تحتوي على عدة أقسام، منها قسم لدواوين الشعر النادرة، ومنها ديوان "روض الخل والخليل" للشاعر عبدالجليل الطبطبائي في عام 1882، وكتاب "سبائك العسجد" للمؤلف عثمان بن سند عام 1897، وديوان عبدالله الفرج، طبع في بالهند عام 1919، وأيضا جميع الطبعات الأولى لكتب المؤرخ عبدالعزيز الرشيد، وكتب التراث البحري، مثل كتب النوخذة عيسى القطامي، والطواش عبداللطيف العبدالرزاق، وكتب لوجهاء وتجار كويتيين، مثل جاسم وعبدالعزيز الإبراهيم، طبعت باللغتين العربية والهندية.مستندات
وبيّن أن هناك قسما كبيرا للوثائق والهويات المتعلقة بتاريخ الدوائر الحكومية قبل الاستقلال، حيث قال إنها توثّق أنشطة الدوائر الحكومية قبل الاستقلال، إضافة إلى الأنظمة الأساسية لتأسيس هذه الدوائر، كذلك تحتوي المكتبة على وثائق "عدسانية" مهمة حررت في بداية القرن 19، وتوثّق عمليات بيع وشراء العقارات. أما في قسم الصحف، فأوضح أنه جمع عددا كبيرا من الطبعات الأولى للصحف النادرة، خصوصا التي صدرت قبل الاستقلال، ومنها "الشعب"، و"الجماهير"، و"البشير"، و"الهدف"، وأيضا كمّ كبير من المجلات في أعدادها الأولى "مجلة الكويت"، و"التوحيد"، والبعثة"، و"الرائد" والمجلات المدرسية النادرة التي صدرت في خمسينيات القرن الماضي، وغيرها.أجهزة وصناديق
أما في قسم الصور، فقال إن مكتبته تحتوي على كمّ هائل من الصور القديمة المتعلّقة بحكام دولة الكويت، والمواقع الكويتية القديمة، والبطاقات البريدية.أما من ناحية قسم المقتنيات الفنية، فقال إنه جمع عددا من الإسطوانات ومنها الإسطوانات الحجرية، وكتب ووثائق وثّقت الحركة الفنية بالكويت إضافة إلى الصور، وتذاكر سينمائية في الخمسينيات، ووثائق مهمة تخصّ المسرح الشعبي والمسرح العربي بالكويت.وأضاف العبدالجليل أن مكتبته تضمّ مجموعة نادرة من الخرائط التي طبعت في القرنين 18 و19، وتظهر فيها الكويت بأسماء مختلفة، وقام بشرائها من بلدان مختلفة، مشيرا الى أن اسم الكويت ظهر أول مرة في خرائط الرحّالة الألماني كارستن نيبور في عام 1772، وقبلها كانت تظهر باسم القرين، مؤكدا أن تلك الخرائط تؤكد استقلالية الكويت وعدم تبعيتها لأي دولة أخرى.صندوق الطواش
وأوضح أن اقتناء الأجهزة التقليدية فرصة لتعريف الأجيال بالتقنية التي كانت في البدايات، لذلك قام بجمع مختلف أجهزة الراديو، ولديه الصناديق بكل أنواعها، ومنها المبيتة التقليدية التي شاع استخدامها في معظم الخليج العربي، وأيضا البشتختات، وصندوق الطواش، وهناك قسم لنماذج السفن التي تعدّ جزءا من التراث الكويتي الذي يحكي أسرار الحياة البحرية القديمة للكويت.