اعتبر الخبير النفطي كامل الحرمي أن هناك عدم جدية لدى الدول المشاركة في اتفاق خفض إنتاج النفط الذي سيبدأ سريانه في الأول من مايو المقبل؛ مدللاً على ذلك بأن كميات الخفض المتفق عليها غير مجدية لسحب الفائض من الأسواق النفطية، أي 10 ملايين برميل يومياً، في حين كان مفترضاً أن يكون هناك إجماع على خفض ما لا يقل عن 30 مليون برميل كي يكون ذلك الاتفاق مجدياً.

وقال الحرمي، إنه كان على "أوبك +" خفض 15 مليون برميل وتلقي بباقي كميات الخفض على عاتق باقي الدول المنتجة من خارج التحالف حتى يكتمل الخفض المرجو.

Ad

مصداقية الاتفاق

وتساءل عما إذا كانت هناك جدية من دول (أوبك +) فلمَ زيادة الإنتاج الأخيرة من بعض دول هذا التحالف؟ ومن ثم تبدأ في خفض الإنتاج في الأول من من مايو المقبل حسب الاتفاق، لافتاً إلى أن تلك الزيادة حدثت والاقتصاد العالمي متوقف عن العمل بسبب فيروس كورورنا.

وأبدى دهشته من تصرف بعض الدول إزاء المشكلة لناحية زيادة الإنتاج وخفضه ثم الدخول الى تنفيذ الاتفاق من اول مايو المقبل قائلا "هل هذه الدول لا تدري حجم المشكلة !"

وأعرب الحرمي أيضاً عن اعتقاده بأن السبب الرئيسي وراء قرار الكويت خفض الإنتاج قبل بدء سريان قرار الخفض أنها لم تجد مشترين جدداً بعدما زادت الإنتاج الى ثلاثة ملايين برميل يومياً حسب مصادر من مؤسسة البترول.

وأشار إلى أن مشكلة في التخزين في الدول المستهلكة للنفط ساهمت إلى حد كبير بخفض بعض الدول المنتجة للإنتاج مبكراً قبل تنفيذ الاتفاق.

كميات لا تكفي

من ناحيته، قال الخبير النفطي الإماراتي د. علي العامري، إن أوبك وحلفاءها اتفقوا على تخفيض بعشرة ملايين برميل يومياً، إلى جانب خمسة ملايين برميل يومياً إضافية متوقعة من دول أخرى للمساعدة في التعامل مع الأزمة النفطية، و"في اعتقادي سوف يصمد الاتفاق للفترة الأولى من الجميع لأنه في مصلحتهم، لكن في نهاية السنة سوف نرى بعض المنتجين يعودون إلى إنتاج كميات أكبر عند بداية دورة عجلة الاقتصاد مع اختفاء وباء كورونا".

وأضاف العامري أنه بعدما أدت إجراءات مكافحة انتشار الفيروس إلى توقف الطائرات والحد من استخدام السيارات وكبح النشاط الاقتصادي، فإن هذا الخفض غير المسبوق بمقدار 15 مليون برميل يومياً قد لا يكفي لكسب السوق واستقرار الأسعار لعده أسباب، منها امتلاء منشآت التخزين في العالم، وقله الاستعمال لأن أغلب سكان العالم منعزلون في منازلهم خوفاً من تفشي الوباء، إضافة إلى أن كافة مناحي الاقتصاد مغلقة ومن أهمها المصانع الإنتاجية.

وأوضح أن قرار دولة الكويت باستباق خفض الإنتاج إنما صدر من قيادة حكيمة تقرأ السوق جيداً ولديها دراية وحكمة فيما هو آت مبيناً أن ذلك يعني أيضاً أن الكويت لديها مصادر دخل تعتمد عليها وفي الوقت نفسه أرادت بهذا القرار أن توصل رسالة للمنتجين بأنها على استعداد لأن تتعاون مع الجميع، وفي الوقت نفسه فإن القرار يعني أيضاً أنها ملتزمة وأن على جميع الأطراف المشاركة في قرار الخفض الالتزام وإلا فإنها لديها القدرة على تحمل الأسعار المنخفضة في حالة عدم الالتزام لأكبر فترة ممكنة.

ورأى أن "اتفاق أوبك +" لن يؤتي ثماره أُكله فوراً عند بدء تطبيق قرار خفض الإنتاج ولن يحلّ الأزمة؛ طالما الاقتصاد العالمي في ركود ولا يوجد تصريف لمخزون بسبب تعطل كافة المصانع تخوفا من انتشار كورونا

وعن الخسائر الفادحة التي تعرض لها النفط الأميركي الأسبوع الماضي، أفاد العامري بأن الولايات المتحدة ليست وحدها التي استثمرت في احتياطي النفط، ففي اليابان هناك سلسلة مواقع تخزن فيها كميات تزيد على 500 مليون برميل في حاويات فوق الأرض فالمنشأة التي تقع في شيبوشي على سبيل المثال تقع قريباً من الشاطئ، مما يعني أن النفط الذي يتم الاحتفاظ به من الشركات بإمكان الحكومة استخدامه فوراً وقت الحاجة وبالأسعار التي تراها مناسبة، معرباً عن اعتقاده بأن أي دولة سوف تشتري إذا كانت لديها أماكن تخزين.

وأشار إلى أن جميع منتجي النفط يدركون حالياً بعد أزمة الأسعار التي مرت على جميع الدول النفطية المصدرة للخام أنهم في قارب واحد، وأن الاقتصاد العالمي مقبل على موجة ركود وانكماش غير مسبوقة في التاريخ، لذا فإن ذلك يتطلب تضافر الجهود للحد من المعروض النفطي وإعطاء دفعة للأسعار لوقف نزيف الخسائر الفادحة.

الخاسر الأكبر

وبين العامري أن صناعة النفط الصخري الأميركية هي الخاسر الأكبر في تلك الأحداث إذا استمرت الأسعار الحالية المتدنية فترات طويلة، مشيراً إلى أن ذلك سيؤدّي إلى إفلاس الكثير من الشركات التي تعمل في قطاع النفط الصخري الأميركي وخصوصاً الصغيرة منها.

وقال "إننا سوف نرى كذلك انخفاض الإنتاج الأميركي بأكثر من مليون برميل يومياً، بحلول العام المقبل، إذا بقيت الأسعار على ما هي عليه، و"يجب ألا ننسى أن السياسة الخارجية الأميركية والعقوبات التي استهدفت مشروع خط أنابيب "السيل الشمالي 2" كانت سبباً فيما حدث إلى حد كبير إذ خطط الروس لدفع الأسعار إلى الانخفاض، مبيناً أن الأمور قد تطورت وخرجت عن المسار الذي خطط له بسبب أزمة (كوفيد -19).

وقال "إننا سنحتاج وقتاً لنرى تغيراً جذرياً في أسعار النفط، لأنه سيكون علينا استخدام الإنتاج المتكدس وهذا سيحتاج وقتاً للعودة ببطء إلى سعر ٣٠ أو ٣٥ دولاراً للبرميل".

وذكر أن سعر النفط لن يشهد زيادة إن لم يرتفع الطلب، ولن يرتفع الطلب إن لم تعد دورة الحياة الى طبيعتها، بعد الانتهاء من أزمة وباء كورونا.

فرصة أخيرة

من ناحيته، قال الخبير النفطي أحمد كرم، إن الاتفاق التاريخي لـ(أوبك +) الذي تم أخيراً يعتبر الأكبر؛ معتبراً إياه فرصة قد لا تأتي مرة أخرى، وعليه فلابد من تنفيذه للحد من انخفاض أسعار النفط وأيضاً لعودة التوازن إلى السوق النفطي لإن انخفاض أسعار النفط الحالية بات يشكل عبئاً كبيراً على موازانات معظم الدول المنتجة للنفط.

إغلاق الأنشطة

وأضاف كرم أن ذلك الاتفاق كان جاداً خلال توقيعه، لكنه قد لا يستمر مع زيادة الخفض في المراحل القادمة نتيجة صعوبة خفض بعض الدول أكثر مما تم الاتفاق عليه لتأثيره المباشر عليها، فضلاً عن التأثير المباشر لفيروس كورونا على أسعار النفط، إذ أدى انتشار الفيروس إلى إغلاق كل الأنشطة الصناعية المرتبطة مباشرة بالنفط مشيراً إلى أن ذلك أدى أيضاً إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادية.

وأعرب عن اعتقاده بأن خطوة الكويت الاستباقية في خفض إنتاج النفط قبل موعد تطبيق القرار في الأول من مايو المقبل جاء لتأثير انخفاض أسعار النفط على موازنتها العامة وكذلك لإثبات جديتها أمام الآخرين من الدول المنتجة والمشاركة في اتفاق خفض الإنتاج.