قالت شهرذاد: وأما ما كان من أمري، فإني كنت جالسةً في داخل ستارةٍ تشرف على ديوان أبي، وكان لأبي صنمٌ من زمردة خضراء، جسمه قدر جسم ابن آدم، فطلبه أبي، فأرسلته إليه في الديوان، فوضعوه في جانب صنم أبي، وكان صنم أبي من الياقوت، وصنم الوزير من جوهر الألماس.أما أكابر العساكر والرعية، فبعض أصنامهم من البلخش وبعضها من العنبر وبعضها من المرجان، وبعضها من العود القماري، وبعضها من الأبنوس، وبعضها من الفضة، وبعضها من الذهب، وكل واحدٍ منهم له صنمٌ على قدر ما تسمح به نفسه، وأما رعاع العساكر والرعية فبضع أصنامهم من الصوان، وبعضها من الخشب وبعضها من الفخار، وبعضها من الطين، وكل الأصنام مختلفة الألوان ما بين أصفر وأحمر وأخضر وأسود وأبيض.
ثم قال ذلك الشخص لأبي: ادع صنمك وهؤلاء الأصنام تغضب عليّ، فصفوا تلك الأصنام ديوانا، وجعلوا صنم أبي على كرسي من الذهب وصنمي إلى جانبه في الصدر، ثم رتبوا الأصنام كل منها في مرتبة صاحبه الذي يعبده، وقام أبي وسجد لصنمه، وقال له: يا إلهي أنت الرب الكريم وليس في الأصنام أكبر منك، وأنت تعلم أن هذا الشخص أتاني طاعنا في ربوبيتك مستهزئا بك، ويزعم أن له إلها أقوى منك ويأمرني بترك عبادتك ونعبد إلهه، فاغضب عليه يا إلهي.وصار يطلب من الصنم، والصنم لا يرّد عليه جواباً، ولا يخاطبه بخطاب. فقال يا إلهي: ما هذه عادتك، لأنك كنت تكلمني إذا كلّمتك، فما لي أراك ساكتاً لا تتكلم؟ هل أنت غافلٌ أو نائمٌ؟، فانتبه وانصرني وكلمني.ثم هزّه فلم يتكلم ولم يتحرّك من مكانه، فقال ذلك الشخص لأبي: ما لي أرى صنمك لا يتكلم؟، قال له: أظن أنه غافلٌ أو نائمٌ، فقال له عدو يا الله، كيف تعبد إلهاً لا ينطق وليست له قدرةٌ على شيءٍ، ولا تعبد إلهي الذي هو قريبٌ مجيبٌ وحاضرٌ لا يغيب، ولا يغفل ولا ينام، ولا تدركه الأوهام، يرى ولا يرُى، وهو على كل شيءٍ قديرٍ؟ وإلهك عاجزٌ لا يقدر على دفع الضرر عن نفسه، وقد كان ملتبساً به شيطان رجيمٌ يضلك ويغويك، وقد ذهب الآن شيطانه، فاعبد الله واشهد أنه لا إله إلا هو، ولا معبود سواه، وأنه لا يستحق العبادة غيره، ولا خير إلا خيره، وأما إلهك هذا فإنه لا يقدر على دفع الشر عن نفسه، فكيف يقدر على دفعه عنك؟ فانظر بعينك عجزه.
ثم تقدّم وصار يصكه على رقبته حتى وقع على الأرض، فغضب الملك وقال للحاضرين إن هذا الجاحد قد صكّ إلهي فاقتلوه، فأرادوا القيام ليضربوه فلم يقدر واحد منهم أن يقوم من مكانه، فعرض عليهم الإسلام فلم يسلموا، فقال: أريكم غضب ربي؟ فقالوا: أرنا، فبسط يديه وقال إلهي وسيدي أنت ثقتي ورجائي، فاستجب دعائي على هؤلاء القوم الفجّار الذين يأكلون خيرك ويعبدون غيرك، يا حق يا جبار يا خالق الليل والنهار، أسألك أن تقلب هؤلاء القوم أحجاراً فإنك قادرٌ ولا يعجزك شيءٌ، وأنت على كل شيءٍ قديرٍ، فمسخ الله أهل هذه المدينة أحجاراً.
عهد وميثاق
وأما أنا فإني حين رأيت برهانه أسلمت وجهي لله، فسلمت مما أصابهم، ثم إن ذلك الشخص دنا مني، وقال لي سبقت لك من الله السعادة، ولله في ذلك إرادة، وصار يعلّمني، وأخذت عليه العهد والميثاق، وكان عمري سبع سنين في ذلك الوقت، وفي هذا الوقت صار عمري ثلاثين عاماً، ثم أني قلت له: يا سيدي جميع ما في هذه المدينة وجميع أهلها صاروا أحجارا بدعوتك الصالحة، وقد نجوت أنا حين أسلمت على يديك، فأنت شيخي، فأخبرني باسمك ومدّني بمددك، وتصرف لي في شيء أقتات منه، فقال لي اسمي أبو العباس الخضر، ثم غرس لي شجرةً من الرمان بيده، فكبرت وأورقت وأزهرت وأثمرت مئة واحدة في الحال، فقال: كلي مما رزقك الله تعالى واعبديه حق عبادته.ثم علّمني شروط الإسلام وشروط الصلاة وطريق العبادة، وعلّمني تلاوة القرآن، وصار لي ثلاثة وعشرون عاما، وأنا أعبد الله في هذا المكان وفي كل يومٍ تطرح لي هذه الشجرة رمانة فآكلها وأقتات بها من وقتٍ إلى وقتٍ، والخضر يأتني كل جمعةٍ، وهذا الذي عرفني باسمك وبشرني بأنك ستأتيني في هذا المكان، وقد قال لي إذا أتاك فأكرميه وأطيعي أمره ولا تخالفيه وكوني له أهلاً ويكون لك بعلاً، واذهبي معه حيث شاء، فلما رأيتك عرفتك، وهذا هو خبر هذه المدينة وأهلها والسلام، ثم أنها أرتني شجرة الرمان وفيها رمانة أكلت نصفها، فما رأيت أحلى ولا أذكى ولا أطعم من تلك الرمانة، ثم قلت لها لعلك رضيت بما أمرك به شيخك الخضر أن تكوني لي أهلاً وأكون لك بعلاً، وتذهبي معي إلى بلادي وأمكث بك في مدينة البصرة، فقالت نعم إن شاء الله تعالى، فإني سميعة لقولك مطيعة لأمرك من غير خلافٍ، ثم إني أخذت عليها العهد الوثيق، وأدخلتني إلى خزانة أبيها، وأخذنا منها على قدر ما استطعنا جملةً وخرجنا من تلك المدينة، ومشينا حتى وصلنا إلى أخواي، فرأيتهما يفتشان عليّ فقالا لي أين كنت فإنك أبطأت علينا، وقلبنا مشغولٌ عليك، أما رئيس المركب فإنه قال لي يا تاجر عبدالله إن الربح طاب لنا من مدةٍ، وأنت عوقتنا عن السفر، فقلت له لا ضرر في ذلك، ولعل التأخير خيرٌ، لأن غيابي لم يكن فيه غير الإصلاح، وقد حصل لي فيه بلوغ الآمال.طمع الشقيقين
ثم قلت لهم انظروا ما حصل لي في هذه الغيبة وفرّجتهم على ما معي من الذخائر، وأخبرتهم بما رأيت في مدينة الحجر، وقلت لهم لو كنتم أطعتموني ورحتم معي كان تحصل لكم من هذا شيءٌ كثيرٌ، فقالوا له، والله لو رحنا ما كنّا نسترجي أن ندخل على ملك المدينة، فقلت لأخواي لا بأس عليكما، فالذي معي يكفينا جميعاً، وهذا نصيبنا، ثم أني قسمت ما معي أقساماً على قدر الجميع، وأعطيت لأخواي والريس، فأخذت مثل واحدٍ منهم، وأعطيت ما تيسّر للخدامين والنوتيه، ففرحوا ودعوا لي ورضوا بما أعطيته لهم إلا أخواي، فإنها تغيّرت أحوالهما ولاحت عيونهما، فلحظت أن الطمع تمكّن منهما، فقلت لهما يا أخواي، أظن أن الذي أعطيته لكما لم يقنعكما، ولكن أنا أخوكما وأنتما أخواي، ولا فرق بيني وبينكما، ومالي ومالكما شيءٌ واحد، وإذا متّ لا يرثني غيركما وصرت آخذ بخاطرهما، ثم أنزلت البنت في الغليون وأدخلتها في الخزنة، وأرسلت لها شيئاً تأكله وقعدت أتحدث أنا وأخواي فقالا لي: يا أخانا ما مرادك أن تفعل بهذه البنت البديعة الجمال؟ فقلت لهما مرادي أن أكتب كتابي عليها إذا دخلت البصرة وأعمل فرحاً عظيماً، وأدخل بها هناك، فقال أحدهما: يا أخي اعلم أن هذه الصبية بديعة الحسن والجمال، وقد وقعت محبتها في قلبي، فمرادي أن تعطيها لي فأتزوج بها أنا، وقال الثاني وأنا الآخر كذلك فأعطها لي لأتزوجها، فقلت لهما يا أخواي إنها قد أخذت عليّ عهداً وميثاقاً أني أتزوج بها، فإذا أعطيتها واحد منكما أكون ناقضاً للعهد الذي بيني وبينها، وربما يحصل لها كسر خاطرٍ، لأنها ما أتت معي إلا على شرطٍ أني أتزوجها، فكيف أزوّجها لغيري، وأما من جهة أنكما تحبانها فأنا أحبها أكثر منكما، وأنا وجدتها وكوني أعطيها لواحدٍ منكما هذا شيءٌ لا يكون أبداً، ولكن إذا دخلنا مدينة البصرة بالسلامة، انظر لكما بنتين من خيار بنات البصرة وأخطبهما لكما، وأدفع المهر من مالي وأجعل الفرح واحداً وندخل نحن الثلاثة في ليلةٍ واحدةٍ، وأعرضا عن هذه البنت، فإنها من نصيبي فسكتا، وقد ظننت أنهما رضيا بما قلت لهما.ثم إننا سافرنا متوجهين إلى أرض البصرة، وصرت أرسل إليها ما تأكل وما تشرب وهي لا تخرج من خزنة المركب، وأنا أنام بين أخواي على ظهر الغليون ولم نزل مسافرين على هذه الحالة مدة أربعين يوماً، حتى بانت لنا مدينة البصرة، ففرحنا بإقبالنا عليها وأنا راكنٌ إلى أخواي ومطمئنٌ بهما، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى، فنمت تلك الليلة.الخيانة
وبينما أنا مستغرقٌ في النوم، لم أشعر إلا وأنا محمولٌ بين يدي أخواي هذين واحدٌ قابض على سيقاني والآخر من يدي، لكونهما اتفقا على تغريقي في البحر من شأن تلك البنت، فلما رأيت روحي محمولاً بين أيديهما قلت يا أخواي لأي شيء تفعلان معي هذه الفعال، فقالا: يا قليل الأدب، كيف تبيع خاطرنا ببنت؟ فنحن نرميك في البحر من أجل ذلك، ثم رمياني فيه، ثم أنه التفت إلى الكلبين وقال أحقٌ ما قلته يا أخواي أم لا؟ فنكسا رأسيهما وصارا يعويان كأنهما يصدقان قوله.فتعجّب الخليفة من ذلك، ثم قال يا أمير المؤمنين فلما رموني في البحر وصلت إلى القرار ثم نفضني الماء على وجه البحر، فما شعرت إلا وطائرٌ كبيرٌ قدر الآدمي نزل عليّ وخطفني وطار بي في الجو الأعلى، ففتحت عيني فرأيت روحي في قصر مشيّد الأركان عالي البنيان منقوش بالنقوشات الفاخرة، وفيه تعاليق الجواهر من سائر الأشكال والألوان، وفيه جوارٍ واقفاتٍ واضعاتٍ الأيادي على الصدور، وإذا بامرأةٍ جالسةٍ بينهن على كرسي من الذهب الأحمر مرصعٍ بالدر والجوهر، وعليها ملابس لا يقدر الإنسان أن يفتح عينه فيها من شدة ضياء الجواهر، وعليها حزامٌ من الجواهر لا يفي بثمنه مال، وعلى رأسها تاجٌ ثلاث دوراتٍ يحير العقول والأفكار ويخطف القلوب والأبصار، ثم إن الطيّر الذي خطفني انتفض فصار صبية كأنها الشمس المضيئة، فأمعنت النظر فيها، فإذا هي التي كانت في الجبل بصفة حيّة، وكان الثعبان يقاتلها ولفّ ذيله على ذيلها، وأنا حين رأيت الثعبان قهرها وغلب عليها قتلته بالحجر.الحيّة سعيدة
فقالت لها المرأة التي هي جالسةٌ على الكرسي: لأي شيءٍ جئت هنا بهذا الإنسي؟ فقالت لها يا أمي إن هذا هو الذي كان سبباً في ستر عرضي بين بنات الجان، فقالت لي: هل تعرف من أنا؟ قلت لا، قالت: أنا التي كنت في الجبل الفلاني، وكان الثعبان الأسود يقاتلني، ويريد هتك عرضي وأنت قتلته، فقلت إنما رأيت مع الثعبان حية بيضاء، فقالت أنا التي كنت حية بيضاء، ولكن أنا بنت الملك الأحمر ملك الجان، واسمي سعيدة، وهذه الجالسة هي أمي واسمها مباركة زوجة الملك الأحمر، والثعبان الذي كان يقاتلني ويريد هتك عرضي هو وزير الملك الأسود، واسمه درفيل وهو قبيح الخلقة، واتفق أنه لما رآني عشقني، ثم أنه خطبني من أبي فأرسل إليه أبي يقول له وما مقدارك يا قطاعة الوزراء حتى تتزوج بنات الملوك، فاغتاظ من ذلك وحلف يميناً أنه لا بد أن يفضح عرضي كيداً في أبي، وصار يقفو أثري، ويتبعني أينما رحت، ومراده أن يفضح عرضي وقد وقع بينه وبين أبي حروبٌ عظيمةٌ ومشقاتٍ جسيمةٍ، ولم يقدر عليه أبي، لكونه جباراً مكاراً، ثم إن أبي كلما ضايقه وأراد أن يظفر به يهرب منه، وقد عجز أبي وصرت أنا في كل يومٍ انقلب أشكالاً وألواناً، وكلما انقلبت في صفةٍ ينقلب هو في صفةٍ ضدها، وكلما هربت إلى أرض يشم رائحتي يلحقني في تلك الأرض، حتى قاسيت منه مشقةً عظيمةً، ثم انقلبت في صفة حية وذهبت إلى ذلك الجبل، فانقلب هو في صفة ثعبان، وتبعني فيه، فوقعت في يده، فأتيت أنت وضربته بالحجر فقتلته، وأنا انقلبت بنتاً وأريتك روحي، وقلت لك عليّ جميلٌ لا يضيع إلا مع أولاد الزنا، فلما رأيت أخويك فعلا بك هذه المكيدة، ورمياك في البحر بادرت إليك، وخلّصتك من الهلاك، ووجب لك الإكرام من أمي وأبي، ثم إنها قالت يا أمي أكرميه في نظير ما ستر عرضي.فقالت مرحباً بك يا إنسي، فإنك فعلت معنا جميلاً، وتستحق عليه الإكرام، وأمرت لي ببدلٍ كتوريةٍ تساوي جملةً من المال، وأعطتني جملةً من الجواهر والمعادن، ثم إنها قالت خذوه وأدخلوه على الملك في الديوان، فرأيته جالساً على كرسي وبين يديه المردة والأعوان، فلما رأيته زاغ بصري مما رأيته عليه من الجواهر، فلما رآني قام على الأقدام وقامت العساكر إجلالاً له، ثم حياني ورحب بي وأكرمني غاية الإكرام، وأعطاني مما عنده من الخيرات، وبعد ذلك قال لبعض أتباعه خذوه إلى بنتي توصله إلى المكان الذي جاءت به منه، فأخذوني وذهبوا بي إلى سعيدة ابنته، فحملتني ثم طارت بي وبما معي من الخيرات.صراع الأشقاء
هذا ما كان من أمري وأمر سعيدة، وأما ما كان من أمر ريس الغليون فإنه أفاق على الخبطة حين رموني في البحر، فقال ما الذي وقع في البحر، فبكى أخواي وصار يخبطان على صدريهما ويقولان يا ضيعة أخينا، فإنه أراد أن يزيل ضرورة في الغليون، فوقع في البحر ثم إنهما وضعا أيديهما على مالي، ووقع بينهما الاختلاف من جهة البنت، وصار كل واحد منهما يقول ما يأخذها غيري، واستمرا على الخصام مع بعضهما، ولم يتذكروا أخاهما ولا غرقه، وزال حزنهما عليه، فبينما هما في هذا الحالة وإذا بسعيدة نزلت في وسط الغليون.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.الطاسة السحرية
وفي الليلة السابعة عشرة بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن عبدالله بن فاضل قال فبينما هما في هذه الحالة وإذا بسعيدة نزلت بي في وسط الغليون، فرآني أخواي فعانقاني وفرحا بي، وصارا يقولان يا أخانا، كيف حالك فيما جرى لك؟ إن قلبنا مشغولٌ عليك، فقالت سعيدة إن كان قلبكما عليه أو كنتما تحبانه ما كنتما رميتماه في البحر وهو نائمٌ، فاختارا لكما موتة تموتانها، وقبضت عليهما، وأرادت قتلهما فصاحا وقالا في عرضك يا أخانا، فصرت أتداخل عليها وأقول لها أنا واقع في عرضك لا تقتلي أخواي، وهي تقول لا بدّ من قتلهما، لأنهما خائنان، فما زلت ألاطفها حتى قالت من شأن خاطرك لا أقتلهما، ولكن أسحرهما.إنسان في صورة كلب
أخرجت الحية سعيدة طاسةً، وحطت فيها من ماء البحر، وتكلمت عليها بكلامٍ لا يفهم، وقالت للأخوين اخرجا من الصورة البشرية إلى الصورة الكلبية، ثم رشتهما بالماء، فانقلبا كلبين كما تراهما يا خليفة الله ثم التفت إليهما، وقال: أحقاً ما قلته يا أخواي، فنكسا رأسيهما كأنهما يقولان له صدقت، ثم قال يا أمير المؤمنين، وبعد أن سحرتهما كلبين قالت لمن كان من الغليون اعلموا أن عبدالله بن فاضل هذا صار أخي، وأنا أشقّ عليه كل يومٍ مرةٍ أو مرتين، وكل من خالفه منكم أو خالف أمره وآذاه باليد أو باللسان فإني أفعل به ما فعلت بهذين الخائنين وأسحره كلباً حتى ينقضي عمره وهو في صورة الكلب، ولا يجد له خلاصاً، فقال لها الجميع: يا سيدتي نحن كلنا عبيده وخدمه، ولا نخالفه، ثم إنها قالت لي: إذا دخلت البصرة فتفقّد جميع مالك، فإن كان نقص منه شيءٍ فأعلمني وأنا أجيء لك به من أي شخصٍ كان، ومن أي مكان كان، ومن كان آخذه أسحره كلبا، ثم بعد أن نخزن أموالك ضع في رقبة كل من هذين الخائنين غلّا واربطهما في ساق السرير، واجعلهما في سجنٍ وحدهما، وكل ليلةٍ في نصف الليل أنزل إليهما وأضرب كل واحدٍ منهما علقة حتى يغيب عن الوجود، وإن مضت ليلةٌ ولم تضربهما فإني أجيء لك وأضربك علقةً، وبعد ذلك اضربهما فقلت لها: سمعاً وطاعةً، ثم إنها قالت لي اربطهما في الحبال حتى تدخل البصرة، فوضعت في رقبة كل واحدٍ منهما حبلاً، ثم ربطتهما في الصاري، وتوجهت هي إلى حال سبيلها.وفي ثاني يومٍ دخلت البصرة وطلع التجار لمقابلتي وسلّموا عليّ ولم يسأل أحدٌ عن أخواي، وإنما صاروا ينظرون إلى الكلاب ويقولون لي يا فلان ماذا تصنع بهذين الكلبين اللذين جئت بهما معك؟ فأقول لهم إني ربيتهما في هذه السفرة، وجئت بهما معي، فيضحكون عليهما ولم يعرفوا أنهما أخواي. وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
وإلى اللقاء في حلقة الغد