على البنوك المركزية الآسيوية أن تتعامل بجدية مع التغير المناخي!
تحتاج الاختبارات الإلزامية إلى التزام البنوك والمؤسسات المالية بمعالجة مخاطر التغير المناخي، وتسمح هذه الاختبارات بتعزيز الكفاءة وزيادة فاعلية طرق النمذجة، فضلاً عن توجيه سياسات الإقراض في البنوك نحو عدد إضافي من المؤسسات التي تطبّق سياسة تخفيض انبعاثات الكربون.
وفق "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ"، يؤثر الانفجار السكاني في آسيا وسرعة الكوارث الطبيعية المتلاحقة على عواقب التغير المناخي في هذه القارة، قد يؤدي اختفاء الأنهار الجليدية نهائياً على المدى الطويل إلى تغيير مسار تدفق الأنهار الأساسية في آسيا، بما في ذلك براهمابوترا وميكونغ ويانغتسي، كذلك، يتوقّع البنك الدولي أن تشهد معظم مناطق آسيا الجنوبية تراجعاً في مستوى معيشتها بسبب ارتفاع الحرارة، ما ينعكس على المحاصيل الزراعية ويطلق موجة من النزوح الجماعي، لكن حتى الآن، لم يغيّر واقع التغير المناخي عادات استهلاك الطاقة في أنحاء المناطق الآسيوية.يواجه صانعو القرارات وأصحاب الأسهم في آسيا مصاعب كبرى في إطلاق عملية انتقالية فاعلة في ظل اقتصاد منخفض الكربون. تتعدد الطرق التي تستطيع البنوك المركزية استعمالها للالتزام بمرحلة انتقالية مماثلة ومواجهة المخاطر المناخية المطروحة: أولاً، تستطيع هذه البنوك أن تُقيّم المخاطر المناخية في المنظمات الفردية بطريقة منهجية، بدأ عدد من البنوك المركزية بتنفيذ هذه الخطة في البلدان المتقدمة.
ثانياً، تستطيع البنوك أن تستخدم الأدوات السياسية لتقليص المخاطر المناخية ودعم تطوير الجهود الرامية إلى تخفيض انبعاثات الكربون، ويُفترض أن يعترف المسؤولون في البنوك المركزية في دول آسيا الناشئة بأن التغير المناخي مشكلة مرتبطة بقطاع الأعمال أيضاً. من خلال معالجة التغير المناخي باعتباره جزءاً من المخاطر الاعتيادية، تستطيع البنوك المركزية الآسيوية أن تنفّذ اختبارات الإجهاد المناخي وتلتزم بمعاييرها، بما يضمن تأمين ديونها بالشكل الذي تعتمده أوروبا تدريجاً، فقد قررت برامج البنك المركزي الأوروبي المرتبطة بشراء سندات الشركات الامتناع عن قبول جميع الرساميل التي تخالف المعايير المناخية الصديقة للبيئة، وسيؤدي هذا القرار إلى تغيير طبيعة الاستثمارات والانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، أبدت بنوك مركزية أخرى اهتمامها بتقييم آثار الأنظمة المالية الوطنية فيها على المخاطر المناخية. حلل بنك إنكلترا تداعيات قطاع التأمين البريطاني على المخاطر المالية المناخية في عام 2015، وبدأ يطبّق اختباراً مشابهاً للقطاع المصرفي، أما البنوك المركزية الآسيوية، فاتخذت مجموعة خطوات لتقليص المخاطر المناخية، وكان بنك بنغلادش أول بنك مركزي يعالج التغير المناخي، وفي عام 2011، أصدر البنك توجيهات حول إدارة المخاطر البيئية، فأمر البنوك بدمج سياسات إدارة مخاطر الشركات مع مقاربات إدارة مخاطر الديون. أصدر بنك الشعب الصيني أيضاً بيانات إلزامية ثابتة للبنوك، فدعاها إلى تصنيف الإقراض النقدي "الأخضر" و"البنّي" و"الحيادي" في مَحَافظها، لكن رغم هذه الإجراءات، فلا بد من فرض تدبير استباقي آخر، وخلال قمة "كوكب واحد" في باريس، في ديسمبر 2017، أنشأت ثمانية بنوك مركزية "شبكة البنوك المركزية والمشرفين لتخضير النظام المالي"، ولتخفيف المخاطر المرتبطة بالمناخ بأفضل الطرق، يجب أن تكون البنوك المركزية الآسيوية جزءاً من هذه الشبكة.ربما تبقى اختبارات الإجهاد المناخي مجالاً معقداً، لكن تحتاج الاختبارات الإلزامية إلى التزام البنوك والمؤسسات المالية بمعالجة مخاطر التغير المناخي، وتسمح هذه الاختبارات بتعزيز الكفاءة وزيادة فاعلية طرق النمذجة، فضلاً عن توجيه سياسات الإقراض في البنوك نحو عدد إضافي من المؤسسات التي تطبّق سياسة تخفيض انبعاثات الكربون، وتتعلق المهمة الحقيقية بطريقة إطلاق هذه المقاربات داخل كل بنك مركزي فردي، ويجب أن تصبح هذه المسألة محور سياسات البنوك المركزية في جنوب شرق آسيا لتطبيق استثمارات مصرفية صديقة للبيئة، كذلك، تبرز الحاجة إلى وضع إطار عمل جديد وفاعل، فضلاً عن سياسة اقتصادية واضحة تتماشى مع المخاطر المناخية المطروحة في جميع المجالات المالية. أخيراً، يجب أن تبدأ مقاربات تسعير الكربون وإلغاء الهبات المرتبطة بالوقود الأحفوري في أسرع وقت.*إيشكا ياداف