اتهام النفطيين... حرب في الجهة الخطأ!
بين محقة ومتحاملة، تعالت خلال الفترة الأخيرة أصوات شاجبة ومستنكرة لما حصل عليه العاملون المداومون في القطاع النفطي من مكافآت الأعمال الإضافية، خلال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ قرر مجلس الوزراء تعطيل العمل بالجهات الحكومية واحتساب هذه الفترة عطلة رسمية.وبميزان إحقاق الحق ورفض التحامل، يجب الإقرار بأن هناك خطأ ما، وأن هناك تنفيعات لا لبس فيها بإقحام أسماء غير مستحقة في كشوف تلك الأعمال الإضافية، لتأخذ فوق راتبها راتبين، وسط تلك الظروف التي تخوض فيها الكويت معركة حامية لاحتواء وباء كورونا، مما يلقي على الجميع مسؤولية عدم استغلال الظروف لتحميل البلاد فوق ما تطيق... هذا ما لا يمكن أن يجادل فيه عاقل ذو ضمير.
لكن في الجهة المقابلة، ليس من حق أحد أن يلوم أو يوجه أصابع الاتهام إلى من لا حيلة له في الأمر، ويجب التوقف عن إلقاء التهم في وجه من حصلوا على حقوقهم المشروعة وفق ما ينص القانون؛ فعدم استساغة البعض أو استكثاره ما حصل عليه العاملون بالنفط، لا يبرران مهاجمة مواطنين شرفاء لم ينالوا إلا ما قرره لهم القانون، فأين الجريمة التي ارتكبها هؤلاء النفطيون؟ أين القانون الذي انتهكوه، هؤلاء موظفون قاموا بأعمالهم وأعمال زملائهم الجالسين في بيوتهم، فهل من الإنصاف أو حتى من المنطق أن تتم تسوية هؤلاء بأولئك؟!على الشاكين والناعين والشاجبين والمستنكرين جميعاً أن يعدلوا الوجهة التي يرمون فيها سهامهم، لأنهم يحاربون في الوجهة الخطأ، فمن تسبب في تلك المبالغ المهدرة، من وجهة نظرهم، ليس هؤلاء العاملين، بل مجلس الوزراء، بعدما خرج قراره معتبراً أن تلك الإجازة عطلة رسمية لا أيام راحة أو أيام يُعلَّق فيها العمل، فإذا كان مستشارو المجلس يعرفون عواقب هذا القرار فلماذا لوم النفطيين بدلاً منهم؟ وإذا كانوا لا يعرفون فالمصيبة أعظم!من جهة أخرى، لماذا لا ينظر الغاضبون إلى مكافآت الأعمال الإضافية للنفطيين على أنها تأتي أسوة بما حصل عليه عسكريو «الداخلية» و«الدفاع» والحرس الوطني، باستحقاق وجدارة من رواتب وعلاوات ومكافآت إضافية نظير مجهودات الأبطال التي يبذلونها والتي يستحقون عليها كل مكافأة وتقدير واحترام، لاسيما بعد صدور قرار حجزهم الكلي في أعلى درجاته؟ وعليه فما العيب في أن ينال كل مجتهد نظير ما يقوم به؟الكويت دولة مؤسسات، ويجب ألا تتحكم فيها الأهواء، وإذا كان هناك من درس نتعلمه من ذلك الملف فهو دراسة القرار وقراءة تبعاته وتداعياته قبل إصداره، ثم العدول عنه إذا كان فيه إهدار أو ضرر، أو تحمُّل نتائجه وعدم لوم من حصل على فائدة عرضية بسببه.