ما في خاطري: الكويت العظمى
في الولايات المتحدة الأميركية وفي مستشفى ألكساندريه في العاصمة واشنطن وقبل تفشي فيروس كورونا المستجد بأسابيع قليلة كنت طريح الفراش بقسم الطوارئ منتظرا حضور الدكتور المختص بعد إصابتي بتسمم غذائي، والألم يزداد شيئاً بعد شيء حتى جاءت الدكتورة بعد انتظار دام ثلاث ساعات لتكشف عن حالتي، بعدها أخذت علاجي وتحسنت ولله الحمد، وقبل خروجي توجهت إلى الاستقبال لأسألهم عن قيمة العلاج لأني لا أملك تأميناً صحياً فردت الموظفة قائلة: حسابك 820 دولاراً بما يعادل 255 د.ك، وهذا بعد الخصم لأنك ستدفع اليوم!بعد خروجي تساءلت عن الخدمة المتواضعة التي قدمها لي أحد أكبر المستشفيات هناك، وعن القيمة الكبيرة التي دفعتها نظير علاج بسيط دون أي تحاليل أو فحوص زائدة، فوجدت الغالبية هناك يشتكي من غلاء التأمين الصحي والخدمة الصحية، وهذا ما أثار استغرابي، فنحن نعتبر هذه الدول الأولى في كل شيء، كما صور لنا الإعلام وأفلام هوليوود، ولكن بعد تجربتي والأرقام القياسية التي حققتها الولايات المتحدة في تفشي فيروس كورونا المستجد، وفشلها في إدارة الأزمة الصحية الأخيرة التي راح ضحيتها الآلاف راجعت بعض قناعاتي.
والزائر للولايات المتحدة سيشعر بالإبهار، وهذا أمر حقيقي، فالتطور والنهضة الفكرية والعلمية ملموسة، ولكن لم نفكر يوماً بتقييم الوضع الصحي لأننا لم نمر بأزمة صحية مماثلة هددت حياة الإنسان، وهذا يجعلنا نراجع قناعاتنا، وهي أن الدول الرأسمالية ناجحة بكل المقاييس وأن الخصخصة ستشعل المنافسة وستقاتل الشركات لتقديم خدمة أفضل للمواطن، وهذا لم يحدث، فالحكومات بوزاراتها ومؤسساتها هدفها تحقيق المصلحة العامة وخدمة المواطن بعيداً عن الربح المادي، وهذا الهدف عظيم وسام، وشعرنا به أكثر في "الكويت العظمى" هذه الأيام.هذه الأزمة الأخيرة والإدارة السلبية التي أظهرتها بعض الدول تجعلنا نراجع قناعاتنا ونضع النظام الصحي في المقدمة، فنطوره وندعم عامليه، والواضح أن الصحة هي الأساس في نهضة الشعوب فقد انهار الاقتصاد وبرميل النفط وصل إلى أدنى مستوياته، والحياة تعطلت، ودول قد تنهار في قادم الأيام بسبب عارض صحي أصابهم.