شقيقا ابن فاضل يغرقانه في البحر و«درفيل» ينقذه (7- 30)
الخليفة يكشف خدعة الأخوين ويصلبهما على أبواب القصر
في الحلقة السابقة أرسل الخليفة مرسوما إلى ابنة ملك الجان «سعيدة» يطلب فيه إعادة أخوي ابن فاضل إلى صورتهما البشرية، وقيام سعيدة باستشارة والدها، وخوف ملك الجان من بطش الخليفة، لأنه يداوم على صلاة ركعتي الفجر، ولكن بعد عودة الشقيقين إلى طبيعتهما البشرية يدبران مؤامرة جديدة لابن فاضل... وفي هذه الحلقة تكشف شهرزاد تفاصيل المؤامرة.
قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أنه لما اجتمع الأخوان مع بعضهما قال ناصرٌ لمنصورٍ: يا أخي إلى متى ونحن تحت طاعة أخينا عبد الله وهو في هذه السيادة والإمارة، وبعدما كان تاجراً صار أميراً وبعدما كان صغيراً صار كبيراً، ونحن لم نكبر ولم يبق لنا قدرٌ ولا قيمةٌ، وها هو ضحك علينا وعملنا معينين له ما معنى ذلك؟ ألسنا نخدمه ومن تحت طاعته؟ وما دام طيباً لا ترتفع درجتنا ولا يبقى لنا شأنٌ فلا يتم غرضنا إلا إن قتلناه وأخذنا أمواله، ولا يمكن أخذ هذه الأموال إلا بعد هلاكه، فإذا قتلناه نسود ونأخذ جميع ما في خزائنه من الجواهر والمعادن والذخائر وبعد ذلك نقسمها فيما بيننا ثم نهيئ هديةً للخليفة ونطلب منه منصب الكوفة وأنت تكون نائب البصرة وأنا أكون نائب الكوفة أو أنك تكون نائب الكوفة وأنا أكون نائب البصرة ويبقى لكل واحدٍ منا صولةٌ وشأنٌ ولكن لا يتم لنا ذلك إلا إذا أهلكناه.فقال منصور: إنك صادقٌ فيما قلت ولكن ماذا نصنع معه حتى نقتله؟ فقال: نعمل ضيافةً عند أحدنا ونعزمه إليها ونخدمه غاية الخدمة ثم نسامره بالكلام، ونحكي له حكاياتٍ ونكاتٍ ونوادر إلى أن يذوب قلبه من السهر، ثم نفرش له حتى يرقد فإذا رقد نبرك عليه وهو نائمٌ فنخنقه ونرميه في البحر، ونصيح قائلين: إن أخته الجنية أتته وهو قاعدٌ يتحدث بيننا، وقالت له: يا قطاعة الأنس ما مقدارك حتى تشكوني إلى أمير المؤمنين؟ أتظن أننا نخاف منه فكما أنه ملكٌ فنحن ملوكٌ، وإن لم يلزم أدبه في حقنا قتلناه أقبح قتلةٍ، ولكن بقيت أنا لأقتلك حتى ننظر ما يخرج من يد أمير المؤمنين.ثم خطفته وشقت الأرض ونزلت به، فلما رأينا ذلك غشي علينا ثم استفقنا ولم ندر ما حصل له، وبعد ذلك نرسل إلى الخليفة ونعلمه فإنه يولينا مكانه، وبعد مدةٍ نرسل إلى الخليفة هديةً سنيةً ونطلب منه حكم الكوفة، وواحدٌ منا يقيم في البصرة، والآخر يقيم في الكوفة، وتطيب لنا البلاد ونقهر العباد ونبلغ المراد، فقال: نعم ما أشرت يا أخي.
تنفيذ خطة القتل
فلما اتفقا على قتل أخيهما صنع ناصر ضيافةً، وقال لأخيه عبد الله: يا أخي اعلم أني أخوك ومرادي أنك تجبر بخاطري أنت وأخي منصور، وتأكلا ضيافتي في بيتي حتى أفتخر بك. ويقال: إن الأمير عبد الله أكل ضيافة أخيه ناصر، لأجل أن يحصل له بذلك جبر خاطرٍ، فقال له عبد الله: لا بأس يا أخي ولا فرق بيني وبينك وبيتك بيتي، ولكن حيث عزمتني فما يأبى الضيافة إلا اللئيم.ثم التفت إلى أخيه منصور وقال له: أتذهب معي إلى بيت أخيك ناصرٌ وتأكل ضيافته وتجبر بخاطره؟ فقال له: يا أخي وحياة رأسك ما أروح معك حتى تحلف لي أنك بعدما تخرج من بيت أخي ناصر تدخل بيتي وتأكل ضيافتي، فهل ناصرٌ أخوك وأنا لست أخاك، فكما جبرت بخاطره تجبر بخاطري، فقال: لا بأس بذلك حباً وكرامةً، فمتى خرجت من دار أخيك ادخل دارك وكما هو أخي فأنت أخي.ثم إن ناصراً قبل يد أخيه عبد الله ونزل من الديوان وعمل الضيافة وفي ثاني يومٍ ركب عبد الله وأخذ معه جملةً من العسكر وأخاه منصور وتوجه إلى دار أخيه ناصر وجلس هو وجماعته، وأخوه قدم لهم السماط ورحب بهم، فأكلوا وشربوا وتلذذوا وطربوا وارتفعت السفرة وغسلت الأيادي، وأقاموا ذلك اليوم على أكلٍ وشربٍ وبسطٍ ولعبٍ إلى الليل.فلما تعشوا وصلوا المغرب والعشاء جلسوا على منادمة، وصار منصورٌ يحكي حكايته وناصرٌ يحكي وعبد الله يسمع، الإخوة في قصرٍ وحدهم وبقية العسكر في مكانٍ آخر، ولم يزالوا في نكتٍ وحكاياتٍ ونوادر وأخبارٍ حتى ذاب قلب أخيهم عبد الله من السهر وغلبه النوم.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.درفيل ينقذ ابن فاضل
وفي الليلة الحادية والعشرين بعد الخمسمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن عبد الله لما طال عليه السهر وأراد النوم فرشوا له الفراش ثم قلع ثيابه ونام، وناما بجانبه على فرشٍ آخر، وصبرا عليه حتى استغرق في النوم، فلما عرفا أنه استغرق في النوم قاما وبركا عليه فأفاق فرآهما باركين على صدره فقال لهما: ما هذا يا أخويَّ؟ فقالا له: ما نحن أخويك ولا نعرفك يا قليل الأدب، وقد صار موتك أحسن من حياتك، وحطا أيديهما في رقبته وخنقاه، فغاب عن الدنيا ولم يبق فيه حركة، فظنا أنه مات وكان القصر على البحر فرموه في البحر.فلما وقع في البحر سخر الله له درفيلاً كان معتاداً على مجيئه تحت ذلك القصر، لأن المطبخ كان فيه طاقةً تشرف على البحر، وكانوا كلما ذبحوا الذبائح رموا تعاليقها في البحر من تلك الطاقة، فيأتي ذلك الدرفيل ويلتقطها من على وجه الماء فاعتاد على ذلك المكان، وكانوا في ذلك اليوم قد رموا أسقاطاً كثيرةً بسبب الضيافة، فأكل ذلك الدرفيل زيادةً عن كل يومٍ حصلت له فلما سمع الخبطة في البحر أتى مسرعاً، فرى آدمياً، فهداه الهادي وحمله على ظهره وشق به في وسط البحر، ولم يزل سابحاً به حتى وصل إلى البر من الجهة الثانية، وألقاه على البر، وكان ذلك المكان الذي أطلعه فيه على قارعة الطريق، فمرت به قافلةٌ فرأوه مرمياً على جانب البحر، فقالوا: هنا غريقٌ ألقاه البحر على الشاطئ.شيخ القافلة
واجتمع عليه جماعةٌ من تلك القافلة يتفرجون عليه، وكان شيخ القافلة رجلاً من أهل الخير وعارفاً بجميع العلوم وخبيراً بعلم الطب وصاحب فراسةٍ صادقةٍ فقال لهم: يا ناس ما الخبر؟ فقالوا: هذا غريقٌ ميتٌ، فأقبل عليه وتأمله وقال: يا ناس هذا الشاب فيه الروح، وإنه من خيار أولاد الناس الأكابر وتربية العز والنعم، وفيه الرجاء إن شاء الله تعالى.ثم إنه أخذه وألبسه بدلةً وأدفأه وصار يعالجه ويلاطفه مدة ثلاث مراحل حتى أفاق، ولكن حصلت له خضة فغلب عليه الضعف وصار شيخ القافلة يعالجه بأعشاب يعرفها، ولم يزالوا مسافرين مدة ثلاثين يوماً حتى بعدوا عن البصرة بهذه المسافة وهو يعالج فيه، ثم وصلوا مدينةً يقال لها مدينة عوج، وهي في بلاد العجم فنزلوا في خانٍ وفرشوا له، ورقد فبات تلك الليلة يئن وقد أفاق الناس من أنينه، فلما أصبح الصباح أتى بواب الخان إلى شيخ القافلة، وقال له: ما شأن هذا الضعيف الذي عندك فإنه أقلقنا؟ فقال: هذا رأيته في الطريق على جانب البحر غريقاً فعالجته وعجزت ولم يشف، فقال له: أعرضه على الشيخة راجحة، فقال: ومن تكون الشيخة راجحة؟ فقال: عندنا بنتٌ بكرٌ شيخةٌ، وهي عذراء جميلة اسمها الشيخة راجحة كل من به داءٌ يذهبون به إليها فيبيت عندها ليلةً واحدةً فيصبح معافى، كأنه لم يكن فيه شيءٌ يضره.لقاء بنت ملك الأحجار
فقال له شيخ القافلة: دلني عليها، فقال له: احمل مريضك، فحمله ومشى بواب الخان قدامه إلى أن وصل إلى زرايةٍ، فرأى أناساً داخلين بالنذر وآخرين خارجين فرحين، فدخل بواب الخان حتى وصل إلى الستارة، وقال: دستور يا شيخة راجحة خذي هذا المريض أدخليه من داخل هذه الستارة، فقالت له: ادخل فدخل ونظر إليها فرأى زوجته التي جاء بها من مدينة الحجر، فعرفها وعرفته وسلمت عليه، فقال لها: من أتى بي إلى هذا المكان؟ فقالت له: لما رأيت أخويك رمياك في البحر وتخاصما علي رميت نفسي في البحر، فتناولني شيخي الخضر أبو العباس، وأتى بي إلى هذه الزاوية وأعطاني الإذن بشفاء المرضى ونادى في المدينة: كل من كان له داءٌ فعليه بالشيخة راجحة، وقال لي: أقيمي في هذا المكان حتى يئنَ الأوان ويأتي إليك زوجك، فصار كل مريض يأتي أكبسه فيصبح شافيا، وشاع ذكري بين العالم، وأقبل الناس علي بالنذور، وعندي من الخير كثير، وأنا في عز وإكرامٍ، وجميع أهل هذه البلاد يطلبون مني الدعاء.ثم إنها كبست الرجل المريض فشفي بقدرة الله تعالى، وكان الخضر يحضر عندها في كل ليلةِ جمعة، وكانت تلك الليلة التي اجتمع فيها ليلة الجمعة، فلما جن الليل جلست هي وإياه بعدما تعشيا من أفخر المأكول، ثم قعدا ينتظران حضور الخضر، فبينما هما جالسان إذا به قد أقبل عليهما فحملهما من الزاوية ووضعهما في قصر عبد الله بن فاضل بالبصرة ثم تركهما وذهب.صلب الشقيقين أمام القصر
فلما أصبح الصباح تأمل عبد الله في القصر فرآه قصره فعرفه، وسمع الناس في ضجةٍ فنظر من الشباك فرأى شقيقيه مصلوبين كل واحدٍ منهما على خشبةٍ، والسبب في ذلك أنهما لما رمياه في البحر ندما وأصبحا يبكيان ويقولان: إن أخانا خطفته الجنية، ثم هيآ هديا وأرسلاها إلى الخليفة وأعلماه بهذا الخبر وطلبا منه منصب البصرة فأرسل وأحضرهما عنده، وسألهما فأعلماه كما ذكرنا فاشتد غضب الخليفة، فلما جن الليل صلى ركعتين قبل الفجر على عادته وصاح على طوائف الجن فحضروا بين يديه طائعين، فسألهم عن عبد الله فحلفوا له أنه لم يتعرض له أحد منهم، وقالوا له: ما عندنا علمٌ به، فأتت سعيدة بنت الملك الأحمر وأعلمت الخليفة بقصته فصرفهم، وفي ثاني يوم رمى ناصراً ومنصوراً تحت الضرب فأقرا على بعضهما فغضب عليهما الخليفة، وقال: خذوهما إلى البصرة واصلبوهما قدام قصر عبد الله، هذا ما كان من أمرهما.وأما ما كان من أمر عبد الله فإنه أمر بدفن شقيقيه، ثم ركب وتوجه إلى بغداد وأفاد الخليفة بحكايته، وما فعل معه أخواه من الأول إلى النهاية، فتعجب الخليفة من ذلك وأحضر الكاتب والشهود وكتب كتابه على البنت التي جاء بها من مدينة الحجر وأقام معها في البصرة إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات، فسبحان الحي الذي لا يموت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.البوق والفرس
ولما كانت الليلة الثانية والعشرين بعد الخمسمئة قالت شهرزاد: ومما يحكى أنه كان في قديم الزمان ملك عظيم ذو خطر جسيم وكأن له ثلاث بنات مثل الدرر السافرة والرياض الزاهرة وولد ذكر كأنه القمر فبينما الملك جالس على كرسي مملكته يوماً من الأيام إذ دخل عليه ثلاثة من الحكماء مع أحدهم طاووس من ذهب ومع الثاني بوق من نحاس ومع الثالث فرس من عاج وآبنوس فقال لهم الملك: ما هذه الأشياء وما منافعها؟ فقال صاحب الطاووس: إن منفعة هذا الطاووس أنه كلما مضت ساعة من ليل أو نهار يصفق بأجنحته ويزعق، وقال صاحب البوق: إنه إذا وضع هذا البوق على باب المدينة يكون كالمحافظ عليها، فإذا دخل تلك المدينة عدو يزعق عليه هذا البوق فيعرف ويمسك باليد، وقال صاحب الفرس: يا مولاي إن منفعة هذا الفرس أنه إذا ركبها إنسان توصله إلى أي بلاد أراد.الحكيم الثالث
فقال الملك: لا أنعم عليكم حتى أجرب منافع هذه الصور، ثم إنه جرب الطاووس فوجده كما قال صاحبه، وجرب البوق فوجده كما قال صاحبه، فقال الملك للحكيمين: تمنيا علي فقالا: نتمنى عليك أن تزوج كل واحد منا بنتاً من بناتك، ثم تقدم الحكيم الثالث صاحب الفرس وقبل الأرض بين يدي الملك، وقال له: يا ملك الزمان أنعم علي كما أنعمت على أصحابي، فقال له الملك: حتى أجرب ما أتيت به فعند ذلك تقدم ابن الملك، وقال: يا والدي أنا أركب هذه الفرس وأجربها وأختبر منفعتها، فقال الملك: يا ولدي جربها كما تحب، فقام ابن الملك وركب الفرس وحرك رجليه فلم تتحرك من مكانها، فقال: يا حكيم أين الذي ادعيته من سيرها؟ فعند ذلك جاء الحكيم إلى ابن الملك وأراه لولب الصعود. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.التحليق في الفضاء
وفي الليلة الثالثة والعشرين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الحكيم عرف ابن الملك لولب الصعود وقال له: افرك هذا اللولب ففركه ابن الملك وإذا بالفرس قد تحرك وطار بابن الملك إلى عنان السماء ولم يزل طائراً حتى غاب عن الأعين فعند ذلك، حار ابن الملك في أمره وندم على ركوبه الفرس، ثم قال: إن الحكيم قد عمل حيلة على هلاكي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم إنه جعل يتأمل في جميع أعضاء الفرس. فبينما هو يتأمل وقع نظره على شيء مثل رأس الديك على كتف الفرس الأيمن، وكذلك الأيسر فقال ابن الملك: ما أرى فيه أثراً غير هذين الزرين ففرك الزر الذي على الكتف الأيمن، فازدادت به الفرس طيراً طالعة إلى الجو. فتركه ثم نظر إلى الكتف الأيسر فرأى ذلك الزر ففركه فتناقصت حركات الفرس من الصعود إلى الهبوط ولم تزل هابطة به إلى الأرض قليلاً قليلاً وهو محترس على نفسه.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.منافع الفرس
وفي الليلة الرابعة والعشرين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن ابن الملك لما فرك الزر الأيسر تناقصت حركات الفرس من الصعود إلى الهبوط ولم تزل هابطة إلى الأرض قليلاً قليلاً، وهو محترس على نفسه، فلما نظر ابن الملك ذلك وعرف منافع الفرس امتلأ قلبه فرحاً وسروراً وشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه حيث أنقذه من الهلاك ولم يزل هابطاً طول نهاره لأنه كان حال صعوده بعدت عنه الأرض وجعل يدير وجه الفرس كما يريد وهي هابطة به، وإذا شاء نزل بها، وإذا شاء طلع بها. فلما أتم له من الفرس ما يريد أقبل بها إلى جهة الأرض وصار ينظر إلى ما فيها من البلاد والمدن التي لا يعرفها لأنه لم يرها طول عمره، وكان من جملة ما رآه مدينة مبنية بأحسن البنيان وهي في وسط الأرض خضراء ناضرة ذات أشجار وأنهار فتفكر في نفسه، وقال: يا ليت شعري ما اسم هذه المدينة، وفي أي الأقاليم هي؟ ثم جعل يطوف حول تلك المدينة ويتأملها يميناً وشمالاً، وكان النهار قد ولى ودنت الشمس للمغيب، فقال في نفسه: إني لا أجد موضعاً للمبيت أحسن من هذه المدينة، فأنا أبيت فيها الليلة، وعند الصباح أتوجه إلى أهلي ومحل ملكي وأعلم أهلي ووالدي بما جرى لي، وأخبره بما نظرت عيناي، وصار يفتش على موضع يأمن فيه على نفسه ولا يراه أحد.قصر شاهق في الهواء
تابعت شهرزاد فبينما هو كذلك، وإذا به قد نظر في وسط المدينة قصراً شاهقاً في الهواء، وقد أحاط بذلك القصر سور متسع بشرفات عاليات فقال ابن الملك في نفسه: إن الموضع مليح وجعل يحرك الزر الذي يهبط به الفرس ولم يزل هابطاً به حتى نزل مستوياً على سطح القصر ثم نزل من فوق الفرس، وحمد الله تعالى وجعل يدور الفرس ويتأملها، ويقول: والله إن الذي عملك بهذه الصفة لحكيم ماهر، فإن مد الله تعالى في أجلي وردني إلى بلادي وأهلي سالماً، وجمع بيني وبين والدي لأحسنن إلى هذا الحكيم كل الإحسان ولأنعمن عليه غاية الإنعام، ثم جلس فوق سطح القصر حتى علم أن الناس قد ناموا وقد أضر به الجوع والعطش لأنه منذ فارق والده لم يأكل طعاماً.فقال في نفسه: إن مثل هذا القصر لا يخلو من الرزق فترك الفرس في مكان ونزل يتمشى لينظر شيئا يأكله فوجد سلماً، فنزل منه إلى أسفل، فوجد ساحة مفروشة بالرخام، فتعجب من ذلك المكان ومن حسن بنيانه، لكنه لم يجد في ذلك القصر حس حسيس، ولا أنس فوقف متحيراً وصار ينظر يميناً وشمالاً، وهو لا يعرف أين يتجه، ثم قال في نفسه: ليس لي أحسن من أرجع إلى المكان الذي فيه فرسي وأبيت عنده، فإذا أصبح الصباح ركبتها وسرت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.وفي الليلة الخامسة والعشرين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن ابن الملك قال في نفسه: ليس لي أحسن من البيات عند فرسي، فإذا أصبح الصباح ركبتها وسرت، فبينما هو واقف يحدث نفسه بهذا، إذ نظر إلى نور مقبل إلى ذلك المحل الذي هو فيه، فتأمل ذلك النور فوجده مع جماعة من الجواري، وبينهن صبية ألفية بهية تحاكي البدر الزاهر، كما قال الشاعر:جاءت بلا موعد في ظلمة الغـسـق كأنها البدر فـي داج مـن الأفـقهيفاء ما في البرايا من يشـابـهـهـا في بهجة الحسن أو في رونق الخلقناديت لما رأت عيني محـاسـنـهـا سبحان من خلق الإنسان من علـقأعيذها من عيون النـاس كـلـهـم بقول أعوذ برب الناس والـفـلـقوكانت تلك الصبية بنت ملك هذه المدينة وكان أبوها يحبها حباً شديداً ومن محبته إياها بنى لها هذا القصر فكانت كلما ضاق صدرها تجيء إليه وجواريها تقيم فيه يوماً أو يومين أو أكثر ثم تعود إلى سرايتها فاتفق أنها قد أتت الليلة من أجل الفرجة والانشراح وصارت ماشية بين الجواري ومعها خادم مقلد بسيف فلما دخلن ذلك القصر فرشن الفرش وأطلقن مجامر البخور ولعبن وانشرحن، فبينما هن في لعب وانشراح، إذ هجم ابن الملك على ذلك الخادم ولطمه لطمة فبطحه وأخذ السيف من يده وهجم على الجواري اللاتي مع ابنة الملك فشتتهن يميناً وشمالاً.فلما نظرت ابنة الملك حسنه وجماله، قالت: لعلك أنت الذي خطبتني من والدي بالأمس، وردّك وزعم أنك قبيح المنظر، والله لقد كذب أبي، كيف قال ذلك الكلام فما أنت إلا مليح؟! وكان ابن ملك الهند قد خطبها من أبيها فرده لأنه بشع المنظر، فظنت أنه هو الذي خطبها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.وإلى اللقاء في حلقة الغد
عبد الله يعود إلى قصره ويتزوج ابنة ملك الأحجار
فرس أبنوسي يلقي بابن الملك أمام مدينة صنعاء
ناصر ومنصور يطمحان إلى منصبين في الكوفة والبصرة
البوق يزعق عندما يدخل المدينة عدو يريد الشر لأهلها
شيخ القافلة يعالج عبدالله ويعتني به
فرس أبنوسي يلقي بابن الملك أمام مدينة صنعاء
ناصر ومنصور يطمحان إلى منصبين في الكوفة والبصرة
البوق يزعق عندما يدخل المدينة عدو يريد الشر لأهلها
شيخ القافلة يعالج عبدالله ويعتني به