اقتراح برفع الحظر عن مصايد الروبيان

نشر في 03-05-2020
آخر تحديث 03-05-2020 | 00:07
ما تمر به الكويت في هذه الظروف الصعبة يتطلب الحرص على الأمن الغذائي، وقد يكون من المناسب في هذا الظرف إعادة النظر في بعض القرارات التي تم اتخاذها بخصوص منع صيد الروبيان في المياه الإقليمية الكويتية التي لم تتضح جدواها، ونقترح رفع الحظر عن صيد الروبيان في المياه الكويتية في أقرب فرصة.
 د. سليمان المطر تعد الثروة السمكية أحد أهم عناصر الأمن الغذائي في دولة الكويت، لذا اهتمت الدولة في تنميتها والمحافظة عليها، ويقوم عدد من الجهات الرسمية بالتعاون في وضع السياسات المتعلقة بتنظيم الصيد، وهي الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية والهيئة العامة للبيئة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية. ولا تخفى أهمية نشاط الصيد كمصدر رزق للمواطنين والذي شهد تطوراً ملحوظا،

حيث بدأ نشاط صيد الروبيان التجاري في المياه الإقليمية الكويتية منذ أوائل الستينيات من القرن الماضي باستخدام التقنيات الحديثة مثل استخدام شباك الجر الخلفي (الكراف) في كل من المراكب الحديدية المملوكة لشركات الصيد والسفن الخشبية المملوكة للأفراد، واتسم المصيد خلال السنوات العشر الأولى من بدء النشاط بغزارته ووفرته، ولكن بسبب غياب الإدارة العلمية السليمة بدأ النشاط يواجه مشاكل في انخفاض مستمر لمصايد الروبيان من موسم إلى آخر، حتى وصل المصيد إلى مستويات متدنية أدى إلى تدهور المخزون متسبباً في خسارة كبيرة للشركات والأفراد خلال أوائل السبعينيات.

قام معهد الكويت للأبحاث العلمية بالتعاون مع الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بالدراسات التي من شأنها تقدير كميات مخزون الروبيان في المياه الكويتية وتحديد موسم تكاثره وحساب معدل نمو صغاره على مدى سنوات طويلة بدأت عام 1978، وعلى ضوء تلك الدراسات تم وضع الضوابط والقوانين لإدارة مخزون الروبيان من مثل منع الكراف في جون الكويت، كونه منطقة حضانة لصغار الروبيان، وإغلاق موسم صيده في بعض أشهر السنة وتحديد أعداد السفن التي يحق لها صيده دون أن تؤثر في ديمومة المخزون، علما أن الضوابط تتغير بناء على نتائج الدراسات السنوية فبداية موسم صيد الروبيان وطول موسم الصيد قد يتغير من سنة إلى أخرى بناء على النتائج أو المستخلصات البحثية. وتشير البيانات خلال السنوات الثلاثين الماضية أن مصيد الروبيان يتذبذب ما بين 1420 إلى 2348 طنا سنويا وبمتوسط قدره 1750 طنا تقريبا، كما وصلت ذروة المصيد في موسم 1989 إلى 5000 طن، وذلك قبل الغزو العراقي بسنة تقريبا، وإن متوسط كميات مصيد الروبيان التي تعادل نحو 36 في المئة من مجموع كميات المصايد (أسماك روبيان) ونحو 35 في المئة من قيمة مجموع المصايد لم تتأثر خلال هذه السنوات بفضل الإدارة السليمة للمخزون المبنية على البيانات والتحاليل العلمية بالرغم من بعض القصور في دعم الدراسات والتراخي في تطبيق بعض التوصيات التي من شأنها المحافظة على الثروة السمكية بصورة أفضل.

قامت الجهات الرسمية منذ سنتين بإغلاق نشاط صيد الروبيان في المياه الكويتية والسماح للسفن بالصيد في المياه الدولية فقط، الأمر الذي أدى إلى حرمان صيد ما لا يقل عن 1750 طنا من الروبيان العالي الجودة، حيث إن عمر الروبيان لا يزيد على سنة ونصف السنة، وإذا لم يتم اصطياد الكميات المقدرة علميا خلال فترة حياتها فإنها تموت طبيعيا أو تفترسها كائنات بحرية أخرى.

الحجة في منع صيد الروبيان في المياه الكويتية تعود إلى أن نشاط صيده بواسطة الكراف يؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة من الأسماك الصغيرة، وبالتالي يؤدي إلى دمار البيئة البحرية، والرد على هذه الحجة يتكون من عدة نقاط نلخصها بالآتي:

أولاً، إن استدامة مصيد الروبيان بمتوسط قدره 1750 طنا سنويا على مدار الثلاثين سنة الماضية، لهو مؤشر على سلامة الإجراءات الموضوعة لحماية مخزون الروبيان بالرغم من الحاجة إلى تطبيق بعض الإجراءات الحديثة في إدارة المخزون.

ثانيا، صحيح أن الكراف، وهي الوسيلة الفعّالة لصيد الروبيان في العالم، تصطاد العديد من الأسماك الصغيرة (اسمه مصيد جانبي) والتي كان جزء كبير منها يرمى ميتا في البحر في الماضي، أما حاليا فقد بدأ المستهلك يقبل عليها ولا يرمى في البحر إلا نسبة ضئيلة، هذا مع العلم أن هناك معدات تم دراسة فعاليتها في التقليل من المصيد الجانبي للأسماك الصغيرة والكائنات غير المرغوبة إذا تم تركيبها ضمن شباك الجر.

ثالثا، إن الانخفاض الحاد في كميات مصيد الأسماك الاقتصادية المرغوبة مثل الزبيدي والهامور والصبور ليس له علاقة مباشرة بنشاط صيد الروبيان، ولكن من جراء عوامل بيئية ونشاط الصيد الجائر بوسائل أخرى من مثل شباك الليخ والقرقور، وهنا نود أن نشير الى أنه من الأجدر لو أن إجراءات منع صيد الروبيان في المياه الكويتية واكبها في الوقت نفسه دعم للدراسات العلمية التي من شأنها أولاً معرفة مدى مفعول إجراءات منع الصيد على المخزون مع تحديد نسبة انتعاشه، وثانيا وضع التوصيات الخاصة بآلية فتح موسم الصيد من جديد، والضوابط التي من شأنها المحافظة على كميات المصيد دون الإخلال بتركيبة مخزون الروبيان في المستقبل.

إن ما تمر به الكويت في هذه الظروف الصعبة يتطلب الحرص على الأمن الغذائي، وقد يكون من المناسب في هذا الظرف إعادة النظر في بعض القرارات التي تم اتخاذها بخصوص منع صيد الروبيان في المياه الإقليمية الكويتية التي لم تتضح جدواها، ونقترح رفع الحظر عن صيد الروبيان في المياه الكويتية في أقرب فرصة، مع أهمية أن يسبق رفع الحظر دراسة مدتها 15 يوما على الأقل لمسح مواقع الصيد باستخدام سفن الأبحاث بهدف تقييم قوة مخزون الروبيان بعد سنتين من منع الصيد، واستنتاج كميات المصيد التي يمكن حصادها خلال الموسم مع تحديد عدد السفن اللازمة وعدد أيام الصيد.

* مستشار برنامج الزراعة المائية بمعهد الكويت للأبحاث العلمية

مصيد الروبيان يتذبذب بين 1420 و2348 طناً سنوياً وبمتوسط قدره 1750 طناً تقريباً
back to top