وسط تأكيد تراجع تفشي فيروس كورونا المستجدّ في أوروبا والولايات المتحدة، يتواصل رفع إجراءات العزل عن سكان العديد من دول العالم بسرعات متفاوتة، في حين استعاد سكان إسبانيا السبت فرح ممارسة الرياضة والتنزه.

في مدريد، قرب حديقة ريتيرو الكبيرة التي لا تزال مغلقة، خرج الكثير من السكان لممارسة رياضة الجري أحياناً في مجموعات، وفق ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس، وقال شرطي بلدية عبر مكبّر صوت «أرجو منكم الركض على الأرصفة»، لمنع السكان من الركض في شارع برادة الذي يبدو شبه مهجور.

Ad

يعيش ماركوس أبيتوا المستشار المالي البالغ 42 عاماً في حيّ شويكا الذي تكون أجواؤه احتفالية عادةً، وروى أنه استيقظ استثنائياً عند الساعة السابعة صباحاً وقال «بعد أسابيع من العزل، كنت أرغب كثيراً في الخروج والركض ورؤية العالم، أمس (الجمعة) كنت كطفل عشية عيد الميلاد».

لكن يُفترض احترام فترات زمنية محددة بهدف تجنّب الاكتظاظ في الشوارع وكذلك الحفاظ على مسافة آمنة مع الأطفال والمسنّين الذين لن يتمكنوا من الخروج أثناء الفترات الزمنية نفسها مع سائر الأشخاص.

وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز السبت أنّ وضع القناع سيصبح «واجباً» في وسائل النقل العام بدءاً من الاثنين، مؤكداً أن الحكومة ستوزّع ستة ملايين قناع في أرجاء البلاد كافة وستعطي سبعة ملايين قناع إلى البلديات والمحافظات لتوزعها من جانبها.

وينبغي تخفيف اجراءات العزل الصارمة التي فُرضت منذ منتصف مارس على حوالي 47 مليون إسباني، على مراحل من الآن وحتى نهاية يونيو، وذلك على غرار دول أوروبية أخرى تطبق فيها الحكومات بالتزامن مع تراجع تفشي الوباء، رفع العزل بشكل تدريجي وحذِر لتجنب موجة إصابات جديدة.

أوروبا

وبدأ رفع العزل أيضاً في ألمانيا والنمسا والدول الاسكندينافية التي لا تزال تفرض قيوداً وتباعداً اجتماعياً.

وتستعدّ فرنسا وإيطاليا إلى بداية رفع العزل في غضون أيام.

في بريطانيا، بلغ الوباء ذروته وفق قول رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي وعد بالكشف عن خطة رفع العزل الأسبوع المقبل.

في فرنسا، قررت الحكومة تمديد حالة الطوارئ الصحية لشهرين حتى 24 يوليو، وفق ما أعلن وزير الصحة أوليفييه فيران.

وأودى الوباء بحياة قرابة 238 ألف شخص في العالم منذ ظهوره في ديسمبر في الصين، وفق تعداد أعدّته وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية ويُعتبر أقلّ بكثير من الأعداد الفعلية.

وسُجلت رسمياً أكثر من 3,3 مليون إصابة في 195 دولة ومنطقة، بينها 1,5 مليون فقط في أوروبا.

والدول الأكثر تضرراً من حيث عدد الوفيات هي الولايات المتّحدة مع أكثر من 65 ألف وفاة وإيطاليا مع 28236 وفاة، تليها بريطانيا مع 27510 وفيات وإسبانيا مع 25100 وفاة وفرنسا مع 24594 وفاة.

روسيا (1222 وفاة) هي الدولة التي تسجّل حالياً أكبر عدد من الإصابات الجديدة يومياً، وأعلن رئيس بلدية العاصمة الروسية أنه بالاستناد إلى نتائج الفحوص، حوالى 2% من سكان موسكو -- أي أكثر من 250 ألف شخص - مصابون بكوفيد-19.

أمريكا

في الولايات المتحدة، وبرغم من أنّ أعداد الضحايا ما زالت مرتفعة، تتقدم الولايات الفدرالية على طريق رفع إجراءات الحجر، وسمحت وكالة الغذاء والدواء، السلطة الأميركية لضبط أسواق الأدوية، بشكل عاجل باستخدام العقار التجريبي «رمديسيفير» الذي يمكن على حد قولها أن يساعد في شفاء المرضى.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنفسه الجمعة إجازة استخدام العقار الذي يُفترض أن يسمح للمصابين بـ «كوفيد-19» التعافي بشكل أسرع من دون التمكن من تخفيض أعداد الوفيات.

وفي الولايات المتحدة الدولة التي سجل فيها أكبر عدد من الوفيات بلغ حوالي 65 ألفاً، ارتفع عدد طالبي إعانات البطالة إلى أكثر من ثلاثين مليوناً منذ منتصف مارس، وهو رقم تاريخي.

ولإنعاش الاقتصاد، بدأت أكثر من 35 من الولايات الأميركية الخمسين رفع إجراءات العزل الصارمة التي فرضتها، أو باتت على وشك القيام بذلك، بينما تتضاعف التظاهرات «لإعادة فتح أميركا» في جميع أنحاء البلاد.

أعادت تكساس الجمعة فتح المحال التجارية والمطاعم والمكتبات شرط ألا تعمل بأكثر من 25 بالمئة من طاقتها، وكانت هذه الولاية الكبيرة في الجنوب الأميركي سجلت قبل يوم أكبر حصيلة للوفيات تجاوزت الخمسين في يوم واحد. وبلغ مجموع الوفيات فيها 800.

وفي أحد مطاعم مدينة هيوستن حيث يرتدي العاملون أقنعة واقية وقفازات، قال جاك سويد إنه «سعيد لأنه سيتمكن من دعم المتاجر المحلية».

وفي الوقت نفسه، ما زالت الولايات المتحدة تسجل حوالي ألفي وفاة في المعدل يومياً (1883 الجمعة)، وهي عتبة لم تتغير منتصف أبريل.

وتظاهر آلاف الأشخاص في كاليفورنيا الجمعة رافعين الأعلام الأميركية للمطالبة برفع الحجر المطبق منذ ستة أسابيع في ولايتهم.

وبالقرب من شواطئ هانتيغتن بيتش التي أغلقت في نهاية الأسبوع الماضي بأمر من حاكم الولاية غافين نيوسوم، ردد المحتجون هتافات من بينها «افتحوا كاليفورنيا!»، كما رفعوا لافتات كتب عليها «كل الوظائف أساسية» و«الحرية أساسية».

وجرت تظاهرات مماثلة في مدن لوس أنجليس ونيويورك وشيكاغو.

ففي نيويورك تظاهر آلاف من المستأجرين الذين يخشون خسارة مساكنهم بعدما فقدوا وظائفهم ويقومون بـ «إضراب للمستأجرين»، في الشارع الجمعة.

الصن

بدأ الصينيون الذين توقفوا عملياً عن الإعلان عن مزيد من الإصابات، عطلهم الحقيقية الجمعة، وهي الأولى منذ بداية الأزمة.

فقد أعيد فتح المدينة المحرمة، وقالت زائرة شابة معبرة عن سرورها للسماح لها بدخول الموقع «هذا أمر رائع ويمكننا الاستمتاع بالزيارة».

وبعدما اتهمتها واشنطن بمحاباة الصين في بداية الأزمة، طلبت منظمة الصحة العالمية من بكين إشراكها في التحقيقات حول منشأ الوباء. وتقول المنظمة إنها تريد معرفة «المضيف الطبيعي» لهذا الفيروس وطريقة «انتقاله من الحيوان إلى الإنسان».

وفي البرازيل حيث يدافع الرئيس جاير بولسونارو بشراسة عن استئناف النشاط الاقتصادي، يبدو أن القادم أسوأ، في حين أن البلاد تخشى أن تصبح البؤرة الأساسية للوباء في العالم.

وبحسب تقديرات مجموعة «كوفيد-19 البرازيل»، هناك أكثر من 1,3 مليون إصابة في البلاد الخميس.

وهو عدد أكبر بـ16 مرة من العدد الرسمي المعلن في اليوم نفسه (85646 إصابة) في هذا البلد الذي يعدّ 210 ملايين نسمة وحيث لا تقوم السلطات بفحوص للمواطنين علماً أن وضعهم هشّ، وخصوصاً السكان الأصليين أو الذين يقطنون في الأحياء الفقيرة (فافيلا)، بالإضافة إلى الالتزام الضعيف باجراءات العزل.

وتثير تصريحات الرئيس اليميني القومي جدلاً ولا سيما بعد رده على سؤال طرح عليه الثلاثاء، فقد سئل عن موقفه من تجاوز عدد الوفيات في البرازيل عتبة الخمسة آلاف، ورد: «وإن يكن؟».

ومنذ تصريحه هذا ارتفع عدد الوفيات إلى أكثر من 6300.