بلاشك ترك فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» العديد من التداعيات السلبية على جميع القطاعات الاقتصادية والجهات الحكومية وحتى الأفراد، فمنذ انتشار هذا المرض اتخذت الحكومة عدداً من الخطوات الاحترازية، بهدف الحد والسيطرة على هذا المرض، ومنها تعطيل الأعمال، مما ترتب عليه تعطيل أعمال الشركات والأفراد المرتبطة بالحكومة.

ومنذ بداية شهر مارس الماضي، حين قررت الحكومة تعطيل أعمالها، تم تأجيل عدد كبير من المزادات العقارية التي تقيمها وزارة العدل، التي يكون الهدف من إقامتها تنفيذ الأحكام القضائية وبيع العين لفك النزاعات سواء بين الأفراد أو بين الشركات والمؤسسات.

Ad

وكان مفترضاً إقامة أكثر من 21 مزاداً عقارياً منذ بداية شهر مارس الماضي، وحتى يومنا هذا، يتم من خلالها طرح العديد من العقارات في مختلف القطاعات سواء السكنية أو الاستثمارية أو التجارية، وغيرها من القطاعات الأخرى.

وبلغت القيمة الابتدائية للعقارات المعروضة في مزادات وزارة العدل والتي تأجلت بسبب تعطيل الحكومة أعمالها، ما قيمته 68.4 مليون دينار، منها 35.4 مليوناً عقارات سكنية و33 مليوناً موزعة على عقارات تجارية أو استثمارية أو أراضٍ.

وتوقع بعض المتخصصين في القطاع العقاري أن تشهد تلك المزادات إقبالاً كبيراً من المواطنين أو المستثمرين، فالأسعار الأولية للعقارات تعتبر مناسبة وبعضها مغرٍ، متوقعين ارتفاعها بما لا يقل عن 10 في المئة في حال إقامة المزادات.

وكانت وزارة العدل أقامت أكثر من 12 مزاداً عقارياً منذ بداية العام الجاري، وحتى تعطل أعمال الحكومة، تم خلالها بيع العديد من العقارات، إذ تجاوزت قيمة العقارات المبيعة 25 مليون دينار.

وتختلف المزادات التجارية عن التي تقيمها العدل، فالهدف من إقامة الأولى هو تحقيق الربح، أما الثانية، فيكون الهدف تنفيذ الأحكام الصادرة بحق تلك العقارات وبيعها في المزادات العلنية.

مزادات 2019

شهدت التداولات العقارية في المزادات التجارية ومزادات العدل انخفاضاً نسبته 51 في المئة خلال عام 2019، إذ بلغت ما قيمته 98 مليون دينار، مقارنة بعام 2018، الذي بلغت به التداولات ما قيمته 200 مليون دينار.

واستحوذت التداولات العقارية التي تمت من خلال المزادات العام الماضي على ما نسبته 2.8 في المئة من إجمالي تداولات القطاع العقاري عموماً والبالغة 3.416 مليارات دينار، مقارنة باستحواذ تلك التداولات على ما نسبته 5.5 في المئة من إجمالي تداولات القطاع العقاري في 2018 والبالغة 3.6 مليارات دينار.

وتعود أسباب هذا الانخفاض الكبير إلى عدة عوامل، أبرزها أن عام 2018 شهد بيع العديد من العقارات في مزادات وزارة العدل، تنفيذاً لأحكام قضائية، إذ تم بيع عقارات بمبالغ كبيرة ساهمت آنذاك برفع تداولات المزادات.

ومن الأسباب أيضاً أنه تم خلال 2019 تأجّل العديد من المزادات سواء التجارية أو التي تقام عن طريق وزارة العدل، لانتظار الوقت المناسب أو لأسباب قانونية.

ويفضل عادة المستثمرون والمواطنون الدخول في المزادات التجارية عن المزادات التي تقيمها وزارة العدل، فالأولى تخلوا من المشاكل والمطالبات والرهونات المالية، إضافة إلى أن هناك شروطاً وجزاءات تضمن تحويل العقار خلال فترة زمنية محددة، أما مزادات العدل، فهي تدخل إجراءات قضائية وتسويات للعقار نفسه.

وكان هناك عزوف واضح من المستثمرين والمواطنين على العقارات والأراضي المعروضة في مزادات العدل، لأسباب تتعلق بوجود عوائق فنية قد تحول دون نقلها أو تحويلها الى المشتري، إضافة إلى طول إجراءات الشراء من المحكمة، لاسيما حال تقدم الطرف المدين باستئناف عقب حكم أول درجة.

إضافة إلى أن هناك عقارات لا يتم تحويلها إلا في حال الانتهاء من دعاوى الاستئناف المقدمة من الأطراف المدينة، مما يعرض أموال المستثمر أو المشتري للتجميد وصعوبة الاسترداد إلا عقب الانتهاء من المحاكم.

أسعار العقارات

ويتم عرض العقارات بأسعار متوافقة مع الأسعار السوقية، إذ تقوم الشركات بتعيين متخصصين يقيّمون العقارات ويضعون الأسعار الابتدائية التي تتوافق مع أوضاع السوق.

وعادة ما تأتي الأسعار الابتدائية للعقارات المطروحة في مزادات وزارة العدل أقل أو أكثر من السوق، ولا تأتي متوافقة كالتالي يتم عرضها من قبل المزادات التجارية، نظراً إلى طول إجراءات التقاضي، إذ يتم تقييم العقارات في فترة معينة، وعرضها في المزادات بعد تقييمها بفترة قد تصل إلى عام كامل.

وهذا من الأسباب الذي يجعل هناك إقبالاً على مزادات وزارة العدل، فمع استمرار ارتفاع أسعار العقارات، تأتي العقارات المعروضة بأسعار أقل، ومع المزايدات من المواطنين والمستثمرين تصل العقارات إلى قيمة مناسبة قد لا تكون متوفرة في السوق.

أما الشركات التجارية فتعمل على دراسة السوق وقراءته قبل إقامة المزاد بفترة بسيطة، والنظر إلى كمية العرض والطلب في السوق، كما أن للأوضاع الجيوسياسية دوراً مهماً في تحديد موعد إقامة المزاد، وأيضاً الأوضاع الاقتصادية لها دور رئيسي في عملية إنجاح المزاد من عدمه.

وخلال الأعوام الأخيرة، شهد قطاع المزادات العقارية نمواً كبيراً، إذ كان يقام ما لا يقل عن 13 مزاداً تجارياً في السنة الواحدة، وأكثر من 30 مزاداً في وزارة العدل، وتُظهر أرقام الإحصائية أن القطاع الخاص والهيئات الحكومية قاما ببيع العديد من اراضي السكن الخاص، وتصريفها من خلال المزادات، وتركزت تلك الأراضي في جنوب البلاد، وتعود ملكيتها إلى مؤسسات خاصة بالشراكة مع هيئات حكومية.

الأزمة الإسكانية

كان للأزمة الإسكانية دور رئيسي في زيادة إقبال المواطنين على الأراضي المعروضة في المزادات، خصوصاً في ظل بطء التوزيعات الحكومية للأراضي، كما أن ارتفاع القيم الإيجارية جعل المواطنين يفضلون شراء الأراضي وتطويرها.

وعلى الرغم من ضخامة المبالغ التي يتم تداولها في هذا القطاع، فإنه يعاني الفوضى وعدم التنظيم، وتختلف شروط المزادات من شركة لأخرى، إذ تشترط إحدى الشركات التي تعمل في مجال تنظيم المزادات العقارية على الراغبين في الدخول أن يتم اختيار أرض أو عقار بعينه، بدفع جزء من قيمته الابتدائية، ولا يسمح له بالمزايدة على أي عقار آخر، في حين تسمح شركات للمشاركين، بالمزايدة على كل العقارات المعروضة في المزاد، بشرط أن يتم تقديم شيكاً مصدقاً بمبلغ محدد.

وكانت هناك جهات عديدة تقدمت إلى وزارة التجارة بشكاوى ضد عدد من الشركات المنظمة للمزادات العقارية، وقدمت الدراسات التنظيمية لهذا القطاع، وخصوصاً فيما يتعلق بموضوع عمولة الشركة المنظمة.

من جانب آخر، رأى عدد من العقاريين أن على وزارة العدل إنهاء كل القضايا المتعلقة بالعقارات والأراضي قبل طرحها للمزايدة، لئلا يدخل المشترون في قضايا وإجراءات معقدة.

وتشترط وزارة العدل للمشاركة في المزاد سداد خمس ثمن العقار على الأقل بموجب شيك مصدق أو بموجب خطاب بنكي لمصلحة إدارة التنفيذ بوزارة العدل، ويجب على من يعتمد القاضي عطاءه أن يودع حال انعقاد جلسة البيع كامل الثمن الذي اعتمد، إضافة إلى المصروفات ورسوم التسجيل.