المخاطر مستمرة في أفغانستان رغم تراجع عدد الضحايا المدنيين
خلال الربع الأول من عام 2020، تراجعت أعداد الضحايا المدنيين في أفغانستان بنسبة 29% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2019، وفق تقرير "بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان".لكن رغم هذا التراجع الكبير، قُتِل 533 مدنياً، منهم 152 طفلاً، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2020، وسُجّلت هذه الأعداد، فضلاً عن 760 إصابة، حين كانت الآمال بتحقيق السلام مرتفعة نتيجة تجدد المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان"، ثم الاتفاق المهم الذي عقده الطرفان في 29 فبراير.تُكرر "بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان"، في تقريرها عن الربع الأول من السنة، دعوة أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى وقف إطلاق النار حول العالم، كي تتمكن الحكومات والمجتمعات العالمية من التركيز على محاربة فيروس "كوفيد-19".
يشمل التقرير جدولاً زمنياً للإصابات وينقسم بحسب الأطراف المسؤولة عن العمليات (حركة "طالبان"، "الدولة الإسلامية في محافظة خراسان"، قوى الأمن الأفغانية، القوات الدولية)، ويشدد التقرير المُصمّم بهذا الشكل على استمرار واحد من أخطر الصراعات في العالم وتواصل المخاطر التي يتعرض لها المدنيون رغم تراجع معدل الضحايا (قد يركّز الكثيرون على هذا التراجع ويتجاهلون المعطيات الأخرى!).انخفضت أعداد الضحايا في أواخر شهر فبراير، في حين بلغت المفاوضات بين واشنطن و"طالبان" ذروتها، لكن شهد شهر مارس زيادة بارزة في الإصابات بسبب عمليات "طالبان" و"الدولة الإسلامية في محافظة خراسان" والقوات الأفغانية الحكومية. يذكر التقرير: "تشعر بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان بقلق شديد من تسارع أعمال العنف في مارس، لا سيما من جانب "طالبان" ضد قوى الأمن الوطنية الأفغانية والزيادة اللاحقة في أعداد الضحايا المدنيين والأضرار المترتبة عن تلك العمليات، واتّضحت هذه النزعة المقلقة لأنها تَلَت الأسبوع الذي شهد تراجعاً في مستوى العنف (بين 22 و28 فبراير) بين القوى الموالية للحكومة و"طالبان"، ثم عقد الاتفاق بين الولايات المتحدة و"طالبان" في 29 فبراير".يبقى انحسار العنف ممكناً وقد انحسر فعلاً خلال مرحلة معينة، لكن يبدو أن هذه الجهود كانت مجرّد استراحة موقّتة، حيث ارتفعت أعداد الضحايا المدنيين مجدداً في حين تخبطت "طالبان" والحكومة الأفغانية (لم تكن جزءاً من الاتفاق في 29 فبراير) في مفاوضاتهما الخاصة. رفض المتحدث باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، تقرير الأمم المتحدة باعتباره محاولة "لتغطية الجرائم اليومية التي ترتكبها القوات الأميركية والأفغانية ضد المدنيين"، حيث يقول: "يعرف الأفغان أن سقوط معظم الضحايا المدنيين ينجم عن تفجيرات عشوائية واعتداءات صاروخية على البلدات والقرى، فضلاً عن مداهمة منازل المدنيين". في عطلة نهاية الأسبوع، دعا زلماي خليل زاد، مبعوث السلام الأميركي إلى أفغانستان، القادة الأفغان (أي الرئيس أشرف غني وخصمه عبدالله عبدالله اللذين تجادلا حول نتائج الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2019) وحركة "طالبان" إلى وضع خلافاتهم جانباً لمواجهة وباء "كوفيد-19" وبدء شهر رمضان الكريم.كتب خليل زاد في تغريدة له: "تتوقف سلامة الشعب الأفغاني والبلد كله على جميع الفرقاء المستعدين لبذل الجهود اللازمة لمحاربة "كوفيد-19"، العدو المشترك لجميع الناس"، كما اعتبر شهر رمضان فرصة كي يضع غني وعبدالله "مصلحة البلد فوق مصالحهما الخاصة" وكي تفرض "طالبان" قراراً إنسانياً "بوقف إطلاق النار لتقليص مظاهر العنف وتعليق العمليات العسكرية الهجومية حتى انتهاء الأزمة الصحية". اعتباراً من 27 أبريل، سجّلت أفغانستان 1703 إصابات مؤكدة من "كوفيد-19" المشتق من فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في أواخر 2019 في مدينة "ووهان" الصينية، حتى اليوم، نُسِبت 57 حالة وفاة في أفغانستان إلى هذا الوباء، ويحذر الخبراء من ارتفاع الأرقام الحقيقية بما يفوق الحالات الرسمية المعلن عنها نظراً إلى ضعف قطاع الرعاية الصحية في أفغانستان. دعت ديبورا ليونز، الممثلة الخاصة للأمين العام في أفغانستان ورئيسة "بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان"، جميع الأطراف في الصراع الأفغاني إلى "تركيز الجهود الجماعية على محاربة العدو المشترك المتمثل بوباء كوفيد-19". تضيف ليونز: "للحفاظ على حياة عدد هائل من المدنيين في أفغانستان ولتعزيز آمال البلد بمستقبل أفضل، من الضروري أن يتوقف العنف عبر فرض وقف إطلاق النار وإطلاق مفاوضات السلام".* كاثرين بوتز* «ذا دبلومات»