دعوا القانون في «الحجر» الدستوري
![د. بلال عقل الصنديد](https://www.aljarida.com/uploads/authors/279_1682431680.jpg)
صحيح أن واجب العناية «بالصحة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة» يتربع على قائمة الالتزامات الدستورية للدولة التي تضمن وفقاً لنص المادة 8 من الدستور "دعامات المجتمع" وتكفل له "الأمن والطمأنينة" وترعى سنداً لنص المادة (10) «النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي» وتكفل وفق المادة (11) «المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل، كما توفر لهم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية» وتهتم وفق نص المادة (40) «بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي»، بيد أن هذه الكفة من المسؤوليات الدستورية يجب أن تتوازن مع مثابة دستورية أخرى هي عدم المساس بالحقوق والحريات الأساسية التي يقابلها واجب المواطن باحترام التزاماته الدستورية.هذا التوازن الدستوري الدقيق بين الحقوق والواجبات لا بد أن ينعكس على صياغة وأهداف ومضمون كل التشريعات والقرارات التي تصدر والتدابير التي تتخذ في أوقات الرخاء كما في أزمنة البلاء والوباء، فمهما كانت الدواعي الصحية ضاغطة، ومهما كانت واجبات الدولة بارزة، ومهما كانت المطالبات حاضرة، لا بد لأي تعديل قانوني أن يراعي أحكام المادة (7) من الدستور الكويتي التي تقضي بأن «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع» وأن الاقتصاد الوطني وفق منطوق المادة (20) «أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين»، وأن حرية ممارسة النشاط التجاري والاستثماري يقتضي أن تبقى وفق نص المادة ذاتها «في حدود القانون» الذي ينظم أيضاً وفق المادة (22) من الدستور العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، وعلاقة ملاك العقارات بمستأجريها «على أسس اقتصادية، مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية»، وعليه لا يجوز أن نبالغ بالتجاوز مبدأ «العقد شريعة المتعاقدين» وإلا ستصبح إجراءات التصدي للأزمة فرصة تسمح لأحد المتعاقدين بالتهرب خبثاً من التزاماته التي وقع عليها بمحض إرادته.فحق العمل الذي كفلته المادة (41) من الدستور واعتبرته واجباً على كل مواطن «تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام»، يقابله حقوق أخرى لأرباب العمل ينظمها القانون وترعاها المبادئ الدستورية المستقرة وفي مقدمتها مبدآ «المساواة» و«العدالة الاجتماعية»، اللذان ينطبقان أيضاً على علاقة المستأجر بالمؤجر وعلى علاقة أي متعاقد بالطرف الآخر من العقد.وأخيراً، تبقى المادة (29) من الدستور صادحة في هذا الشأن بإعلانها أن الناس، كويتيين وغير كويتيين، «سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين»، والدولة طبقاً لنص المادة (25) تكفل «تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة» دون المساس بحرية أو التعرض لحق أو الإخلال بتوازن تعاقدي أو الإخلال بالنظام العام.