بدا أن دخول دول عدة مرحلة جديدة من رفع الإغلاق وإنهاء إجراءات العزل، كأنه اختبار واسع لكيفية التعايش مع فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد 19) وفي الوقت نفسه العودة إلى العمل وفق قواعد معقدة، دون التسبب بموجة ثانية من الإصابات.

ومن بين التحديات الكثيرة تبرز إشكالية العودة إلى المدارس التي تؤرق الأهل وتضع مسؤولية ثقيلة على قطاع التربية.

Ad

ومع احتياطات واسعة، بدأت أمس 15 دولة أوروبية، تخفيف إجراءات العزل المفروضة منذ أسابيع على سكانها. واستعادت إيطاليا أول دولة عزلت كامل سكانها، الحياة جزئياً مع نظام حرية مقيّدة وتخضع للمراقبة، لكنها تبقى تحت رحمة عودة محتملة للوباء.

وبات يُسمح للإيطاليين بالتنزه وركوب الدراجة الهوائية وممارسة رياضة الجري كلٌ بمفرده في مسافة أبعد من محيط منازلهم والخروج مع أطفالهم. وعادت الحدائق العامة فتح أبوابها إلا في حالات معيّنة.

وأصبح من الممكن زيارة أقرباء بشرط أن يكونوا يقطنون في المنطقة نفسها ويُسمح بحضور جنازات يشارك فيها 15 شخصاً كحدّ أقصى.

ومن البرتغال وصولاً إلى صربيا خففت عدة دول أيضاً أمس، إجراءات العزل، وتمكنت المقاهي والمطاعم من إعادة فتح أبوابها في سلوفينيا والمجر باستثناء العاصمة بودابست. وفي بولندا، فتحت فنادق ومراكز تجارية ومكتبات وبعض المتاحف أيضاً.

المدارس

في المقابل، تستعد النمسا التي كانت رائدة في إعادة فتح البلاد، لعودة مدرسية جزئية، بينما أعلنت إيطاليا تأجيل العام الدراسي إلى سبتمبر.

ويتخوف بعض الأهل من إعادة أطفالهم إلى المدراس. فقد أقر رئيس الوزراء الكندي الليبرالي جاستن ترودو بأنه لا يعلم ما إذا كان سيرسل أولاده إلى المدرسة في كيبيك حيث يرتقب أن تفتح المدارس في 11 مايو. وقال لإذاعة «راديو كندا»: «سيكون قراراً شخصيا جداً للكثير من الأهالي».

وشددت هيئة الصحة العامة في السويد التي لم تغلق المدارس قبل يومين على أن الفيروس لا ينتشر بواسطة الأطفال رغم أن ذلك يبقى احتمالاً ضئيلاً .

وفي فرنسا، طالبت عمدة باريس آن هيدالغو وأكثر من 300 عمدة آخر في منطقة أول دو فرانس حول العاصمة، الحكومة بإرجاء العودة المقررة لبعض طلبة المدارس في اليوم نفسه.

وتعرضت الحكومة الفرنسية، لانتقادات على خلفية خطتها لتخفيف إجراءات الإغلاق المفروضة جزئياً ابتداء من 11 مايو الجاري.

في المقابل، عاد مئات الآلاف من الطلبة إلى مدارسهم في ألمانيا، أمس، بعدما اضطروا إلى الاعتماد على التعلم عن بعد على مدار أسابيع. وتقتصر العودة في بعض الولايات على طلبة المراحل الذين لديهم اختبارات نهائية العام المقبل، إضافة إلى أعلى صفوف المرحلة الابتدائية.

وأعادت مدارس ثانوية وجامعات فتح أبوابها، أمس، في آيسلندا بعد سبعة أسابيع من الإغلاق.

وسيتلقى طلبة الثانويات المهنية، بشكل خاص، علومهم ضمن مجموعات صغيرة.

وفي هانوي، أعادت السلطات في جميع المقاطعات الـ 63 في فيتنام فتح المدارس أمس، بعد غلق استمر أكثر من 3 أشهر، بينما أعلنت كوريا الجنوبية، أمس، خططاً لاستئناف الدراسة في المدارس الأسبوع المقبل.

أميركا تفتح

وفي الولايات المتحدة، الدولة الأكثر تضرراً بالوباء مع نحو 70 ألف وفاة، بدأ ثلثا الولايات الخمسين (نحو 40 ولاية) استئناف الأعمال أو الاستعداد لرفع إجراءات العزل بهدف إنعاش الاقتصاد.

وفي مقابلته مع «فوكس نيوز» أمس الأول، توقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يصل عدد الوفيات في البلاد إلى «100 ألف» موضحاً أنه «من دون إجراءات العزل فإن هذا الرقم كان سيفوق 2.2 مليون».

وأراد ترامب أن يعطي نفحة تفاؤل في أوج السنة الانتخابية بشأن موعد إنهاء الوباء الذي يشل اقتصاد العالم. وأوضح: «الأطباء سيقولون: يجب عدم قول ذلك لكن «نعتقد أننا سنحصل على لقاح بحلول نهاية العام».

ورداً على سؤال عما سيكون عليه رد فعله إذا ما اكتشفت دولة أخرى لقاحاً قبل الولايات المتحدة، أجاب ترامب: «لا أبالي. أريد فقط الحصول على لقاح ناجح. إذا كانت دولة أخرى هي التي ستجد اللقاح سأرفع قبعتي».

وعلق وزير الصحة الألماني ينس شبان: «سأكون مسروراً لو كان الأمر ممكناً خلال أشهر، لكن أعتقد أن علينا أن نكون واقعيين، الأمر قد يتطلب سنوات لأن الخيبات ممكنة، شهدنا ذلك مع لقاحات أخرى».

من ناحيته، أكد مدير مختبر «جلعاد» الأميركي دانيال أوداي، أن واشنطن لن تعوق تصدير عقار «رمديسيفير» الذي سرّع شفاء مصابين بالفيروس. وقال أوداي: «أظن أننا في تناغم مع الحكومة الأميركية لخدمة المرضى هنا في الولايات المتحدة وكذلك المرضى في الدول الأخرى حول العالم».

جونسون

وفي لندن، من المقرّر أن يطرح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأحد المقبل خطته لتخفيف الإغلاق، مع مناقشة ضوابط جديدة حول كيفية المحافظة على التباعد الاجتماعي في أماكن العمل.

وستخضع تدابير الحجر الصحي التي فرضت في أواخر مارس للمراجعة بعد غد في بريطانيا، إحدى الدول الأكثر تضرراً، لكن الحكومة أعلنت بالفعل أنّ الإجراءات سيتم تخفيفها لكن تدريجياً.

وتتضمن الإجراءات الجديدة التي تم وضعها مع رؤساء الشركات والنقابات العمالية، تشجيعاً للعاملين في المكاتب على البقاء في منازلهم عدة أشهر لتجنب إرهاق نظام النقل.

لكن في الأماكن التي تتطلب حضوراً للموظفين، سيتم حضّ الشركات على تقليص الدوامات، ومنع مشاركة المكاتب والأدوات المكتبية بين أشخاص مختلفين وتعزيز تدابير النظافة وإبقاء مقاصف الموظفين مغلقة وتقليل عدد الأشخاص في المصاعد.

ومن بين الضوابط الجديدة، فرض حماية عمال المتاجر أو فروع المصارف المتعاملين مع العملاء بشاشات بلاستيكية، رغم عدم وجود تفاصيل حول نوع معدات الحماية التي قد يحتاج إليها الموظفون الآخرون.

غير أن الحفاظ على هذا التباعد الاجتماعي أثناء إعادة تشغيل الاقتصاد سيؤدي لحدوث مشاكل كبيرة.

وقال الرئيس التنفيذي لمطار هيثرو بلندن جون هولاند كاي هذه الضوابط «لن تنفع في مجال الطيران أو أي شكل آخر من وسائل النقل العام. المشكلة ليست في الطائرة بل في نقص المساحة في المطار».

وكتب في صحيفة «ديلي تليغراف»، أمس، أن «طائرة جامبو واحدة فقط ستحتاج إلى طابور طوله كيلومتر».

وفي الهند، قال مسؤولون، إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع امس، لتفريق عمال وافدين من الأرياف والقرى والبلدات خلال اشتباكات نشبت بين الطرفين في ولاية جوغارات غرب البلاد مع تخفيف السلطات لأحد أكثر إجراءات العزل العام صرامة في العالم.

الاتحاد الأوروبي يخالف جونسون: بريطانيا لم تبلغ الذروة

قالت رئيسة المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها أندريا آمون، أمس، إن بريطانيا واحدة من خمس دول أوروبية لم تبلغ بعد ذروة التفشي، وهو ما يناقض الخط الذي تنتهجه الحكومة البريطانية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي عاد إلى عمله الأسبوع الماضي بعدما مرض بشدة بسبب إصابته بالفيروس، الخميس الماضي، إن بريطانيا تجاوزت ذروة التفشي وهي الآن على منحدر الانخفاض.

وقالت آمون لنواب البرلمان الأوروبي، إن بلغاريا ما زالت تشهد زيادة في الحالات، ولم يشهد المركز تغيرا كبيرا على مدى 14 يوما في بريطانيا وبولندا ورومانيا والسويد.