وسط ترقّب لعقد البرلمان العراقي جلسة استثنائية للتصويت على تشكيلة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي الحكومية، خرجت حشود من سكان محافظة واسط العراقية في تظاهرة ليلية، الأحد - الاثنين، للتعبير عن رفضهم لمواقف القوى السياسية المعرقلة للحكومة الجديدة.

ورفع المتظاهرون شعارات منددة بتلك القوى، وقالوا إن هدفها الرئيس هو انتزاع حصص وزارية، متوعدين بالتحضير لمسيرة مليونية قريبا صوب المنطقة الخضراء في بغداد 10 الجاري.

Ad

وتواردت أنباء عن وجود رغبة غير معلنة لكتل عدة، بعدم تمرير الكاظمي والإبقاء على الوضع الحالي، لكنّ هذه الكتل تخفي ذلك، لعلمها المسبق بردّة فعل الشارع على خطوة كهذه.

وكشف مصدر سياسي، أمس، أن "الخلافات بين القوى السياسية ورئيس الوزراء المكلف لا تزال قائمة، ولم تصل إلى مرحلة الاتفاق النهائي، بسبب بعض الحقائب الوزارية ومرشحيها".

وأكد أن الكاظمي "لا يزال يصرّ على تشكيلته بنسختها الأخيرة، لا سيما أنها مرّت على هيئتي النزاهة والمساءلة والعدالة، والقيد الجنائي، مما يعني أنها باتت مستوفية من الناحية القانونية"، مشيراً إلى أنه "يسعى الآن لحلّ الخلافات حول شخصه أو برنامجه الحكومي، بل حول بعض الأسماء المرشحة للتوزير".

ورأى أحد النواب أن "الاحتمال الأكبر هو تمرير الحكومة منقوصة، أي برفض التصويت على بعض الوزارات في حال استمر الخلاف، بمعنى أن التصويت لن يكون عليها بسلّة واحدة، بل سيجري على وزير تلو آخر، بعد إقرار البرنامج الحكومي".

وأوضح أن "هذا السيناريو يطرح فرضية مرور وزراء وإخفاق آخرين، في حال تكرار لتجربة حكومة حيدر العبادي في 2014، عندما تمّ رفض مرشحي وزارات عدة حينها، وتولّى الأخير إدارتها بشكل مؤقت، إلى حين الاتفاق سياسياً على أسماء جديدة وتقديمها للبرلمان في جلسة لاحقة، حيث جرى التصويت عليها".

وبينما تعهّدت الكتل السنية والكردية، إضافة إلى الكتل الشيعية بالحضور والتصويت لحكومة الكاظمي، انضم ائتلاف "الوطنية" بزعامة إياد علاوي إلى ائتلاف "دولة القانون" برئاسة نوري المالكي وكتلة سند إلى مقاطعة جلسة البرلمان المرتقبة وعدم منح الثقة لحكومة الكاظمي.

«العصائب»

من جهة أخرى، توعدت "حركة عصائب أهل الحق"، أمس الأول، مجدداً بإخراج القوات الأميركية من العراق، مؤكدة ثبات موقفها الرافض لوجود "الاحتلال وحلفائه".

واعتبرت الحركة المدعومة إيران، في بيان بمناسبة الذكرى الـ 17 لتأسيسها، أن "بقاء الاحتلال الأميركي في العراق مخالف لقرار البرلمان الذي طالب فيه بالخروج فوراً، مؤكدة أن واشنطن "متوهمة أن الفوضى السياسية والاختراق الاجتماعي الذي قامت به، قد يغيّر من قناعة العراقيين، أو أن دعمها لجماعات الإرهاب سيضطرهم إلى الاستنجاد بها وطلب المساعدة منها وبقاء قواتها".

وختمت الحركة بيانها بالقول: "نشدد على أهمية الاعتبار من التاريخ والاستفادة من الدروس وعدم الانخداع بالحرب النفسية والوقوف أمام الاختراق الاجتماعي الذي يقوم به العدو، والثقة بالنفس والاعتماد على قدرات أبناء شعبنا، وإننا نحن أحفاد أبطال ثورة العشرين، وهؤلاء الأحفاد عازمون اليوم أكثر من أي وقت مضى على إعادة أمجاد ثورة العشرين بثورة العشرين الثانية".

ورغم تفشي "كورونا"، أعلن المدير العام لتنسيق الشؤون الاقتصادية بمحافظة كرمانشاه غرب إيران، إعادة فتح معبرين حدوديين مع العراق بعد إغلاقهما لنحو شهرين.

هجمات «داعش»

في المقابل، ضاعف تنظيم "داعش" خلال الشهر الماضي هجماته ضد القوات الأمنية ومرافق الدولة في العراق، مستغلاً تفشي انسحاب القوات الأميركية الدولي والانقسام السياسي، لكن ذلك لا يعني العودة إلى سيناريو عام 2014، بحسب ما يؤكد محللون.

ورغم هزيمته نهاية عام 2017، بعد معارك دامية لأكثر من ثلاثة أعوام، مازالت فلول التنظيم قادرة على شنّ هجمات على القوات الأمنية في مناطق نائية بشمال وغرب العراق، الذي يسير بحكومة تصريف أعمال منذ خمسة أشهر، وقواته منشغلة بفرض حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا.

وليل الجمعة – السبت، تمكّن "داعش" من شن هجومه الأكثر دموية منذ أشهر ضد القوات العراقية، والأكثر تعقيداً لجهة تنظيمه، أسفر عن مقتل 10 من "الحشد الشعبي".

وفي حين تؤكد مصادر أمنية عدة أن التنظيم صعّد خلال الفترة الماضية هجماتهم المسلحة وبعبوات ناسفة وقذائف هاون ضد قوات الأمن في بعض القرى، أصبحت الهجمات شبه يومية، خصوصاً في المناطق الزراعية بمحافظة ديالى.

وكشف تقييم لوزارة الدفاع الأميركية العام الحالي، أن القوات العراقية لا تزال غير قادرة على الوصول للمعلومات الاستخباراتية واستخدامها بشكل كاف في الغارات ضد التنظيم بمفردها، أو تنفيذ العمليات في مناطق وعرة دون مساعدتها.

«أسود الصحراء»

إلى ذلك، أعلنت خلية الإعلام الأمني، أمس، انطلاق عملية "أسود الصحراء" بمشاركة قيادات عمليات الأنبار والجزيرة والحشد الشعبي غرب الأنبار وقطعات الحشد العشائري لملاحقة فلول "داعش" في مناطق وادي حوران والحسينيات والكعره وH2، ووادي الحلكوم، وصولا إلى الحدود الدولية من 9 محاور وبإسناد سلاح الجو.

وفي حين "تمكن لواء حشد حديثة من قتل 3 قياديين من داعش في منطقة المدهم، وفجّر عجلة تحمل عبوات ناسفة"، أعلنت قوات سورية الديمقراطية (قسد) استعادة أكبر سجون محافظة الحسكة بعد سيطرة عناصر التنظيم عليه في عملية عصيان واسعة النطاق، سببها نقل محتجزين من الجنسية العراقية إلى قاعدة عين الأسد تمهيداً لتسليمهم لبغداد.

ووفق المتحدث باسم "قسد"، فإن العناصر المحتجزة قاموا بالسيطرة بشكل كامل على السجن، وخلعوا أبواب المهاجع والممرات، مما استدعى تدخّل القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب، مؤكدا السيطرة على الوضع بإجراء مفاوضات مشتركة بين ممثلين عن قواتنا وقوات التحالف من جهة وعناصر داعش المحتجزين من جهة أخرى".

طهران

وحمل المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، أمس، الولايات المتحدة المسؤولية عن تصاعد عنف «داعش» في العراق خلال الأيام الماضية، مؤكداً أنها تحاول التهرب من ضغط الشعب، الذي يطالب بخروج القوات الأجنبية، من خلال تقوية التنظيم، وإيجاد مبررات للبقاء في العراق أو تأخير خروجها على الأقل.

وقال موسوي: «أميركا تريد القول إنها إذا لم تكن موجودة في العراق فإن الأمن لن يستتب فيه»، مشدداً على أن إيران تتابع عن قرب تطورات الساحة، وقلقة لعودة نشاط التنظيم.