رأى خبراء نفطيون أن أسعار النفط سوف تشهد تحسناً تدريجياً مع بداية العام المقبل لتعود إلى مستويات ما قبل أزمة وباء كورونا، معتبرين أن طريق تعافي الأسواق ليس معبداً بصعود سريع للأسعار.

وتزامناً مع بداية تطبيق اتفاق خفض الإنتاج في الأول من مايو الجاري، توقع الخبراء في تحقيق لـ "الجريدة" أن يبلغ سعر برميل النفط خلال العام المقبل نحو 65 دولاراً للبرميل وأن مستويات الأسعار خلال ما تبقى من العام الحالي سوف تبلغ نحو 35 دولاراً للبرميل.

Ad

وذكروا أن قرار منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" بخفض الإنتاج حوالي 10 ملايين برميل يومياً قد يساهم، إلى حد كبير، في دعم الأسعار المتدنية حالياً، فالمنظمة لا تملك الآن أي وسائل لتحقيق ارتفاع كبير في الأسعار بسبب حدة الأزمة الاقتصادية الحالية بمعنى أن أي تخفيض إضافي للإنتاج قد لا ينتج عنه تأثير إيجابي على الأسعار.

وأوضح الخبراء أن أسعار النفط التي تحقق التوازن للموازنات العامة لدول الخليج حتى يختفي العجز؛ تحتاج إلى سعر بين 75 و80 دولاراً للبرميل، وهذه الأسعار قد لا تتحقق خلال السنوات الثلاث المقبلة، لكن دول الخليج تقبل بأسعار تتراوح بين 65 و70 دولاراً للبرميل، إذ يعني ذلك تقلص العجوزات بدرجة كبيرة، وإليكم التفاصيل:

قال الخبير النفطي د. خالد بودي، إن هناك تجاوباً للأسواق مع خفض الإنتاج، إذ انتعشت الأسواق قليلاً مع بداية تنفيذ اتفاق "أوبك +" في الأول من مايو الجاري، فارتفع سعر خام برنت ليصل إلى حوالي 26 دولاراً للبرميل، محققاً زيادة بنسبة 15 في المئة عن مستواه السابق قبل تنفيذ الاتفاق.

وتوقع د. بودي تحسن الأسعار تدريجياً لتستقر حول 35 دولاراً للبرميل حتى نهاية العام الحالي، ورأى من الصعوبة بمكان أن ترتفع عن هذا المستوى حتى مع خفض إضافي للإنتاج بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا.

وأوضح أنه يمكن أن تميل الأسعار إلى التعافي مع بداية عام 2021 لتعود إلى مستوياتها السابقة حول 65 دولاراً للبرميل مع تحسن الأوضاع الاقتصادية.

تخفيض إضافي

وذكر أن قرار "أوبك بخفض الإنتاج بحوالي 10 ملايين برميل ساعد في دعم الأسعار إلى حد ما، مبيناً أن منظمة "أوبك" لا تملك الآن أي وسائل لتحقيق ارتفاع أكثر في الأسعار بسبب حدة الأزمة الاقتصادية الحالية بمعنى أن أي تخفيض إضافي للإنتاج قد لا ينتج عنه تأثير إيجابي على الأسعار.

وأوضح بودي أن أسعار النفط التي تحقق التوازن لموازنات دول الخليج حتى يختفي العجز تحتاج إلى سعر بين 75 و80 دولاراً للبرميل وهذه الأسعار قد لا تتحقق خلال السنوات الثلاث المقبلة، لكن دول الخليج تقبل بأسعار تتراوح بين 65 و70 دولاراً للبرميل حيث تتقلص العجوزات بدرجة كبيرة.

وبين أنه على المدى المتوسط والطويل لابد أن تتجه الكويت والدول الأخرى التي ليس لها مصادر دخل أخرى مستدامة إلى تنويع إيراداتها من خلال الدخول في الاستثمار المباشر بصناعات ومشاريع تتميز بنسب نمو عالية، وقطعت بعض الدول الخليجية شوطاً في هذا المجال لكننا في الكويت تأخرنا عن هذا الركب.

15 مليون برميل

وأفاد بأن صناعة النفط الصخري تواجه صعوبات حالياً بسبب التراجع الحاد في الأسعار، وقد تتعافى الصناعة مع تحسن أسعار النفط، موضحاً أنه في جميع الأحوال فإن النفط الصخري لا يشكل منافساً رئيسياً للنفط الخام لأن التوقعات بألا يتجاوز إنتاجه 15 مليون برميل يومياً في أفضل حالاته، ومن المتوقع أن يتراجع الإنتاج بعد ذلك بسبب قصر أعمار آبار النفط الصخري وتأثيرات عمليات إنتاجه السلبية على البيئة.

وأشار بودي إلى أن "أوبك +" تجاوزت موضوع معارضة المكسيك وليس هناك من عائق الآن أمام تنفيذ خفض الإنتاج النفطي.

بوادر تحسن

من جانبه، قال الخبير النفطي محمد الشطي، إن قاع الطلب ربما شهده شهر أبريل الماضي وقد يمتد حتى شهر مايو الجاري، قبل أن نشهد بوادر تحسن تدريجي في شهر يونيو في ضوء اتجاه العديد من الدول لتخفيف إجراءاتها المتخذة في حربها ضد فيروس كورونا، والعودة لفتح العديد من المتاجر ومحلات بيع الأغذية مع الحفاظ على إجراءات السلامة المتّبعة، وتعود هذه التخفيفات إلى مخاوف تلك الدول من تدهور اقتصادي، وهذا بلا شك يعني تعافياً في حركة النقل الداخلية أو الجوية والمصانع، بالتالي هي أخبار جيدة للاقتصاد والاستهلاك وللسوق.

وأضاف الشطي أن بعض تقديرات الصناعة تتوقع أن ينتهي عام 2020 بتسجيل الطلب العالمي تراجعاً بمقدار 9 ملايين برميل يومياً، بينما يشهد عام 2021 تعافياً قدره 6 ملايين برميل يومياً.

منصات الحفر

وأوضح أن ضعف أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة أسهم في خفض كبير في منصات الحفر وإعلان عدد من الشركات النفطية والخدماتية إفلاسها مع ارتفاع الديون، كذلك خفض كبير في خطط الإنفاق الرأسمالي، مما يعني خفض كبير في الإنتاج من خارج "أوبك"، وتشمل التقديرات 2 إلى 3 ملايين برميل يومياً من الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة، ومليون برميل يومياً من كندا، وتتوقع بعض المصادر أن تسجل الإمدادات من خارج "أوبك" تراجعاً خلال عام 2020 قريباً من 3 ملايين برميل يومياً.

وذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طرح العديد من الحلول لدعم صناعة النفط في الولايات المتحدة لكن معظمها غير عملية، ولم تلق رواجاً أو قبولاً، لكن الاقتراحات الذي تم تنفيذها هي السماح للشركات باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي لتخزين النفط، والاقتراح الذي مازالوا يعملون عليه هو تقديم القروض للشركات المتعثرة مقابل المشاركة فيها، وهو أيضاً اقتراح رفضته بعض الشركات النفطية.

حرب الأسعار

وأشار إلى أنه منذ شهر فبراير 2020 والمخزونات النفطية بأنواعها التجاري والعائم والاستراتيجي في ارتفاع وتراكم في أعقاب تراجع الطلب على النفط بسبب فيروس كورونا واستمرار المعروض في الارتفاع خصوصاً بعد بدء مرحلة التنافس في كسب أسواق فيما يعرف "حرب الأسعار"، لافتاً إلى أن المخزون العائم تم تقديره من بعض المصادر بـ 80 إلى 130 مليون برميل.

وقال الشطي إن ارتفاع المخزون يعتبر تحدياً مؤرقاً للأسواق ويضغط على الأسعار ويؤخر احتمالات الارتفاع إلى مستويات سابقة.

وبين أنه على الرغم من أن الصورة بدأت تتشكل ملامحها في السوق، فإن هناك العديد من التحديات سواء في الطلب أو العرض أو المخزون لكن التوقعات في العموم لمتوسط سعر نفط خام برنت حسب سيناريو الأساس يدور حول 35 دولاراً للبرميل للسنة المالية الحالية في أحسن الأحوال، وهو بلا شك ليس سعراً يوائم موازنات المنتجين على العموم، وقد بدأت بعض الحكومات النظر في موازناتها من خلال ترشيد الانفاق وإعادة النظر في الأولويات وتأخير بعض المشاريع والاقتراض من الأسواق.

وأشار إلى أن هناك دولاً تأثر إنتاجها بسبب وضع سياسي غير مستقر أو عقوبات أو حظر دولي ولديها القدرة على الإنتاج مره أخرى وفي مقدمتها ليبيا في المدى المنظور.

بارقة أمل

بدوره، قال نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة "عربي القابضة" حامد البسام، إن عودة الحياة إلى سابق عهدها وتشغيل المصافي النفطية بكامل قوتها والمصانع والسيارات والطائرات سوف يزيد الطلب على

النفط، معتبراً أن هناك بارقة أمل ظهرت من خلال تطمينات عالمية باكتشاف أدوية لعلاج مصابي جائحة كورونا، و"أعتقد أن الحياة الطبيعية ستعود بعد ثلاثة أشهر من الآن".

وأضاف البسام أن اتفاق خفض الإنتاج الجديد وتعميق كميات الخفض بشكل كبير للمرة الأولى في التاريخ يعتبر خطوة ممتازة في طريق سحب الفائض النفطي غير الطبيعي من الأسواق، التي كانت قد امتلأت بها خزانات معظم دول العالم حتى أنه تم بيع النفط بأسعار زهيدة خلال الفتره الماضية، لافتاً إلى أن معظم الدول المنتجة لم تتجه إلى خيار غلق الآبار لأنها عملية مكلفة جداً لأن البئر التي يتم إغلاقها لا تعطي الكمية الإنتاجية نفسها بعد فتحها مرة أخرى ويعتبر فتح البئر المغلقة تنقيباً جديداً عن النفط.

إغلاق الآبار

وذكر أن من مصلحة الدول المنتجة للنفط أن تظل تنتج ولو بكميات مخففة بدلاً من إغلاق الآبار، وهو ماتم فعلاً تحقيقه من خلال خفض إنتاج دول "أوبك +" والدول المنتجة الأخرى، مشيراً إلي أن الهدف المرجو لن يتحقق إلا بالالتزام بكميات الخفض المتفق عليها، ورأى أن كمية الخفض المتفق عليها قد لا تكفي لسحب المخزونات النفطية بشكل سريع.

وبين البسام أن "أوبك" دائماً تبدي التزاماً باتفاقاتها، مستطرداً أن هناك دولاً منتجة داخل الاتفاق قد لا تستجيب بشكل أكثر صرامة، وهناك أيضاً دولاً منتجة من خارج أوبك تقودها ميليشيات وتسيطر على آبار النفط في تلك الدول، مبيناً أن نتائج اتفاق خفض الإنتاج الذي بدأ أول مايو الجاري لن تظهر قبل شهرين من بداية تطبيق الاتفاق.

وقال إن المخزونات الأميركية الفائضة كانت فرصة ذهبية لكل الدول المستهلكة للنفط كي تقوم باستيراد كميات من النفط الأميركي بسعر زهيد.

وأضاف أن تشغيل مصانع الصين تحديداً بشكل كامل سوف يكون سبباً رئيسياً لارتفاع أسعار الخام بشكل يحقق توازن الأسواق والعودة إلى الأسعار العادلة، متوقعاً وصول النفط إلى سعر 30 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط، موضحاً أن كميات الخفض الحالية ربما تحتاج إلى المزيد من تعميق خفض الإنتاج كي تكون هناك نتائج مثمرة للاتفاق.

موازنات دول الخليج

وذكر أن سعر النفط الذي يحقق استقرار ميزانيات دول الخليج وخصوصاً الكويت هو سعر 50 دولاراً للبرميل، فنزول النفط عن هذا السعر قد يسبب عجوزات في الميزانية العامة للدولة.

ولفت إلى أن صناعة النفط الصخري سوف تتوقف لأنها لن تتحمل أسعاراً ما دون 30 دولاراً فترة طويلة مشدداً على ضرورة تغيير النمط الاقتصادي في الكويت كلياً إذ لا يمكن الاعتماد على تصدير النفط فقط.

وأفاد بـ"أننا نتحدث منذ زمن طويل عن ضرورة البحث عن طرق وقنوات استثمارية أخرى في القطاع النفطي لأن الاستثمار في هذا القطاع سيكون نتيجة بيع برميل النفط بما يفوق 100 دولار للبرميل بدلاً من بيعه بالأسعار الحالية، ضارباً المثل بالسعودية التي اهتمت بشكل كبير بالصناعات التحويلية واحتلت حالياً مكانة كبيرة في هذا المجال.

وشدد البسام أيضاً على أن التحول النوعي إلى الصناعات التحويلية يحتاج إلى قرار قوي كي تقطع البلاد خطوات واسعة في هذا المجال.