التركيبة السكانية بين «الحمار والبردعة»
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
وزاد الطين بلة ظهور مصطلح منذ سنوات هو "الشركات الوهمية". شركات ذات ترخيص "ملعوب به"، تستطيع جلب أعداد كبيرة من البشر، وبالذات العمالة الدنيا الفقيرة، ورميهم في الشارع مقابل أموال طائلة، فما هي الإجراءات التي اتخذت بحقهم؟ قامت السلطات الأمنية بتهديد العمال الذين جلبتهم تلك الشركات بالإبعاد الفوري، مع أنه لا ذنب لهم، دون أي اعتبار لكونهم ضحايا، وأن أوراقهم وإقاماتهم سليمة، أما الشركات الوهمية فأقصى ما يتم بحقها هو الإغلاق، ولا محاسبة لأصحابها، أو المسؤولين الذين ساهموا في ذلك. فهل سينتج عن هذا الضجيج "السكاني" أكثر من لوم لضحية، وتبرئة لجان، ونفض اليد من المسؤولية، بضرب الحلقة الأضعف، الوافدين، ويصرف النظر عن تجار إقامات، تجار بشر، وغاسلي أموال، وفاسدين، ومرتشين، ومتنفذين. إنها حكاية "الحمار والبردعة"، فحين لا تقدر على الحمار تلوم البردعة.إن التركيبة السكانية المهترئة ليست سبباً لما نراه، ولكنها نتيجة لسياسات مضى عليها زمن طويل من التغاضي عن تجار الإقامات، والمستفيدين من المسؤولين، وصرف النظر عن ممارسات الاتجار بالبشر، وعدم القدرة على تنفيذ الخطط التنموية. هي الخلاصة لنظام ريعي غير منتج.إن الإصلاح منظومة متكاملة، والتركيبة السكانية ليست إلا جزءاً منها، وحتى اللحظة، لا توجد هناك جدية في ذلك، دع عنك وجود الرغبة. أما إن وجدت فالطريق واضح ومكتوب وموضوع في الأدراج، انفضوا عنه الغبار ونفذوه، بلا صراخ ولا عويل ولا إهانة لكرامات البشر. ولا أظن أن يوجه فيروس كورونا البوصلة لاتجاه غير الذي اعتدناه؟