لم تكن مشكلة العمالة الهامشية، التي تزيد على مليون ونصف المليون عامل، قضية غير مُلحَّة للعديد من أصحاب الرأي والمختصين وبعض السياسيين، إذ إنها كانت قضية محل تنبيه مستمر بمخاطرها، وما جلبته من آثار وإسقاطات سلبية على المجتمع الكويتي. ولعل جائحة كورونا هي جرس الإنذار الأخير، الذي كشف واقعها المؤلم، لغياب الاعتبارات الإنسانية الأساسية لأسلوب معيشتهم، وتردي الكثير من أوضاعهم الحياتية، سواء بضعف مرتباتهم، أو طرق إسكانهم التكدسية، أو أساليب نقلهم المهينة والمحشورة، أو حتى معاملتهم من قبل أرباب العمل بما يتقارب مع حالة السُّخرة المحرَّمة ديناً وقانوناً.
لا شك لدينا أن أحوالهم غير الإنسانية تستوجب تحركاً حكومياً حاسماً وحازماً، ليس فقط في مواجهة المتاجرين بالإقامات، وهم جزء لا يُستهان به من المشكلة، بل لابد أن يطول ذلك، بأولوية وبإجراءات لا هوادة فيها، الشركات الكبرى والشركات والمؤسسات التي تستقدمهم، ويكون جشع الربح والتكسُّب على حسابهم هو همها الأول، بلا اعتبار لمصلحة الوطن وتركيبته السكانية وأمنه الاجتماعي والسياسي والأمني والثقافي والأخلاقي.فنظام تكديس العمالة، ووضع السُّخرة التي قد يخضعون لها، ونقلهم الجماعي المهين المماثل لنقل قطيع البهائم، ووضع إسكانهم المزري، جميعها ملفات لا تحتمل التهاون من الحكومة والمجلس، وصارت أولوية وطنية مُلحَّة، إذا تقاعست الحكومة عن حلها لنهاية عام ٢٠٢٠، فإنها ستجد موجات شعبية متعالية ومتوالية في مواجهتها، فأمن الوطن وسلامة المجتمع وأهله قضية مُلحَّة لا تحتمل المجاملة، ولا مزيداً من التهاون؛ خوفاً أو تنفيعاً أو عجزاً أو فساداً، فناقوس الخطر قُرع للوطن، وصم أسماع الجميع، بما يستوجب هبَّة وطنية لإنقاذ الوطن من انفجار للعمالة لا تُحمد عواقبه.ولعل الجانب الآخر، الذي يهدد أمن البلد واستقراره من قنبلة العمالة الهامشية وغيرها، هو الخلل المخيف في التركيبة السكانية، والذي جعل الأجانب في الكويت يماثلون أهلها بضعفين ونصف، أو بمعدل ٣ إلى ١، وهو خلل صاحبته ظاهرة مخيفة على الصعيد الوطني؛ أمنياً وسياسياً واجتماعياً، ألا وهي أن جنسيتين هما الهندية والمصرية كل منهما تقارب المليون، أي تعادل كل منهما منفردة عدد أهل البلد، بل إنهما تهيمنان وتتحكمان في معظم مفاصل المرافق والمؤسسات الحيوية بالدولة على نحو يشيب له الرأس، وكأن أبناء البلد تنقصهم الكفاءة والإمكانيات، مما يتطلب معالجة جراحية عاجلة لخفضهما، كل على انفراد، إلى حدود خُمس أعدادهما الحالية، مع ضرورة إنهاء وجودهما بالمرافق والمؤسسات الحيوية، فالوطن فوق كل اعتبار، مهما سيقت التبريرات أو تساقطت رؤوس أو شخصيات تتفنن في إتاحة تغلغلهم بمرافق ومؤسسات البلد الحيوية، مع التنبه لخطورة جاليتين أخريين، هما البنغال والفلبينيون، لأنهما المشكلة القادمة مع تعاظم أعدادهم سنوياً.باختصار، أمن الكويت الوطني؛ سياسياً واجتماعياً وثقافياً وأخلاقياً، بات يشكِّل مدخلاً جوهرياً في عدم التهاون مع الخلل المريع بالتركيبة السكانية، وعلى وجه الخصوص العمالة الهامشية، وليتم كشف الأقنعة عن المتنفذين والمستفيدين من الأشخاص والمؤسسات مع الوضع المؤذي لتركيبة البلد السكانية، ولتخمد أصوات مَنْ يخشى على إيجارات عقاراته أو تهاوي تجارته، أو مَنْ يروِّج للآثار الاقتصادية على البلد، لأن هؤلاء مطامعهم وغاياتهم شخصية، وقد دمروا البلد بمسلكهم وتدخلاتهم المستمرة للتأثير على مراكز القرار، لغض الطرف عنهم، واليوم أصبح لا خيار للوطن وأهله وأمنه إلا أن يدينهم، ويوقف محاولاتهم المشبوهة للتكسُّب على حساب البلد وأمنه، وليكن تعديل التركيبة السكانية أولوية الأولويات، لنكون بلد الإنسانية بحق، ولإعطاء المواطنين مكانتهم، وحفظ دورهم في بناء الوطن.
أخر كلام
العمالة الهامشية قنبلة موقوتة
06-05-2020