«الإيداعات»... كلاكيت ثاني مرة!
يتجادل عدد من النواب حول اللجنة البرلمانية، التي سيناط بها التحقيق في ملف تجارة الإقامات، وهي الجريمة المفجعة، التي ظهرت آثارها الكارثية خلال أزمة وباء كورونا المستمرة، وأصبحت قضية شعبية ملحة متابعتها، ومحاسبة المسؤولين عنها واجب وطني، آثم كل من يتخلى عنه أو يتهاون فيه.لن أذكّر بمصير لجنة التحقيق في الإيداعات المليونية، ولا بتقرير تقصي حقائق الغزو العراقي من قبلها، ولا بما بينهما من عشرات لجان التحقيق، التي دفنت بسرية في خزينة رئيس مجلس الأمة أو الأمين العام للمجلس، منذ عودة الحياة البرلمانية عام 1992 ، وغابت المحاسبة عنها لأن حقائقها وأسماء المتسببين أو المتورطين فيها لم تكشف للشعب، خصوصاً أن هناك تلميحات بأن هناك نواباً حاليين وسابقين متورطين في هذه القضية، أو حاولوا التوسط للإفراج عن متهمين في قضايا الاتجار بالإقامات، لذلك فإن أي تحقيق برلماني سينتهي بمواجهات لفظية وبدنية في قاعة عبدالله السالم ستمنع الكشف عن المدانين في جريمة الإقامات ومَن سهّل لهم ذلك بنفوذه وسطوته.
البديل الحقيقي هو إنشاء لجنة وطنية للتحقيق في تجارة الإقامات، عبر قانون يصدر من المجلس، يتم من خلاله تعيين أعضائها بالقرعة من مجموعة قضاة من السلطة القضائية وأساتذة كلية الحقوق في جامعة الكويت، وتحدد لها ميزانية لمرة واحدة، ولمدة ٦ أشهر، لإنجاز تقريرها الذي تكون جميع أجزائه علنية، وكذلك توصياتها، على أن يكون تدقيق ميزانيتها ومصروفاتها من ديوان المحاسبة، وتنتخب اللجنة رئيسها ونائبه، وهما غير قابلين للعزل.اللجان الوطنية للتحقيق في قضايا كبرى معمول بها في أكثر من نظام ديمقراطي، وتقدم تقاريرها للشعب مباشرة، عبر منابر البرلمانات أو المؤتمرات الصحافية العلنية والمباشرة.بالتأكيد أن تجاربنا المريرة مع لجان التحقيق البرلمانية، وصعوبة مكاشفتها للشعب بحقائق نتائج تحقيقاتها، ستتكرر لو تم تكليف لجنة برلمانية بالتحقيق في جرائم تجارة الإقامات، وسينتهي الأمر بصفقات سياسية تمنع كشف محتواه، كما حدث في تقرير تقصي حقائق الغزو أو بالمصارعة و"البوكسات" في القاعة وإغلاق الميكرفون، التي منعت كشف أصحاب الإيداعات المليونية من النواب، أو بنهاية الفصل التشريعي للبرلمان الحالي، الذي لم يتبق من عمره سوى أشهر قليلة!