غرقت الجمعيات التعاونية وفروع التموين والغاز، أمس، بطوفان بشري فرضته التدابير الحكومية المتعلقة بتطبيق الحظر الكلي اعتباراً من عصر اليوم، إذ شهدت المنافذ الاستهلاكية بكل فروعها ازدحاماً كبيراً في أعداد المتسوقين؛ فاق الطاقة الاستيعابية للجمعيات بأضعاف، ولم يستطع بعضها مواكبة هذا العدد الكبير، فاجتاحت موجات المستهلكين أرفف التعاونيات وأفرغت أكثرها من السلع، على الرغم من تأكيد التعاونيات ووزارة التجارة والصناعة توافر السلع الغذائية، ودعوة المستهلكين إلى عدم التهافت على التخزين.

أرتال المستهلكين امتدت طوابير على مد البصر في بعض الجمعيات بما فيها الفروع الصغيرة، وكان التكدس البشري الهائل والشره والمبالغة في عمليات التسوق والتبضّع القاسم المشترك بين الجمعيات، وعصف هذا المشهد بنظرية "التباعد الاجتماعي" ضارباً تعليمات السلطات الصحية في البلاد، الصادرة بهذا الصدد، بعرض الحائط، مما حضّ مجالس إدارة الجمعيات على الاستعانة برجال الداخلية لضبط المسألة وتنظيم عملية الدخول بالتعاون مع الشباب المتطوعين.

Ad

وتسبب إعلان الحكومة، ليل أمس الأول، الحظر الشامل، بزحمة صباحية إذ تسابق المواطنون والمقيمون على حجز "دور" في الجمعيات مع ساعات الصباح وقبيل انتهاء ساعات الحظر، إذ دبت الحركة قبل الثامنة، صباح أمس، في الطرق الرئيسة بشكل كبير، خصوصاً المؤدية إلى مراكز بيع الجملة في منطقة الشويخ التي تشهد منذ إعلان الحظر الجزئي زحاماً مرورياً يومياً أمام هذه المراكز.

"الجريدة" رصدت حالة الاختناق والازدحام التي انتابت، أمس، شتى المناطق السكنية إذ تجمع الناس في طوابير طويلة للدخول إلى الجمعيات أو الأسواق المركزية وفروع الغاز والتموين.

ازدحام الفروانية

وشهد السوق المركزي والفروع، وفرع التموين في جمعية الفروانية التعاونية زحاماً شديداً، أمس، تخللته طوابير انتظار امتدت حتى مسافات بعيدة.

وكان لافتاً عدم حرص الناس على التباعد الاجتماعي (الجسدي) بينهم إطلاقاً، وإن كان أغلبهم مرتدياً الكمام، وبدا واضحاً تذمّر عدد كبير من المراجعين بسبب فترة الانتظار الطويلة التي امتدت نحو ساعتين حتى يتمكن من الدخول إلى السوق في هذه الأجواء الحارة، علماً أنه لا توجد مظلات تحميهم من أشعة الشمس.

وشهد محيط جمعية الفروانية الرئيسية بعض السجالات بين المراجعين بسبب طلب بعضهم ترك مسافة بين الأشخاص وتحولت إلى تشابك بالأيدي، كما شهدت فروع البنوك وشركات الصرافة والصيدليات وفروع عدد من شركات الاتصالات زحاماً شديداً أيضاً، كذلك محطات الوقود.

لا تباعد

على صعيد متصل، شهدت جمعية العبدلي التعاونية ازدحاماً شديداً من المواطنين المقيمين في مزارعهم لشراء احتياجاتهم من المستلزمات العذائية خلال فترة الحظر الشامل التي تنطلق اليوم، لكن الجمعية فقدت السيطرة على الوضع الوقائي بسبب الازدحام الشديد.

ولم يلتزم الكثير من المواطنين بتوصيات وزارة الصحة بتطبيق قرار التباعد الجسدي وترك مسافة كافية مع الآخرين، بل اكتظت ممرات السوق المركزي إلى درجة بلغت الصعوبة في التحرك، ولم يترك المواطنون والمقيمون مسافة خلال عملية الدفع في نقاط البيع.

والتزمت الجمعية خلال عملية الدخول بفحص الحرارة للأشخاص الذين يدخلون فضلاً عن توزيع قفازات "غلفز" لهم وتعقيمهم قبل دخولهم التسوق.

وتذمرت مجموعة من المواطنين من إعلان موعد الحظر الشامل قبل 48 ساعة من فرضه، معتبرين أن هذا الأمر ساهم في ازدحام

الجمعيات التعاونية والفروع التموينية والغاز.

أزمة خانقة

وعانت مدينة جابر الأحمد أزمة خانقة، إذ تضم سوقاً مركزياً واحداً إلى جانب سوق مؤقت بشكل لا يتناسب مع كثافة السكان ومتطلباتهم واحتياجاتهم من المواد الغذائية والاستهلاكية هناك، كما شهدت جمعيات المناطق الأخرى ازدحاماً فور إعلان مجلس الوزراء الحظر الكلي، حيث شهدت جمعية جابر الأحمد إقبالاً كثيفاً من أهالي المنطقة.

وأمام بوابة الدخول كان التزام سكان المنطقة بالإجراءات الوقائية والاحترازية والحرص على التباعد هو المشهد السائد، حيث تم وضع أماكن محددة للرجال وأخرى للنساء.

واعتمد المنظمون في جمعية جابر الأحمد نظام عدم دخول أي مرتاد إلى السوق ما لم تخرج إحدى عربات التسوق، وضرورة حمله إثباتاً شخصياً لأنهم يتعاملون وفق آلية تسجيل الأسماء وبحسب الدور، إلى جانب التأكد من الالتزام بالكمام والقفازات الطبية وفحص درجة الحرارة وتعقيم اليدين، إضافة إلى عدم السماح بما لا يزيد على مرافق واحد كحد أقصى لكل عربة مشتريات نظراً إلى ضيق السوق.

أما داخل الجمعية فكان واضحاً حرص مرتادي السوق على أخذ أكبر كمية من المواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية، إذ كادت الأرفف تخلو بسبب كثافة عمليات الشراء، خصوصاً فيما يتعلق بقسم الخضراوات.

الملحمة والمسمكة

ولم يكن الإقبال فقط على السوق المركزي، إنما شمل معه أيضاً الملحمة والمسمكة المجاورتين، وزاد الإقبال على شراء اللحوم نظراً إلى هلع الناس، وفضّل الكثيرون من المشترين أخذ نصف ذبيحة للخروف المحلي كما ذكر أحد الجزارين، إذ تراوح سعرها ما بين 43 و45 ديناراً بحسب قرار وزارة التجارة، بينما اشترى آخرون الخروف المهجن لأنه أرخص.

وفيما يخص السمك أفاد أحد البائعين بأن إقبال الناس كان على الزبيدي والسيياس، أمس، مبيناً أن إغلاق أسواق السمك ساهمت في زيادة المبيعات.

وشهد مركز تموين جمعية النعيم في تيماء اكتظاظاً وانتظاراً من المواطنين منذ الصباح الباكر، وسط توافد العديد من قاطني المنطقة، ولم يلتزم العديد من الأشخاص بوسائل الوقاية الصحية والخوف من انتقال العدوى في ظل هذه الظروف التي تشهدها البلاد، وكانت أكثر الفئات الموجودة في الانتظار قرب مركز التموين هي شريحة كبار السن وعمال المنازل من الآسيويين.

قرار مفاجئ

من جانبهم، عبر مواطنون عن استيائهم من توقيت الإعلان عن الحظر الشامل، إذ قال المواطن سليمان علي، إن اتخاذ قرار الحظر الكلي بشكل مفاجئ تسبب بهذه الحالة من الهلع لأن الناس تريد التزود باحتياجاتها من التموين والمواد الغذائية لضمان وجودها لديهم خلال فترة الحظر، لافتاً إلى أن الحكومة كان يمكنها أن تعلن نيتها فرض حظر كامل قبل أسبوع ليتسنى للناس التسوق بهدوء وبلا حاجة للهلع نظراً إلى ضيق الوقت الحالي.

وأضاف علي أن القرار لو صدر بطريقة أفضل وتم الإعلان عنه قبل إقراره بفترة كافية لكان أفضل من مختلف النواحي، لاسيما أن وجود هذه التجمعات في الأسواق وفروع التموين بسبب قرب تطبيق الحظر أمر فيه خطورة ويمكن أن يساهم في نشر العدوى بين الناس.

من جانبه، قال حمد العلي، إن القرار وإن تم إعلانه بشكل سريع فإن الجميع كان يتوقعونه، وهذا جعل البعض يـخذ احتياطاته بالنسبة للتزود بالمواد الغذائية، وبحسب ما وصلني هناك إمكانية لحجز موعد وزيارة الجمعية لكل من يرغب مرة أسبوعياً، وهذا الأمر يساهم في حل مشكلة الحظر وعملية إعادة التزود بالمواد الغذائية، لافتاً إلى أن الإسراف في التخزين أمر لا داعي له.

رئيس جمعية هدية لـ الجريدة•: المخزون الاستراتيجي يكفي عاماً

قال رئيس جمعية هدية التعاونية د. عبدالله العتيبي، إنه لا داعي للخوف أو الهلع والوقوف والانتظار أمام الجمعيات لتخزين السلع مع توفرها داخل الجمعيات.

ولفت إلى أن المخزون الغذائي للجمعية يكفي ستة أشهر، كذلك لباقي الجمعيات التعاونية، مبيناً أن للجمعية مخزوناً استراتيجياً ثانوياً يدعم المخزون الرئيسي يكفي ستة أشهر أخرى، أي إن مخزون الجمعية يكفي عاماً.

وأضاف العتيبي لـ «الجريدة»، أن السلع الغذائية متوفرة، ويتم تطبيق الحجز السابق داخل الجمعية على فترتين، كذلك التموين يتم حجزه سابقاً، مبيناً أن الجمعية قادرة على تقديم خدمة التوصيل بعدد يقارب 20 سيارة على الفترتين الصباحية والمسائية. وأشار إلى أن الجمعية شهدت (صباح أمس) زحاماً نظراً إلى الشائعات التي انتشرت قبل قرار الحظر الشامل، مبيناً أن الزحام الذي حدث ناتج عن خوف الناس وخشيتهم، لكننا نؤكد أن الأمور في الجمعيات التعاونية طيبة، والسلع متوفرة ولا داعي للخوف أو الهلع.

وأكد أن الزحام سوف يستمر حتى يبدأ تطبيق قرار الحظر وتعود الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى داخل الجمعيات التعاونية بعدما يهدأ روع الناس وخوفهم.

من ناحيته، قال المواطن يوسف الشمري، "إن الجمعية شهدت عملية تكدس من الحضور، مما أدى إلى فوضى وغياب التنظيم.

وذكر الشمري أن قرار تطبيق الحظر الكلي جاء متأخراً، مشيراً إلى أن مدة 20 يوماً من الحظر الشامل تعتبر كافية.

بدوره، ذكر المواطن سعود الزمانان أنه "لا داعي للخوف فجميع المنتجات متوفرة"، لافتاً إلى أن الدولة وفرت جميع الاحتياجات فلمَ هذا الهلع؟!"

بينما أشار المواطن لهيب العدواني، إلى أن أغلب الناس أصابهم نوع من الهلع من قرار تطبيق الحظر الكلي، على الرغم من أن جميع الاحتياجات وفرتها الدولة"، لكن من المفترض أن يُعلن القرار قبل خمسة أيام على أقل تقدير كي يستعد المواطنون لهذا الحظر الشامل.

لا داعي للهلع

من ناحيته، طمأن نائب رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية خالد الهضيبان جموع المستهلكين من المواطنين والمقيمين بأن المخزون الاستراتيجي من السلع والمواد الغذائية في الجمعيات التعاونية ممتاز ويكفي فترات طويلة، داعياً إياهم إلى عدم الهلع أو التدافع والزحام داخل الأسواق والفروع التعاونية، لاسيما أن الأمور جيدة وتحت السيطرة.

وقال الهضيبان لـ"الجريدة"، إن مجلس الإدارة نظم مواعيد زيارة التعاونيات لتكون على فترتين صباحية من التاسعة صباحاً وحتى الثالثة عصراً، ومسائية من الثامنة مساء وحتى الثانية صباحاً، مشدداً على أنه سيتم منع الاصطفاف على أبواب الدخول، على أن يكون ذلك بـ"الباركود" فقط عبر النظام الآلي لحجز مواعيد التسوق المعتمد من وزارة التجارة.

فرعا الغاز والتموين

وذكر الهضيبان، أنه "فيما يخص فروع التموين فقد تقرر أن تكون مواعيد عملها على فترتين أيضاً، من 9 صباحاً حتى 2 ظهراً، ومن 8 مساء حتى منتصف الليل"، مشيراً إلى أن فروع الغاز مفتوحة أمام عموم المواطنين والمقيمين، إضافة إلى فروع الصيانة ولوازم العائلة المستمرة في تقديم خدماتها حسب مواعيد عمل التعاونيات المبينة سلفاً.

لقطات

حضور أمني

حرصت دوريات المرور على إغلاق بعض الطرق المؤدية مباشرة إلى سوق الجملة في الشويخ في محاولة للحد من الزحمة والفوضى وتنظيم الوضع.

ارتفاع الأسعار

لوحظ قيام بعض محلات بيع الجملة بزيادة أسعار بعض السلع الرمضانية الأساسية وأهمها المياه المعدنية و«الڤيمتو»!

زحمة كبيرة

الزحمة لم تقتصر على الجمعيات التعاونية وأسواق الجملة، بل وصلت إلى البنوك ومحطات البنزين ومحلات بيع الخضار داخل المناطق السكنية.