مثلما يعتقد الكثيرون أن الحكومة تأخرت في فرض الحظر الشامل، فإنني أعتقد وبشدة أنها تأخرت كثيراً في معالجة الوضع القانوني لجائحة كورونا وما يترتب عليها.وإذا كانت الحكومة تهدف إلى أن تبدأ الحياة بالعودة إلى طبيعتها بعد انتهاء فترة الحظر الشامل، فإن ذلك غير ممكن إذا لم تعالج الأوضاع القانونية وبشكل واضح ومعلن.
فما حدث- جلل- وآثاره خطيرة، فهناك الكثير من المستأجرين لم يدفعوا إيجاراتهم للملاك، وهنا لا نتحدث عن المساكن إنما بطبيعة الحال تمتد إلى الأنشطة التجارية، والأخطر من ذلك وضع العمالة في القطاع الخاص، فهناك شركات لم تستطع أن تدفع رواتب موظفيها أو دفعت جزءا منها، وبطبيعة الحال فإن لهذا الإجراء آثاراً يعرفها الجميع.لذا نعيد التأكيد على أن الحكومة يجب أن تتحرك بسرعة، فإن جاء تحركها متأخراً فهو أفضل من ألا يأتي، وبهذا الصدد وحتى يكون الأمر عمليا، فأنا أقترح تشكيل لجنة من خبراء قانونيين لوضع حلول تشريعية لكل ما نتج عن جائحة كورونا من إشكاليات، سواء إيجار العقار أو رواتب العمال أو وضع الشركات والتزاماتها تجاه المصارف أو غيرها، ومعالجة ما ترتب على إيقاف الأعمال في مرافق الدولة.يجب على الحكومة أن تبادر بتقديم تشريعات قانونية مقترحة واضحة وجاهزة لمجلس الأمة مع انتهاء الحظر الشامل إن كانت ترغب في عودة الحياة لوضعها الطبيعي في الكويت، وحتى لا تحدث أمور تعقد الأوضاع وهي معقدة أصلاً.فالناس في مواجهة القصور التشريعي أو العدل ستكون في مشكلة، فمالك العقار لن يصمت أو يقف متفرجاً حيال عدم تسلمه الأجرة، ولا الموظف يستطيع مواجهة أعباء الحياة بدون راتب.إن كانت فترة الحظر تعني توقف الحركة، فإن ذلك لا يعني توقف العقل والفكر، ومن الممكن كما ذكرت أعلاه تشكيل لجنة خبراء قانونيين، ومن الممكن أيضاً أن تبدأ اجتماعاتها إلكترونياً، وأنا على يقين من تمكن لجنة من الأكفاء القانونيين يمثلون جهات مختلفة من التوصل لاقتراحات في تشريعات قانونية، تعالج الإشكاليات القانونية حتى لا نقع في المحظور، وهو إصدار تشريعات متسرعة لا تغطي جميع جوانب الأزمة، مثلما حدث في تعديل نص المادة 17 مكرر المضافة لقانون المرافعات المدنية والتجارية، بمقتضى القانون رقم 5 لسنة 2020 الذي صدر وفيه قصور تشريعي.ولأن الوضع لا يحتمل فإنني ناصحة، وأتمنى أن نصدر التشريعات لتحقق العدل والاستقرار وبالسرعة اللازمة، فالتأخير هنا ليس عدلاً!
مقالات
الحظر لا يشمل العقل والفكر
12-05-2020