جرس إنذار... يجب أن نستيقظ
لاشك أننا نواجه ظروفا صعبة وخطيرة، سيكون لها آثار سلبية على الوضع الاقتصادي، فالاقتصاد قلب الدولة وروحها، نتمنى أن يكون في الحكومة والمجلس شخصيات رزينة وعاقلة، تستطيع أن تقترح حلولا تراعي مصلحة الدولة ومستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة، في مقدمة تلك الظروف جائحة كورونا وما نجم عن ذلك من انقطاع عن العمل سيبلغ 3 أشهر حتى نهاية مايو، وانخفاض أسعار النفط، وعجز في الميزانية قدرته الحكومة بـ9.2 مليارات دينار، ولجوء الحكومة إلى تغطية العجز عن طريق الدين، ورفض نيابي لقانون الدين، وإصرار حكومي على القانون وسيناقش في جلسة قادمة. وفي كلمة لصاحب السمو أمير البلاد قالها بمناسبة اقتراب العشر الأواخر، جاء فيها «إن هذه الجائحة تستوجب منا أخذ العبر والعظات منها، فهي امتحان رباني لقوة إيماننا وعزيمتنا ومدعاة لوحدة الصف والتلاحم، وأكد أن كويت الغد تواجه تحديا كبيرا وغير مسبوق يتمثل في الحفاظ على سلامة ومتانة اقتصادنا الوطني من الهزات الخارجية الناجمة عن هذا الوباء لاسيما الترجع الحاد في أسعار النفط وانخفاض قيم الأصول، مما سيؤثر سلبا على الملاءة المالية للدولة، لذا دعا الحكومة ومجلس الأمة إلى التكاتف والعمل على تطوير برنامج يرشد الإنفاق الحكومي ويضع الخطط لتقليل الاعتماد على النفط، وعلق رئيس مجلس الأمة على كلمة صاحب السمو قائلا «سموه كان يدق ناقوس الإنذار لما تواجهه البلاد في المستقبل في ظل تدني أسعار النفط والحاجة إلى تنويع مصادر الدخل وتهذيب السلوك الاستهلاكي والمالي».
نحن مع المجلس لا نريد أن نتحول إلى دولة مدينة تغرق في الديون، فلهذا المسلك عواقبه السلبية الضارة، قد يؤدي إلى انهيار الدولة، فكيف الخروج من المأزق؟ من خلال قراءة مشروع الميزانية للعام القادم يتضح أن الإنفاق الحكومي أعلى من الدخل. يقترح المجلس لتغطية العجز السحب من الاحتياطي وقد يكون هذا أخطر من الدين، إذاً كيف سنواجه العجز؟ وقد يتكرر هذا العجز في السنوات القادمة إذا استمر الإنفاق الحكومي على معدله، واعتماد الدولة على مصدر وحيد للدخل، الحل كما أشار صاحب السمو في خطابه والذي أيده فيه رئيس مجلس الأمة، يتمثل في ترشيد الإنفاق الحكومي وتقليل الاعتماد على مورد واحد للدخل.قد يكون السبب الرئيس في ارتفاع معدل الإنفاق الحكومي راجعا لتضخم باب الرواتب، حيث يستحوذ هذا الباب على %75 من الميزانية، وكان هذا مدعاة لانتقاد كثير من الأوساط الاقتصادية العالمية للكويت، فلو قارنا بين ميزانية الكويت عام 1990 نجدها تبلغ 3.5 مليارات دينار، أما الحالية فتبلغ 22.5 مليار دينار، تضاعفت أكثر من سبعة أضعاف، وكان أعضاء مجلس الأمة السبب الرئيس في ذلك التضخم. فقد طالبوا برفع الرواتب والأجور والمخصصات لتحقيق مكاسب انتخابية على حساب مستقبل الدولة والأجيال القادمة، كما كانوا يرفضون فرض الضرائب، أما اليوم ونحن نواجه خطورة تعرض الدولة للإفلاس والانهيار الاقتصادي فلابد من القبول بالمعالجات الحاسمة حتى لو كانت مُرة لإنقاذ الدولة.لا بد من إجراء دراسة عادلة لخفض الرواتب والأجور تبدأ بالأعلى، كما يجب فرض ضرائب وتسمية الأشياء بمسمياتها، فلا نسميها زكاة بل ضريبة دخل وضريبة استهلاكية لتوفير مورد آخر للميزانية غير النفط، وهو ما تقوم غالبية به دول العالم شعوبا وحكومات.