وجهة نظر: قطاع التأمين في قلب عاصفة «كورونا»
بادئ ذي بدء، وبعد مرور أكثر من ثلاثة شهور على مواصلة فيروس «كورونا» حصد الضحايا من إصابات و«قتلى» قارب عددها الأربعة ملايين في مختلف دول العالم، يجب التأكيد على أنه لا توجد شركة أو مؤسسة أو فرد إلا وناله شيء من الخسائر المالية، بسبب التوقف شبه التام للحياة الاقتصادية، وشركات التأمين جزء من هذه المنظومة الاقتصادية. وإذا كانت شركات التأمين تعتبر الملاذ الآمن في الظروف العادية، وتضمن تعويض خسائر عملائها، فإنه في ظل هذا التوقف القسري لأي نشاط اقتصادي، سيكون قطاع التأمين من أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً من وباء «كورونا»، خصوصاً الجانب المتعلق بالتأمين على الحياة. ولهذا نقول، إن من يتعامل مع وثائق التأمين على الحياة في السوق المحلي، يعرف جيداً أن أغلبية هذه الوثائق تغطي معظم حالات الوفاة، باستثناء الوفيات الناتجة عن الانتحار أو مرض نقص المناعة المكتسبة، هذا بالطبع إذا ثبت أن هاتين الحالتين كانتا السبب المباشر للوفاة.
وبناء عليه فإن شركات التأمين الكويتية التي أصدرت وثائق تأمين على الحياة، لم تستثن الأوبئة، ومن بينها وباء كورونا المستجد المسبب لمرض (كوفيد – 19)، ولهذا من المتوقع أن تتعرض هذه الشركات الى هزة شديدة وخسائر كبيرة في محافظ التأمينات على الحياة. وقد تمتد تلك الخسائر لتنتقل إلى «شفط» الودائع الخاصة بعقود التأمين المختلط والتأمينات المربوطة معها، والتي عادة ما تمنحها شركات التامين لعملائها من حاملي وثائق الحياة الاستثمارية، وقد يتبعها أيضاً أن يقوم عملاء التأمين على الحياة بتصفية وثائقهم التي تكون لها قيمة نقدية، أو طلب قروض مقابلها، خصوصاً إذا ما فقد الكثير من المؤمن عليهم وظائفهم، أو تعرض لخفض متوقع في مداخيلهم الشهرية، ومثل هذه التوقعات، إن تحققت، لا سمح الله، فإنها بالتأكيد سوف تكبد شركات التأمين خسائر فادحة أكبر بكثير من قدرة أي شركة تأمين محلية على مواجهتها. لقد جرت العادة أن تكون وثائق التأمين على الحياة ذات طبيعة استثمارية، ذلك بأن يكون عملاؤها قد حصلوا على ضمانات على ودائعهم المرتبطة أو المودعة مقابل هذه العقود، لتعود عليهم بفوائد وأرباح سنوية. وبما أن أغلب شركات التأمين تقوم باستثمار هذه الأموال المملوكة لعملائها، أو الخاصة بحملة الوثائق، في قنوات وصناديق استثمارية متنوعة بمختلف الأسواق العالمية، فإنه، في ظل الانهيار الاقتصادي أو الكساد العالمي المتوقع حدوثه نتيجة لتأثيرات وباء «كورونا»، سوف تكون شركات التأمين مقبلة على خسائر تفوق كل التقديرات التي ذكرها المراقبون أو المحللون الاقتصاديون. وقد تضطر هذه الشركات إلى عمليات سحب ضخمة من ودائعها، «الخاصة والعامة»، لتغطية هذه الخسائر المفاجئة، للنجاة من الإفلاس، أو قد تطلب من حاملي وثائقها المساهمة في إحياء وثائقهم في حال تعثرهم بسداد الأقساط، وهي عمليات سوف يخسر فيها حملة هذه الوثائق الكثير من مدخراتهم.والتعقيدات الحسابية لا تتوقف عند محاولة التعرف حجم الخسائر المتوقعة لشركات التأمين على المستوى العالمي، وليس على الشركات الكويتية فقط، بل إن هذه التعقيدات ومعادلاتها الحسابية سوف تتواصل لتصل إلى محاولة فهم كيفية معالجة هذه الخسائر في مؤسسة التأمينات الاجتماعية للمتقاعدين والمشتركين فيها، إذ إن عملية صرف رواتب المشتركين والمزايا الموازية التي يتمتعون بها، هي نتاج عوائد مالية كثيرة أهمها قنوات الاستثمار في المؤسسات المالية والبورصات وأسواق المال والتعامل بالأسهم والصكوك والمضاربات. كما أنها تمتد إلى المقترضين المتعاملين معها، وكذلك رسوم الاشتراكات الشهرية، وكل هذه الممارسات المالية والنشاطات التجارية مرتبطة بعمليات اكتوارية ومعادلات حسابية دقيقة أرجو أن يكون القائمون عليها على دراية تامة في كيفية لمعالجتها في الوقت المناسب.* رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بشركة غزال للتأمين