أكد الاستشاري النفسي، عضو مجلس إدارة جمعية علم النفس الكويتية، د. كاظم أبل، أن "الحظر الكلي أدى إلى انعزالية تامة للجميع، منها ما قد يؤدي إلى أعراض نفسية مثل الاكتئاب، وكذلك جوانب أخرى تتعلق بصعوبة التكيف مع الوضع القائم"، موضحا أن "الذين اعتادوا السفر والخروج من المنزل بشكل شبه دائم هم الأكثر تعرضا لحالات القلق والاكتئاب".وقال أبل في لقاء مع "الجريدة"، ان "حالات الاكتئاب والقلق المؤقتة تصيب من يعانون ضغوطات نفسية واقتصادية واجتماعية"، مشيرا إلى انه "يمكن التغلب عليها من خلال الانعزالية الإيجابية بممارسة الهوايات المحببة في المنزل، ومن خلال طلب المساعدة من الاستشاريين المتخصصين"... وفيما يلي اللقاء:
• ما الآثار السلبية التي ربما تعانيها بعض الأسر، بسبب الحظر الكلي؟- الحظر الكلي أدى إلى انعزالية تامة لجميع المواطنين، الذين التزموا بإرشادات وتعليمات الجهات المعنية، سواء وزارة الصحة أو الداخلية، أو غيرهما من الجهات ذات الصلة، وهنا أود أن أبين أن الانعزالية لها أكثر من جانب، الأول قد تؤدي الى أعراض نفسية مثل الاكتئاب، والوساوس الفكرية، أما الجانب الآخر المرتبط بالحظر الكلي، فأعتقد أن الانعزالية مفروضة علينا جميعا، وقد تعاني منها الأسر كبيرة العدد التي تسكن في شقة صغيرة، أو المقيمون في بعض مناطق البلاد، إذ يجدون صعوبة في عملية التكيف، وينتابهم الضيق والمعاناة من القلق والخوف من الخروج والبحث عن الطعام.أما الجانب الأكبر في موضوع الانعزالية بالنسبة للأسر التي تعيش حالة من الرفاهية وفي بيوت ذات مساحة واسعة ولديها حدائق وما شابه، فسيجدون أنفسهم أكثر قدرة على التكيف مع الحظر، في ظل توفير احتياجاتهم بسهولة، وعدم المعاناة من الوضع القائم.
الإنجاز داخل المنزل
• كيف يمكن أن تنعكس الانعزالية على سلوك الفرد في مثل هذه الظروف؟- الانعزالية قد يستسلم لها الفرد بشكل سلبي أو إيجابي، فهناك من يستغلها في الإنجاز داخل المنزل، خصوصا مع تأجيل مختلف الأمور الحياتية المعتادة، وتتمثل هذه الصورة الإيجابية في ظهور الإبداعات والمواهب في عدة جوانب، مثل القراءة، وممارسة الرياضة والهوايات المحببة، وتعلم الطبخ والترتيب وغيرها من الأنشطة التي تساهم في تغيير نمط الحياة اليومي.الانسجام العائلي
• ماذا عن حالة القلق التي تنتاب البعض بين فترة وأخرى حتى قبل ظهور وباء كورونا؟- في كثير من الأحيان يكون القلق ناتجا عن تأجيل الفرد أعماله المنزلية، وهذه فرصة جيدة لإنهائها وإنجازها، ولا ننسى ان الحظر الكلي والجلوس في المنزل مع الأسرة فرصة مناسبة للحوار والمناقشة والانسجام النفسي بين أفراد العائلة، لاسيما ان الكثير من الأسر في مجتمعنا تفتقد هذا الانسجام بسبب ضغوطات العمل وأعباء الحياة، وعلى الجميع ان يستفيد إيجابيا من حالة الانعزالية، وهذا بالطبع يرجع لاختيار الشخص ومدى تحمله الوضع الحالي.أمراض نفسية
• ما الفئات الأكثر عرضة لأمراض نفسية في الوقت الحاضر؟- الشعب الكويتي من الشعوب التي تعودت على السفر والحركة والاستمتاع بالحياة، لذا فإن أكثر الفئات تضرراً من الحظر والجلوس هذه الفترة في المنازل، هم الذين اعتادوا السفر، فضلا عن الأفراد الذين اعتادوا الخروج من المنزل بشكل شبه يومي إلى المجمعات التجارية والأسواق وغيرها من الأماكن الترفيهية، والذين لا يجلسون في المنزل وقتا طويلا في الأيام العادية.• ما أبرز الأمراض النفسية الناتجة عن الجلوس في المنزل فترة طويلة لمن لم يعتد على ذلك؟- لا أستطيع أن أصف أو أعطي طابع المرض نتيجة الجلوس في المنزل، لكن يمكنني القول ان الذين يعانون حالات الاكتئاب أو الوساوس أو القلق، هم أكثر من يتأثرون بالحظر ويحتاجون إلى المساعدة، لأن من يعاني في الأساس هذه الحالات ربما تزداد حالته النفسية سوءا إن لم يجد المساعدة المناسبة لتجاوز هذه المرحلة.الاكتئاب والقلق
• كيف يمكن التغلب على حالات الاكتئاب والقلق المؤقتة؟- القلق ظاهرة إنسانية، ويقال ان 75 في المئة من البشر يعانونها، خصوصا أولئك الذين يخضعون لضغوطات نفسية واقتصادية واجتماعية، فالشخص الذي يعاني القلق الناتج عن الحظر بإمكانه طلب المساعدة (أونلاين)، من بعض الاستشاريين المتخصصين، وهناك حلول أخرى يفضل اللجوء إليها مثل ممارسة هوايات معينة، مثل الرسم، والموسيقى، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، وقراءة القرآن الكريم والكتب، وغيرها، وبالنهاية الانسان هو من يختار لنفسه السعادة أو التعاسة.المشاجرات
• هل كثرة المشاجرات في اليومين الماضيين مرتبطة بالحظر؟- فترة السماح بممارسة الرياضة التي سمحت بها الجهات المختصة فرصة للتنفيس عن الكبت الذي يعانيه المواطن والمقيم بسبب الحظر.لكن غالبا في رمضان وتحديدا قبل الإفطار يزداد التوتر عند كثير من الناس نتيجة نقص كامل في الڤيتامينات المهمة التي يحتاج إليها جسم الإنسان، فيصبح البعض عصبيا جدا، لذا فإن السلوك العدواني وظاهرة المشاجرات وحوادث السيارات تكثر في رمضان ولا علاقة لها بالحظر.الانتحار نتيجة للاكتئاب المزمن والشعور باليأس
أكد د. كاظم أبل أن الانتحار هو نتيجة للاكتئاب المزمن، والشعور باليأس، وقد يكون من الأعراض التي يعانيها مريض الفصام (كمرض عقلي)، مضيفا: أما اضطرابات النوم والشعور بالخوف، فلا أعتقد أنها تؤدي إلى الانتحار.